أعلنت السفارة الأميركية لدى ليبيا أن الأمم المتحدة ستشرع قريبا في إجراء مفاوضات عاجلة بين رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، الذي يتمسك ببقائه في المنصب، ورئيس الحكومة الليبية الجديدة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا، الذي يؤكد أن مسألة تسلم السلطة غير مطروحة للتفاوض، لحلّ الأزمة السياسية وتهدئة التوترات، والتباحث بشأن الاستعداد لإجراء انتخابات عامة في أقرب وقت ممكن. جاء ذلك في بيان نشرته السفارة الأميركية لدى ليبيا في وقت متأخر من مساء السبت عبر صفحتها على تويتر، عقب لقاء جمع السفير الأميركي ريتشارد نورلاند مع باشاغا. وأشاد نورلاند باستعداد باشاغا "للانخراط في مفاوضات عاجلة تيسرها الأمم المتحدة، بهدف التوصل إلى تفاهم سياسي مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة" وفق البيان. وحث البيان الطرفين على القيام بذلك بالطرق السلمية فقط دون اللجوء إلى العنف. وشدد على أن الانتخابات الحرة والنزيهة والشاملة هي الصيغة الوحيدة للاستقرار الدائم. وأوضح "في الوضع الحالي، مناصرة طرف ضدّ آخر، ليس خيارا مطروحا، والموقف الوحيد الذي يمكن اختياره بشكل مبرّر هو المفاوضات السلمية". وتتركز المفاوضات حول كيفية إدارة المراحل النهائية من فترة الحكم المؤقت هذه، والاستعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت ممكن، وفق البيان. ونقل البيان عن نورلاند "فهمه أنّ رئيس الوزراء الدبيبة مستعد للمشاركة في هذه المحادثات، وأن شكل ومكان المحادثات سيحددان من قبل الأطراف نفسها، بالتشاور مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين". وأكد أن "موقف الولايات المتحدة واضح. نحن نحترم حق الليبيين في تقرير مستقبلهم بأنفسهم، ونحثهم على القيام بذلك بالطرق السلمية فقط، دون اللجوء إلى العنف. ونعتقد أنّ الانتخابات الحرة والنزيهة والشاملة هي الصيغة الوحيدة للاستقرار الدائم". ومن شأن قبول الطرفين بوساطة أممية وخارجية، أن يجنبّ ليبيا سيناريو صدام مسلّح، كان على وشك أن يندلع قبل يومين بين عناصر مسلحة متنافسة كانت مستعدّة للمواجهة. لكن النزاع يتوقف على نتيجة تلك المفاوضات، حيث ينذر استمرار تصلّب مواقف الجانبين بعودة القتال، فيما يأمل الليبيون ومن ورائهم المجتمع الدولي، أن يحل الخلاف على السلطة والشرعية بين الرجلين، من خلال هذا الحوار وليس عن طريق القوة، وأن يصلا إلى توافق وتفاهم ينهي التوتر السياسي والعسكري في بلادهم. وتقف ليبيا اليوم أمام مفترق طرق خطير، بعدما كلف البرلمان باشاغا برئاسة حكومة جديدة، فيما لا يزال الدبيبة متمسكا بشرعية حكومته ويعارض فكرة تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة. وفي وقت سابق السبت، أفاد المكتب الإعلامي باسم الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا بأن الحكومة لا تملك حق التفاوض بشأن استلامها للسلطة في طرابلس، وأنها مكلفة باستلام مهامها بقوة القانون وفقا لقرارات السلطة التشريعية بالبلاد، المتمثلة في مجلس النواب، بالتوافق مع المجلس الأعلى الدولة. وأكد أنها تتعامل مع أي مساع دولية أو محلية من منطلق ضرورة احترامها للسيادة الليبية وما يصدر عنها من قرارات، وأن هذه المساعي من الدول الصديقة مرحب بها في إطار تسليم سلس للسلطة من الحكومة منتهية الولاية. وأشار إلى أن لا سبيل لحل جذري للأزمة الليبية إلا بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بآليات وآجال واضحة ومحددة، وقاعدة دستورية متوافق عليها. وتسعى العديد من الدول لإجراء وساطات بين باشاغا والدبيبة، بهدف التوصل إلى تسليم سلس للسلطة، إلا أن هذه الوساطات، المدعومة من قيادات اجتماعية وسياسية محلية، لم تتوصل إلا إلى اتفاق لوقف التصعيد العسكري. ووصل باشاغا إلى مدينة مصراتة (غرب) جوا بعد أيام على أدائه وحكومته القسم الدستوري أمام مجلس النواب، ورفض حكومة الدبيبة المنتهية ولايتها تسليم السلطة والتلويح بالحرب مع إغلاق الطريق الساحلي والاعتداء على وزارات والتحشيد العسكري. وتوصل الطرفان إلى اتفاق مبدئي على وقف التحشيدات العسكرية المتزايدة في العاصمة طرابلس وعودة الأرتال العسكرية إلى ثكناتها وتمركزها، وعدم الخوض في أي حروب بالعاصمة، وفتح المجال الجوي وتأمين حرية التنقل أمام المواطنين الليبيين. وشهدت العاصمة طرابلس الخميس تحشيدات عسكرية ضخمة لتأمين دخول الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا إلى العاصمة، واستنفارا مضادا من المجموعات المسلحة مختلفة الولاءات، والتي أثارت قلق البعثة الأممية والسفارة الأميركية ومنظمات حقوقية محلية ودولية أخرى.
مشاركة :