إلى أين تتجه الحرب الروسية الأوكرانية؟

  • 3/4/2022
  • 01:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬تتسارع‭ ‬الأحداث‭ ‬فيها‭ ‬بوتيرة‭ ‬عالية‭ ‬سواء‭ ‬ميدانيا‭ ‬وعسكريا،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي‭ ‬والدولي،‭ ‬وأظن‭ ‬أن‭ ‬المفاجآت‭ ‬الكبيرة‭ ‬ستأتي‭ ‬لاحقًا،‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬الواضح‭ ‬حاليًا‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬ستتطور‭ ‬الحرب،‭ ‬وكيف،‭ ‬ومتى‭ ‬ستنتهي؟‭ ‬ولكن‭ ‬الواضح‭ ‬أنها‭ ‬ستشكل‭ ‬مفصلا‭ ‬تاريخيا،‭ ‬وسيكون‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬مختلفًا‭ ‬عمّا‭ ‬قبلها‭.‬ ومن‭ ‬المبكر‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تشكل‭ ‬نظام‭ ‬ثنائي‭ ‬القطبية،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬أيام‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬فبدايةً،‭ ‬النظام‭ ‬الأحادي‭ ‬القطبية‭ ‬بزعامة‭ ‬أمريكا‭ ‬بدأ‭ ‬يتزعزع‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2008‭. ‬بسبب‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وبسبب‭ ‬تدني‭ ‬قدرة‭ ‬وفاعلية‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ (‬خاصة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬ترامب،‭ ‬والذي‭ ‬قلّص‭ ‬حضور‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭)‬،‭ ‬وبسبب‭ ‬نمو‭ ‬قوى‭ ‬دولية‭ ‬جديدة،‭ ‬حيث‭ ‬استعادت‭ ‬روسيا‭ ‬عافيتها،‭ ‬وبرزت‭ ‬الصين‭ ‬كقطب‭ ‬اقتصادي‭/ ‬تكنولوجي‭ ‬ينافس‭ ‬وقد‭ ‬يتفوق‭ ‬على‭ ‬التفرد‭ ‬الأمريكي،‭ ‬كما‭ ‬ظهر‭ ‬تكتل‭ ‬البريكس‭ (‬روسيا،‭ ‬الصين،‭ ‬البرازيل،‭ ‬الهند،‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭).‬ وبناء‭ ‬على‭ ‬المعطيات‭ ‬السابقة‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬اللحظة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أي‭ ‬لحظة‭ ‬الأحادية‭ ‬القطبية،‭ ‬أوشكت‭ ‬على‭ ‬الانتهاء،‭ ‬وبدأ‭ ‬يتشكل‭ ‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬وهي‭ ‬صيغة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬تاريخيا،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الأقطاب‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬منافسة‭ ‬أو‭ ‬تهديد‭ ‬التفرد‭ ‬الأمريكي،‭ ‬فالدول‭ ‬الكبرى‭ ‬إمّا‭ ‬غير‭ ‬راغبة،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬دور‭ ‬بديل‭ ‬أو‭ ‬منافس‭ ‬لأمريكا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الفجوة‭ ‬الكبيرة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وهذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬والتكنولوجية‭.‬ وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يعيش‭ ‬مرحلة‭ ‬تحولت‭ ‬فيها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬الدولة‭ ‬العظمى‭ ‬والمهيمنة،‭ ‬إلى‭ ‬الدولة‭ ‬رقم‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬مريح‭ ‬بالقدر‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬سابقًا،‭ ‬وباتت‭ ‬تحتاج‭ ‬موافقة‭ ‬ومساعدة‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭.‬ لكن‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬ستعمل‭ ‬على‭ ‬خلخلة‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬باتجاهين‭: ‬الأول‭ ‬إضعاف‭ ‬روسيا‭ ‬بالقدر‭ ‬الذي‭ ‬ربما‭ ‬يخرجها‭ ‬من‭ ‬ساحة‭ ‬المنافسة‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها،‭ ‬وربما‭ ‬يرجعها‭ ‬ذلك‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬عليها‭ ‬ليست‭ ‬حبًا‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬فرصة‭ ‬أمريكا‭ ‬لإقصاء‭ ‬خصمها‭ ‬الأول‭.‬ والثاني،‭ ‬تعزيز‭ ‬دور‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬كلاعب‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية،‭ ‬وقد‭ ‬وجدت‭ ‬ألمانيا‭ ‬فرصتها‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬تزعم‭ ‬الاتحاد،‭ ‬ليس‭ ‬اقتصاديا‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬الآن،‭ ‬إنما‭ ‬عسكريا،‭ ‬حيث‭ ‬أعلنت‭ ‬تخصيص‭ ‬مائة‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لتعزيز‭ ‬قدراتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬2‭%‬‭ ‬من‭ ‬موازنتها‭ ‬السنوية،‭ ‬وهو‭ ‬مبلغ‭ ‬ضخم‭ ‬جدًا‭.. ‬ولهذا‭ ‬التوجه‭ ‬علاقة‭ ‬بضعف‭ ‬ثقة‭ ‬أوروبا‭ ‬بالدعم‭ ‬الأمريكي،‭ ‬والتي‭ ‬تضعضعت‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬حد‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬ترامب‭.‬ إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬فإن‭ ‬عناصر‭ ‬القوة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مقتصرة‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬العسكري‭ ‬والنووي،‭ ‬فقد‭ ‬دخلت‭ ‬عناصر‭ ‬قوة‭ ‬جديدة‭ ‬وحاسمة،‭ ‬أبرزها‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬والأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬والقوة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭ ‬فإن‭ ‬العولمة‭ ‬والتجارة‭ ‬الحرة‭ ‬أوجدتا‭ ‬ظاهرة‭ ‬التكاملية‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية؛‭ ‬فخسارة‭ ‬أحد‭ ‬الأقطاب‭ ‬الدولية‭ ‬تعد‭ ‬خسارة‭ ‬للقطب‭ ‬الآخر،‭ ‬خلافًا‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬سائدًا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬خسارة‭ ‬طرف‭ ‬تمثل‭ ‬كسبًا‭ ‬للآخر،‭ ‬فاليوم‭ ‬إذا‭ ‬تراجعت‭ ‬أمريكا‭ ‬اقتصاديا،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬هذا‭ ‬تقدمًا‭ ‬لمنافسيها،‭ ‬بل‭ ‬يعني‭ ‬خسائر‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬أوروبا،‭ ‬والصين،‭ ‬وروسيا،‭ ‬والهند،‭ ‬وحتى‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬الثالث،‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬بات‭ ‬مترابطًا‭ ‬ومتشابكًا‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬عادي،‭ ‬وكل‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬تعتبر‭ ‬سوقًا‭ ‬مهمًا‭ ‬وشريكًا‭ ‬تجاريا‭ ‬لبعضها‭ ‬بعضًا‭.‬ صحيح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتطلع‭ ‬إلى‭ ‬كسر‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وإلى‭ ‬بروز‭ ‬قوة‭ ‬تضع‭ ‬حدًا‭ ‬لجبروتها،‭ ‬وربما‭ ‬روسيا‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬لكن‭ ‬المهم‭ ‬تشكل‭ ‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب،‭ ‬شريطة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قائمًا‭ ‬على‭ ‬العدل،‭ ‬والكرامة،‭ ‬واحترام‭ ‬حق‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيرها،‭ ‬واحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.. ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يستبدل‭ ‬مستبد‭ ‬واحد‭ ‬بعدد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬المستبدين‭. ‬ ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬القائم،‭ ‬والذي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬التشكل‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬العدالة‭ ‬والمساواة‭ ‬والإنسانية،‭ ‬وهو‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬المصالح،‭ ‬ومنطق‭ ‬القوة،‭ ‬وبمعايير‭ ‬مزدوجة‭ ‬ونفعية‭.. ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬واضحًا‭ ‬في‭ ‬الهبّة‭ ‬العالمية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬ضد‭ ‬روسيا،‭ ‬وفي‭ ‬حجم‭ ‬ونوعية‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬عليها،‭ ‬فقد‭ ‬اجتمع‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬على‭ ‬الفور،‭ ‬كما‭ ‬اجتمع‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وكل‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬انتفضت‭ ‬فجأة،‭ ‬وتذكرت‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬مرفوض،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬لدولة‭ ‬أن‭ ‬تعتدي‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬ولا‭ ‬أن‭ ‬تتدخل‭ ‬في‭ ‬شؤونها‭ ‬الداخلية‭.. ‬فجأة‭ ‬تذكروا‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭!‬ خرج‭ ‬رؤساء‭ ‬أمريكا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬على‭ ‬الإعلام‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وعن‭ ‬العدالة‭ ‬والإنسانية‭! ‬متناسين‭ ‬ماضيهم‭ ‬الاستعماري‭ ‬المخزي،‭ ‬ومتناسين‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬دعمت‭ ‬ومولت‭ ‬عشرات‭ ‬الانقلابات،‭ ‬وغزت،‭ ‬واحتلت،‭ ‬واستباحت‭ ‬وهدمت‭ ‬دولاً،‭ ‬وقتلت‭ ‬وشردت‭ ‬الملايين‭.. ‬ومن‭ ‬قبلها‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا،‭ ‬ومعظم‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭.‬ وهذه‭ ‬الممارسات‭ ‬الإجرامية‭ ‬مازالت‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة،‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬المنافق‭ ‬يشاهد‭ ‬إسرائيل‭ ‬وهي‭ ‬تحتل‭ ‬الأرض،‭ ‬وتنتهك‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وتنتهك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬ولم‭ ‬يفعل‭ ‬معها‭ ‬واحدًا‭ ‬بالألف‭ ‬مما‭ ‬فعله‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭!‬ على‭ ‬أي‭ ‬حال،‭ ‬رغم‭ ‬كراهيتنا‭ ‬للحرب،‭ ‬وتعاطفنا‭ ‬الإنساني‭ ‬مع‭ ‬الضحايا،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬فرصة‭ ‬للإعلام‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والعربي‭ ‬الحر‭ ‬أن‭ ‬يطالب‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بمعاملة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وكل‭ ‬دولة‭ ‬تعتدي‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬بنفس‭ ‬المعايير،‭ ‬ولا‭ ‬نريد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭.‬ الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬لم‭ ‬تكشف‭ ‬فقط‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬الأمريكية‭ ‬والأوروبية،‭ ‬وغياب‭ ‬العدالة‭ ‬عن‭ ‬منطقها‭ ‬وسلوكها‭ ‬وسياساتها،‭ ‬بل‭ ‬كشفت‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬متورطة‭ ‬في‭ ‬نزعة‭ ‬عنصرية‭ ‬مقيتة‭.‬ وهو‭ ‬ما‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬اللاجئين،‭ ‬وظهر‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الإعلامي،‭ ‬فقد‭ ‬خرست‭ ‬كل‭ ‬الألسن‭ (‬من‭ ‬قادة‭ ‬ومسؤولين‭ ‬وصحفيين‭) ‬حين‭ ‬كان‭ ‬الغازي‭ ‬هي‭ ‬أمريكا‭ ‬وحلفاؤها،‭ ‬وحين‭ ‬كانت‭ ‬الضحايا‭ ‬من‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭!‬ فقد‭ ‬‮«‬صُدم‮»‬‭ ‬هؤلاء‭ ‬لأن‭ ‬الضحايا‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬أوروبيون،‭ ‬و‮«‬بيض‮»‬‭! ‬أما‭ ‬شعوب‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعراق‭ ‬وسورية‭ ‬وليبيا‭ ‬واليمن‭ ‬فلم‭ ‬تحرك‭ ‬ضمائرهم،‭ ‬ولم‭ ‬تهز‭ ‬مشاعرهم،‭ ‬ولم‭ ‬تدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬استحضار‭ ‬معايير‭ ‬العدالة‭ ‬والإنسانية‭!‬ حتى‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬ضد‭ ‬مسلمي‭ ‬البوسنة‭ (‬وهم‭ ‬ضحايا‭ ‬بيض‭ ‬وأوروبيون‭)‬،‭ ‬لم‭ ‬تتحرك‭ ‬أوروبا‭ ‬كما‭ ‬تحركت‭ ‬الآن،‭ ‬هل‭ ‬لأنهم‭ ‬مسلمون‭!‬ قد‭ ‬نتفهم‭ ‬حق‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أمنها‭ ‬القومي،‭ ‬وحق‭ ‬شعب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام،‭ ‬لكننا‭ ‬دومًا‭ ‬وأبدًا‭ ‬نظل‭ ‬نرفض‭ ‬الحرب‭ ‬وندينها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ،‭ ‬لأن‭ ‬الحرب‭ ‬أغبى‭ ‬ما‭ ‬اخترعه‭ ‬الإنسان،‭ ‬وأكثره‭ ‬وحشية‭.. ‬وهذه‭ ‬الحرب‭ ‬ضحاياها‭ ‬مدنيون‭ ‬وأبرياء،‭ ‬وحتى‭ ‬الجنود‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬المعارك‭ ‬الذين‭ ‬دُفعوا‭ ‬لها‭ ‬دفعًا‭ ‬هم‭ ‬أيضًا‭ ‬بشر،‭ ‬ولهم‭ ‬عائلات‭ ‬وأطفال‭ ‬ولهم‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬ {‭ ‬كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

مشاركة :