مرة أخرى تُدق نواقيس الخطر لمؤسسة مالية تُعنى بتقاعد المواطنين العاملين في القطاع الخاص، فقد أكدت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية (أن الشروط والاستحقاقات الخاصة بالتقاعد المبكر الحالية تعتبر خطرًا على النظام في المستقبل حيث لا يُوجد حد أدنى لعمر التقاعد المبكر...)، (المدينة 11 نوفمبر). وكما هو حال المؤسسة العامة للتقاعد، فإن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تشكو من التقاعد المبكر، وتنادي بالحد منه عبر شروط إضافية لا تقل عن تلك المطبقة في المؤسسة العامة للتقاعد على موظفي القطاع الحكومي، ومن أهمها ألاّ يكون التقاعد مستحقًا قبل مرور 25 سنة على الخدمة. هكذا كُلٌّ يُغنِّي على ليلاه، مشكلة أن يتحوّل المتقاعد إلى مركز تكلفة مرهقة، في حين يُنظر للموظف على رأس العمل بصفته مصدر ربح مستمر لكلا المؤسستين. والود لو أن الموظف لا ينقطع أبدًا عن العمل حتى يوافيه الأجل. هي باختصار: مَن يَدفع لمَن! الموظف يدفع للمؤسسة التقاعدية طالما هو على رأس العمل، علم أم لم يعلم، شعر أم لم يشعر، في حين تدفع المؤسسة للمتقاعد حال تقاعده. وكُلٌّ يُحب أن يأخذ بلا عطاء إلاّ ما ندر. صحيح أن المؤسسة التقاعدية جهة اعتبارية تأخذ ثم تُعطي، لكن المسؤول عنها يهمّه في نهاية المطاف أن ينظر لمستقبلها، وألاّ يُفرِّط في مكنون الثقة فيها، فلا يأتي يوم تعجز فيه المؤسسة عن الوفاء بالتزاماتها، لأن العجز سينقلب بكل بساطة إلى كارثة على مئات الألوف من المستفيدين وعوائلهم المنتظرين لمستحقاتهم نهاية أو منتصف كل شهر. بقي سؤال مهم جدًا عن استثمارات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية! ما قوة هذه الاستثمارات؟ وما جدواها؟ ومن يصنع القرار بشأنها؟ كيف هي نسبة توزيعها بين الداخل والخارج؟ ما حجم الذي تبخَّر منها في كوارث الأسهم المتلاحقة؟ ما هي الخارطة التفصيلية لمستقبل أرصدة المؤسسة؟ كيف ستنمو؟ وكيف ستتآكل لا سمح الله؟ وهل مِن علاج مُبكِّر قبل فوات الأوان واستفحال الخطر؟! أيتها المؤسسة العريقة المؤتمنة على أموال عزيزة: هؤلاء عملاؤك الكرام، فلا تُخيِّبي توقعاتهم، ولا تقتلي أحلامهم، وكوني لهم عضدًا عندما تشيب لحاهم!! salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :