المغرب يكرس انفتاح صناعة السينما على رأس المال الأجنبي

  • 3/8/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

صادقت الحكومة المغربية على قانون يحدد شروط وإجراءات دعم إنتاج الأعمال السينمائية ورقمنة وتحديث وإنشاء صالات العرض وتنظيم المهرجانات مع توفير فرص العمل والخبرة للموارد البشرية المحلية العاملة بالقطاع. وتندرج الخطوة ضمن مقاربة جديدة للمغرب تستهدف الانفتاح بشكل أكبر على الاستثمارات الأجنبية وبالتالي دعم هذا النشاط لتحصيل عائدات أعلى مستقبلا وبشكل مستدام. ويقول صناع القرار المغربي إن هذه الاستراتيجية تسعى لتعزيز نشاط الشركات المحلية في قطاع السينما مع تقوية منظومة دعم الأفلام المغربية وتعزيز الاستثمار الأجنبي ودعم صورة البلاد كوجهة جاذبة في هذا المجال محمد بنسعيد: نريد تعزيز قدرات بلدنا في استقطاب الإنتاجات العالمية وأكد محمد بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل أن الهدف من المشروع هو زيادة الدعم المالي المقدم للإنتاج الأجنبي من 20 إلى 30 في المئة، على غرار بعض التجارب الدولية، وذلك تعزيزا لقدرات البلد في استقطاب الإنتاجات العالمية. وتتوقع الحكومة أن يرفع الإجراء من قيمة الاستثمار الأجنبي في هذه الصناعة والمساهمة في تحقيق طموح جذب واحدا في المئة من القيمة الإجمالية للاستثمارات العالمية، التي تقدر بنحو 30 مليار يورو بحلول 2025، ما سيعطي القطاع دفعة من ناحية الإنتاج وتوفير فرص العمل. واعتبر المخرج المغربي عبدالإله الجوهري، في تصريح لـ”العرب”، أن هذه الخطوة إيجابية في اتجاه جعل الإنتاجات عالمية تعود إلى المغرب بقوة. وقال إن “ذلك من شأنه أن يجعل هذه الإنتاجات تشتغل بحرية وبعيدا عن أي ضغوط، فضلا عن تشجيعها على اختيار وجهة المغرب بدل وجهات أخرى المنافسة كتركيا وتونس وهذا سيخدم الاقتصاد لا محالة”. ومن المرجح أن ينعكس توسيع دائرة الدعم الحكومي للإنتاج المحلي ليشمل كذلك مجال الإنتاج الأجنبي على الترويج لصورة المغرب عالميا، بالإضافة إلى نقل التجربة إلى السوق المغربية. وتظهر البيانات الرسمية أن مجموع الاستثمارات الأجنبية في القطاع بلغت في العام 2017 نحو 496.8 مليون درهم (نحو 50.3 مليون دولار). وتم رصد تلك الأموال في إطار إنتاج 27 فيلما طويلا وستة أفلام قصيرة وتسعة مسلسلات تلفزيونية و56 فيلما وثائقيا، بالإضافة إلى عدد من الأغاني المصورة والإعلانات والأفلام المؤسساتية. ومنذ 2018 وقت دخول بعض التدابير التحفيزية حيز التنفيذ، تلقت السلطات 30 طلبا للحصول على الدعم من شركات إنتاج من دول مختلفة، ليبلغ الاستثمار الأجنبي في المغرب أكثر من 1.5 مليار درهم (150 مليون دولار). عبدالإله الجوهري: الخطوة ستجعل الاستثمارات الخارجية تعود بقوة للقطاع ويؤكد إدريس الفينة المحلل الاقتصادي أن مجال الإنتاج الأجنبي للأعمال السينمائية وكل ما يرتبط بها من أنشطة يعرف اليوم تنافسا كبيرا بين عدد من المناطق الصاعدة في هذا المجال كدول أوروبا الشرقية ودول الشرق ودول المغرب العربي. وقال في تصريح لـ”العرب” إن بلده “رائد في هذا المجال وقد حقق تراكمات كبيرة سواء من حيث التجهيزات ومؤسسات التدريب والتأهيل المتخصصة”. ويعتقد الفينة، وهو أستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي في المغرب، أن الخطوة الأخيرة جيدة ولكنها غير كافية لتطوير القطاع. وبرر كلامه بأن كل التراكمات التي حققها المغرب في هذه الصناعة تحتاج لدعم أكبر أصلا، خاصة بعد أزمة الجائحة التي أثرت كثيرا على الاقتصاد المحلي ولاسيما السياحة التي هي في الأساس مرتبطة بهذا المجال. وشهدت البلاد منذ ثلاثينات القرن الماضي تصوير العديد من الأفلام مثل “الرجل الذي عرف أكثر من اللازم” الذي دارت أحداثه خلال عام 1954 بمدينتي مراكش والدار البيضاء وأيضا مشاهد من فيلم “لورنس العرب” في 1962 وصولا إلى مشاهد من الجزء الخامس لفيلم “مهمة مستحيلة” في 2014. أما أبرز الأعمال التلفزيونية الضخمة فكان تصوير مسلسل “مذكرات الشاب أنديانا جوزنز” بين عامي 1992 و1994 وكذلك الموسم الأول والثاني لمسلسل “صراع العروش” بين عامي 2011 و2021. إدريس الفينة: القرار جيد لكن يحتاج إلى دعم أكبر لدفع عجلة الصناعة ورغم فرص العمل التي سيوفرها القطاع والحركية الاقتصادية والمداخيل من العملة الصعبة، التي ستجنيها البلاد، إلا أن العاملين بالقطاع يرون أنه يجب توفير أماكن تصوير بمواصفات خاصة مع ضرورة وضعها رهن شارة المستثمر الأجنبي بأسعار مشجعة. وانسجاما مع هذه التحفيزات، هناك رغبة على أعلى مستوى للعناية بمشروع القرية السينمائية العالمية بورزازات، الذي تعطل لسنوات طويلة، كي يساهم في تحريك عجلة التنمية بالمدينة. وترى الحكومة أن الكل معني بذلك بهدف إيجاد مقاربة تشاركية لضمان حسن تأهيل هذا القطاع الحيوي وتطويره، وإعطاء صناعة السينما أفقا أوسع لجعل المغرب مركز استقطاب إقليمي ودولي لهذا المجال. وفي هذا المضمار توقع الفينة إنجاز استديو سينمائي يستجيب للمعايير الدولية على مستوى إقليم الرحامنة الذي يزخر بمؤهلات كبيرة في هذا المجال. وقال إن “هذه البنية الجديدة ستعزز جاذبية وتنافسية المغرب في مجال الإنتاج السينمائي ورائدا في هذا المجال”. ويتطلب جذب الاستثمار الأجنبي للقطاع توفير بنية تحتية متطورة للاتصالات باعتبارها أحد العوامل التي أشارت إليها الدراسات التي سبق إعدادها حول مشروع تنمية قطاع السينما مع ضرورة تقوية الربط الجوي والخدمات اللوجستية في المناطق المستهدفة للتصوير. وأكدت وزارة الاتصال أنها على استعداد لتوفير كل المقومات التي يحتاجها المستثمرون من بنى تحتية وإجراءات قانونية والترويج الملائم بما يجعل صناعة السينما “مرآة للهوية المغربية ومساهمة في تعزيز التنافسية للانتقال من الرصيد الكمي إلى الإنجاز النوعي”. وكانت الوزارة قد باشرت في وضع مشاريع نوعية على مستوى إصلاح القوانين بتجديد الإطار القانوني للمركز السينمائي المغربي. ويتمثل ذلك في مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المركز لتمكينه من الارتقاء بصناعة السينما وتنمية أنشطتها لكسب الرهانات المرتبطة بالاحترافية والتنافسية والتنظيم.

مشاركة :