شكلت الأزمة الأوكرانية وما خلفته من ارتفاع في أسعار الطاقة فرصة مهمة للحكومة البحرينية لاستعادة توازنها المالي الذي اختل بشكل كبير في السنوات الأخيرة بفعل تذبذب أسعار النفط وجائحة فايروس كورونا. وأعرب وزير المالية البحريني الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة عن تفاؤل بلاده بتحقيق هدفها المتمثل في خلق توازن في الميزانية بحلول عام 2024. وقال الوزير في تصريحات للصحافيين نقلت وكالة بلومبرغ للأنباء مقتطفات منها الأحد “أنا متفائل بشأن تحقيق خطة التوازن المالي قبل الموعد المحدد”. وأضاف “إن ارتفاع أسعار النفط هو جزء من ذلك، والآخر هو أننا نشهد عودة النمو الاقتصادي بقوة والإيرادات غير النفطية هي جزء متزايد من مزيج إيراداتنا”. وتعاني البحرين من أزمة مالية كبيرة في ظل العجز المستمر لميزانيتها والارتفاع الكبير في نسب مديونيتها. وكانت الحكومة أقرت نهاية العام الماضي خطة لاستعادة التوازن المالي، تضمنت خمسة محاور عاجلة وتشمل إرجاء تحقيق هدف الحدّ من العجز في الموازنة لعامين حتى عام 2024 وزيادة ضريبة القيمة المضافة من خمسة في المئة إلى عشرة في المئة. الشيخ سلمان بن خليفة: أنا متفائل بشأن تحقيق التوازن المالي قبل الموعد المحدد وركزت الخطة على خفض الإنفاق عبر تقليص المصروفات التشغيلية للجهات الحكومية، وتعزيز كفاءة موازنات المشاريع، وضبط المصروفات المتعلقة بالقوى العاملة، وتعزيز كفاءة الدعم الحكومي المباشر لضمان وصوله إلى مستحقيه. ويعتبر الاقتصاد البحريني أحد أكثر اقتصاديات دول منطقة الخليج هشاشة، وقد تراكمت الديون على البحرين منذ صدمة أسعار النفط في منتصف 2014، وقد ساعدها برنامج إغاثة مالية خليجي بعشرة مليارات دولار على تفادي أزمة ائتمان في 2018. وتحتاج البحرين، وهي الأقل إنتاجا لجهة الموارد النفطية بين دول الخليج نحو 200 ألف برميل يوميا، إلى الكثير من المداخيل بهدف تعزيز ماليتها وسدّ عجز الموازنة المتزايد. ويقدر صندوق النقد الدولي أن البحرين تحتاج إلى أسعار نفط تبلغ نحو 107 دولارات للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها. وتملك البحرين حاليا حقلا واحدا للنفط، مع احتياطات تقدر بمئات الملايين من البراميل. ويبلغ إنتاجها نحو 50 ألف برميل يوميا، لكنها تشترك مع السعودية في حقل أبوسعفة الذي ينتج نحو 150 ألف برميل يوميا. وتخدم أسعار النفط الحالية أهداف البحرين المالية، ويرى المحللون أن الحكومة ستحرص على استغلال هذه الفرصة للقطع مع حالة الاستنزاف المستمرة لخزائنها. ويشير المراقبون إلى أن ما يحصل اليوم على صعيد أسواق الطاقة ينطبق عليه المثل القائل “مصائب قوم عند قوم فوائد”، ففيما تؤثر هذه الأسعار بشكل دراماتيكي على الدول المستهلكة للطاقة وتهدد اقتصادياتها بركود طويل، تجد القوى المنتجة نفسها في وضع مريح على غرار بلدان الخليج. ويقول المراقبون إن الأسعار الحالية تخدم دولا مثل السعودية والإمارات وقطر على تحقيق فوائض مهمة، وعلى الدفع قدما بمشاريعها الاقتصادية الطموحة، فيما تمثل الأسعار عاملا منقذا لدول مثل البحرين والكويت حيث أن الأخيرة تواجه بدورها أوضاعا مالية صعبة أدت إلى تآكل مخزونها النقدي الاحتياطي. وأطلقت روسيا منذ الرابع والعشرين من الشهر الماضي عملية عسكرية في أوكرانيا، أثارت ردود فعل غاضبة من الغرب الذي فرض حزمة عقوبات قاسية وغير مسبوقة على موسكو. ورغم بعض التصريحات المتفائلة التي يطلقها بعض الوسطاء عن قرب التوصل إلى توافقات بين موسكو وكييف، بيد أن متابعين يستبعدون حصول ذلك، ما يعني أن أزمة أسعار الطاقة ستستمر في الارتفاع، وستغذيها محاولات الدول الغربية توفير بدائل للتخلص من النفط والغاز الروسيين، لحرمان موسكو من عائدات مهمة، وزيادة حصارها، وجهود عزلها عن المنظومة الدولية.
مشاركة :