قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إن «الجوع» يهدّد موريتانيا بسبب الغلاء، الذي يجتاح العالم، مشيراً إلى ارتفاع أسعار القمح في الأسواق العالمية، إذ تعتمد موريتانيا بنسبة مهمة على القمح الأوكراني، الذي توقف بسبب الحرب التي تشنها عليها روسيا منذ أسابيع عدة. جاء ذلك خلال حديث ولد الغزواني ليل الخميس/الجمعة، حين اختتم زيارة عمل إلى إسبانيا بلقاء مع أفراد من الجالية الموريتانية في مدريد، تقدموا له بمطالب تتعلق بمنحهم عقارات ومنحاً مالية مع بعض الامتيازات، حين عودتهم إلى موريتانيا، وهي المطالب التي رد عليها ولد الغزواني بضرورة أن يكونوا «واقعيين». وقال ولد الغزواني، في حديثه مع الجالية، إنه يجب التوقف عن القول إن «موريتانيا بلد غني... فالحقيقة هي أن موريتانيا بلد فقير، حسب تصنيف الأمم المتحدة»، مشيراً إلى أن في موريتانيا أناساً مهددين بالموت جوعاً بسبب موجة الغلاء، التي تجتاح العالم، مبرزاً أن «المتسولين يتكاثرون عند إشارات المرور في شوارع نواكشوط بسبب الفقر». كما أوضح الرئيس الموريتاني أن في بلاده مناطق «لا يجد سكانها مياهاً للشرب، ويعيشون في الظلام بسبب غياب الكهرباء، كما تتكرر في المدن الكبيرة الانقطاعات الكهربائية، فكيف نقول إن دولتنا غنية، وليست بحاجة لأي شيء؟ هذا بعيد عن الواقع». وأكد ولد الغزواني أن حديثه «ليس سياسياً، ولا علاقة له بالانتخابات»، قبل أن يوضح أنه «كان بوده أن تكون موريتانيا دولة غنية، لكن للأسف ذلك ليس هو الحقيقة، مع أن هناك آفاقاً لتغيير هذا الوضع، أي أنه ليس مقدراً لنا أن نبقى دولة فقيرة»، على حد تعبيره. وجرى لقاء الرئيس الموريتاني مع أفراد الجالية بعيداً عن الإعلام، وكان الرئيس يتحدث فيه بصراحة غير معهودة، لكنه سرعان ما تسرب إلى وسائل التواصل الاجتماعي، لتبدأ موجة من ردود الفعل المتباينة، بين مَن رأى في حديث الرئيس «صراحة وصدقاً» مع الشعب، وآخرين رأوا فيه «اعترافاً بالفشل والعجز» عن تغيير الواقع الصعب. في هذا السياق، قال الرئيس السابق لحزب «تواصل» المعارض، محمد جميل منصور، إنه «لم يكن من عادة الرؤساء في هذه البلاد مثل هذه الصراحة»، قبل أن يضيف: «نحن فعلاً دولة فقيرة، ونعاني تحديات حقيقية ومتنوعة، ونحتاج إلى نهضة جدية تخرجنا من هذه الوضعية، والأمر ممكن ومتاح، خصوصاً مع الآفاق الاقتصادية المتوقعة». موضحاً أن «الفساد» هو السبب الرئيس، الذي عمّق الفقر في موريتانيا، حين «أفسد مشروعاتنا، وقلل من قيمة وأثر التمويلات الكثيرة التي وجدنا، وجعل إدارتنا عاجزة ومستعصية على الإصلاحات الضرورية». كما شدد على أن «حرباً حقيقية ومؤسسية ومتدرجة وملتزمة بالقانون على الفساد أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى». في المقابل، وجّه معارضو النظام انتقادات لاذعة لتصريحات الرئيس، إذ قال النائب البرلماني المعارض محمد الأمين ولد سيدي مولود إن «بلدنا ليس فقيراً، بل هو بلد مُفقّر، وكلام الرئيس عن الفقر دون تطرقه للفساد طرح غير مكتمل وغير مبرر!». وكان ولد الغزواني قد أسس منذ وصوله إلى الحكم وكالة لتقديم خدمات اجتماعية لصالح ما يسميه «الفئات الهشة»، أي لصالح الأسر الأكثر فقراً، في بلد يبلغ تعداد سكانه 4.5 مليون نسمة، قرابة نصفهم يعيشون في مناطق ريفية بعيدة عن المراكز الحضرية، وأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ ونقص الأمطار، وأغلبهم يعيشون تحت خط الفقر، وحولت هذه الوكالة مليارات من العملة المحلية منذ تأسيسها قبل عامين، على شكل رواتب لهذه الأسر الفقيرة.
مشاركة :