يشهد الشرق الأوسط والعالم موجة عاتية من الرياح الشديدة وهطول أمطار وسيول غزيرة، حيث شهدت منطقة الشرق الأوسط تغييرات مناخية غير مسبوقة وحالة من الطقس السيئ على مدى الأسبوع، تسببت في غرق العديد من الشوارع في عدد من المدن من السعودية والكويت حتى الإسكندرية والأردن ولبنان، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للأمطار والسيول التي عرقلت حركة السير وأصابتها بالشلل، ونتج عنها في بعض الحالات بجانب التلفيات خسائر بالغة، سواء فى البنى التحتية للمدن والمنشآت أو الأرواح، مع موجة غير مسبوقة من الأمطار الغزيرة التى لم يرها العالم خلال الـ٢٠٠ عام الماضية. شهدت عدة مدن فى المنطقة والعالم طقسا ومشاهد مماثلة للتي شهدتها مدن السعودية ومدينة الإسكندرية منها العاصمة اللبنانية بيروت التى تحولت طرقاتها إلى أنهار مائية، بعد أن غمرتها مياه أمطار غزيرة، وقام نشطاء «طلعت ريحتكم» بأنفسهم بجمع وفرز نفايات فى نهر بيروت جرفتها الأمطار الغزيرة. كما ضربت موجة من الأمطار عدة مناطق فى العراق، وتعطلت الدراسة الأسبوع الماضى بعد غرق العديد من الشوارع الرئيسية والفرعية فى معظم مناطق بغداد، فيما حولت الأمطار الغزيرة شوارع مدينة حلب فى سوريا إلى برك وبحيرات مائية. وفى الولايات المتحدة ضرب إعصار باتريشيا ولاية تكساس الأمريكية، وتسببت الأمطار الغزيرة فى حالة شلل تام بشوارع الولاية، فضلا عن حدوث فيضانات بسبب الإعصار الذى ضرب جنوب غرب المكسيك أيضا، ويقول ريان موى، الخبير الأمريكى فى الأرصاد، إن الساحل الشرقى من الولايات المتحدة يشهد كارثة حقيقة. بدورها حذرت إدارة الأرصاد الجوية التايلاندية سكان الأقاليم الجنوبية، التى تعانى بالفعل من فيضانات غامرة، من هبوب رياح قوية وهطول أمطار غزيرة، مع اقتراب وصول بقايا عاصفة جانجمى الاستوائية للمنطقة، كما أصدرت وزارة الوقاية من الكوارث والتخفيف من آثارها تحذيرات شديدة بشأن إمكانية حدوث انهيارات أرضية وأمواج عاتية وضربت أمطار غزيرة وفيضانات ٥ مخيمات تأوى نحو ٩٠ ألف لاجئ صحراوى فى منطقة تندوف بالجزائر، مما أحدث أضرارا كبيرة، وفقا للمفوضية العليا للاجئين فى الأمم المتحدة. وأودت الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة غربى إيران، بحياة ستة أشخاص على الأقل، فيما اعتبر آخر مفقودا حيث ضربت الفيضانات محافظتى «إيلام» و«لورستان»، اللتين شهدتا هطول أمطار غزيرة العام الجارى، وألحقت أضرارا جسيمة بالمنشآت. كما شهدت العديد من مدن المملكة العربية السعودية امطارا غزيرة وموجة ثلجية مصحوبة برياح شديدة تسببت بخسائر وتعطيل المدارس والمصالح ويعزو العلماء ذلك الطقس الكارثى إلى خلل فى ظاهرة النينو التى أدت إلى عواصف وأعاصير وبرد شديد وحر شديد خلال السنوات الماضية فى كل العالم. وظاهرة النينو: «مجموعة من التيارات المائية الدافئة تحفظها الرياح في القسم الغربي من الكرة الأرضية ومن ثم تنفلت هذه التيارات بسبب ضعف الرياح مسببة تغيرات مفاجئة في الطقس». وقد استطاع العديد من الخبراء في دول العالم المتقدم اكتشاف طرق تكنولوجية ابتكرتها الدول للحد من الخسائر التى تخلفها الفيضانات التى يتسبب فيها الطقس غير المتوقع، الأسفلت الذى يمتص الماء والذى قامت شركة «توبميكس» البريطانية باختراعه، وهو مصنوع من خرسانة مسامية يمكنها مص ما يصل إلى ٤٠٠٠ لتر من الماء فى أول ٦٠ ثانية، وبمعدل ٦٠٠ لتر فى الدقيقة الواحدة للمتر المربع، ويتم توصيلها مع شبكة الصرف التى ترتبط مع خزانات المياه الجوفية فى المدينة، وفى البرازيل تم ابتكار أنواع من المواد المصممة لامتصاص مياه الفيضانات والحفاظ على الطرق مفتوحة وآمنة أثناء هطول الأمطار الغزيرة، وفى أستراليا تم تطوير أنواع ذكية من بالوعات صرف المياه على الطرق، مزودة بأجهزة استشعار دقيقة للغاية يمكنها التنبؤ بالأمطار قبل هطولها وتحديد قوتها وحجمها، وبمجرد أن تبدأ فى الهطول تقوم البالوعات بفتح جزء منها من أجل تسريب المياه مباشرة وإغلاق نفسها مرة أخرى عند انتهاء فترة الأمطار، وربما تكون جاهزة للتداول خلال الأعوام المقبلة. وحبذا لو استفدنا من تجارب الآخرين وخبرتهم واختراعاتهم في مواجهة الامطار في بلادنا السعودية ودول الخليج والعالم العربي ووضعت خطة استراتيجية لكيفية التعامل مع المتغيرات المناخية.
مشاركة :