الانفتاح الإقليمي على رأس المال الأجنبي

  • 4/12/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تيم فوكس * لم تكن السعودية وحيدة في السعي لاستقطاب تدفقات رأس المال الأجنبي؛ فالكويت التي تمت ترقيتها إلى سوق ناشئة ثانوية ضمن مؤشر «فوتسي» تعمل منذ مطلع العام على إحداث تغييرات تؤهلها لاكتساب التصنيف ضمن مؤشر «إم إس سي آي».في الوقت الذي تتصدر فيه أخبار الحمائية الدولية عناوين الصحف، تبدو المنطقة أكثر انفتاحاً على استقطاب رأس المال الأجنبي. وخلافاً للأسهم الأمريكية التي تراجعت قيمتها نتيجة احتدام التوترات التجارية بعد أن سجلت ارتفاعاً ملحوظاً إبان تسلّم دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة، تشهد أسهم المنطقة ارتفاعاً ثابتاً بفضل الإصلاحات الرامية إلى استقطاب المستثمرين الأجانب؛ حيث شهد مؤشر «تداول» ارتفاعاً بنسبة 10% منذ بداية العام حتى اليوم، فيما ارتفع مؤشر «سوق أبوظبي للأوراق المالية» بواقع 6,5%، ومؤشر الكويت بنسبة 3,5%. وفي المقابل، تسجل المؤشرات العالمية الرئيسية خسائر ملموسة مع تراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بواقع 2,5%، وكذلك مؤشري «داكس» و«نيكاي» بنسبة 5% حتى الآن. وفي أواخر الشهر الماضي، قررت مجموعة «فوتسي راسل» إدراج سوق الأسهم السعودية ضمن مؤشراتها للأسواق الناشئة الثانوية وسط توقعات بأن تستحوذ «تداول» على 2,7% من إجمالي قيمة المؤشر. وسيتم تطبيق القرار على خمس مراحل اعتباراً من مارس 2019، وقد يؤدي إلى تدفق نحو 5 مليارات دولار إلى السوق السعودية. ومن المتوقع أن تنضم «تداول» أيضاً إلى مؤشر «مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال» - وهو مزود عالمي آخر لمؤشرات أسواق المال- خلال يونيو 2018. وسيفضي تبنّي مؤشر «مورغان ستانلي» للخطوات ذاتها التي اعتمدها مؤشر «فوتسي» إلى تدفقات إضافية تصل إلى 10 مليارات دولار. ويشكل انضمام السوق السعودية إلى مؤشرات معتمدة على نطاق واسع تتويجاً لسلسلة من الإصلاحات التي شهدتها سوق رأس المال السعودية بين عامي 2016- 2018. وتضمن ذلك تبسيط عملية تسجيل الشركات الاستثمارية الأجنبية مع إجراء تغييرات في نموذج تسوية وحفظ أصول العملاء؛ ولعلّ التغيير الأهم تمثّل في تبدل التوجه الاقتصادي للمملكة وإبداء رغبتها في استقطاب رأس المال الأجنبي. وقد شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري تحوّل المستثمرين الأجانب إلى شراء الأسهم السعودية كل أسبوع منذ مطلع عام 2018، حيث اشتروا أسهماً بقيمة إجمالية بلغت 7,3 مليار ريال سعودي خلال الربع الأول من عام 2018.ولم تكن السعودية وحيدةً في السعي لاستقطاب تدفقات رأس المال الأجنبي؛ فالكويت التي تمت ترقيتها خلال شهر سبتمبر 2017 إلى سوق ناشئة ثانوية ضمن مؤشر «فوتسي» تعمل منذ مطلع عام 2018 على إحداث تغييرات تؤهلها لاكتساب التصنيف ذاته ضمن مؤشر «مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال». ومن المرجح أن يثمر قرار «فوتسي» عن تدفقات نقدية بقيمة تقارب 800 مليون دولار في سوق الأسهم الكويتية. وفي إطار هذه الإصلاحات، تم تقسيم سوق الكويت للأوراق المالية إلى 3 أقسام تضم السوق الرئيسية منها الشركات الأضخم والأكثر سيولة. وإضافة لذلك، كانت جميع المؤشرات مرجحة بالقيمة السوقية لتعكس أداء السوق بشكل أفضل. تجدر الإشارة إلى أن الفترة الفاصلة بين إعلان الانضمام والتطبيق الفعلي لذلك هي فترة إيجابية عموماً لأسواق الأسهم كونها تشهد تدفقات جيدة من المستثمرين النشيطين. واستقطبت قطر والإمارات تدفقات بقيمة 2,7 مليار دولار على مدار العام خلال الفترة التي سبقت إدراجهما على مؤشر «مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال لأسواق الأسهم الناشئة» خلال عام 2013. ولا تقتصر مزايا الإدراج في هذه المؤشرات على التدفقات الفورية قصيرة الأجل، وإنما تتعداها إلى استقطاب مجموعة جديدة من المستثمرين إلى الاقتصاد وغالبيتهم من المؤسسات المالية الكبرى. وفور شروعها في الاستثمار، تتجه تلك المؤسسات تدريجياً نحو إحداث تغييرات إيجابية على صعيد الشفافية ونظم حوكمة الشركات ومعايير إعداد التقارير المالية بما يفضي غالباً إلى خفض علاوات المخاطر وتحسن التقييمات على فترات زمنية أطول. ومع لجوء العديد من حكومات المنطقة إلى تطبيق هذه الإصلاحات بدافع من الحاجة إلى تنويع اقتصاداتها بعيداً عن الوقود الأحفوري، تشير وتيرة وحجم الخطوات التي تم اتخاذها حتى الآن إلى أن غالبية بلدان المنطقة تمضي في مسارات لا عودة عنها لفتح اقتصاداتها على مجموعة أوسع من الإصلاحات والمستثمرين الدوليين. وبينما نرى العديد من البلدان التي تعتبر منارات للتجارة الحرة تميل اليوم إلى الانكفاء على نفسها، تبشر المبادرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنتائج إيجابية لأسواقها والمستثمرين فيها. * رئيس الأبحاث وكبير الاقتصاديين لدى «الإمارات دبي الوطني»؛ بمساهمة من أديتيا بوغالي، مدير أبحاث الأسواق المالية في المجموعة

مشاركة :