تلقّيت بأسى وحزن شديدين خبر رحيل الدكتور أحمد الخطيب الشخصية الوطنية الكويتية الكبيرة والمناضل العروبي البارز، الذي كرّس حياته من أجل تحقيق المشروع العربي النهضوي، وظلّ متمسّكاً به حتى آخر يوم من حياته، حالماً بوحدة الأمة العربية على أساس التحرّر السياسي والتنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية والديموقراطية بما يساعدها في التجدد الحضاري واللحاق بركب الأمم المتقدمة. اجتمعت في شخص الخطيب مزايا عديدة: أولها: إنسانيته الطافحة، وقد عبّر عنها من خلال عمله طبيباً وتعامله المتواضع مع الناس. ثانيها: قناعته بأهمية وحدة الحركة الوطنية التقدمية في الكويت، وهو ما عمل به طيلة حياته، سواءً حين كان نائباً أو في المعارضة. ثالثها: إيمانه الّلا محدود بحقوق الشعب العربي الفلسطيني العادلة والمشروعة، وقد ساهم في تأسيس «الجبهة العربية المشاركة للثورة الفلسطينية» بالتعاون مع الراحل كمال جنبلاط، وهو إيمان استمدّه من انخراطه المبكّر في تأسيس الحلقات الأولى لحركة القوميين العرب مع جورج حبش ووديع حدّاد وحامد الجبوري وهاني الهندي وآخرين. رابعها: إيمانه بالسلم والتضامن، فقد بادر لتأسيس «اللجنة الكويتية للسلم والتضامن» ونال عضوية مجلس السلم العالمي. خامسها: قناعته بدور الكلمة الحرة كوسيلة للتعبير عن تطلعات الشعب الكويتي والأمة العربية، لذلك بادر إلى تأسيس «صحيفة الطليعة» التي أدت دوراً تنويرياً تجاوز حدود الكويت وصولاً إلى العالم العربي. لقد جمعتنا والصديق أحمد الخطيب العديد من المناسبات، واستضافنا أكثر من مرّة في الكويت، وتبادلنا معه هموماً ومشاغل عربية وسبل مواجهة التحديات الخارجية والداخلية، فهو يمثّل أحد رموز الأمة العربية بما قدّمه في حياته الزاخرة بالعطاء العلمي والفكري والثقافي والسياسي، كصاحب رأي وموقف متميّز وشجاع. أشاطركم العزاء الحار في هذه المناسبة الحزينة، وأتمنى لكم شخصياً حياة خالية من المكاره والأحزان، خصوصاً وقد رافقتم الراحل سنوات طويلة، وأرجو أن تنقلوا عزائي الحار أيضاً لعائلته ورفاقه وأصدقائه، وأقول للجميع صبراً جميلاً. * باحث ومفكر عربي
مشاركة :