ماذا لو لم يُخفض المركزي المصري الجنيه ويرفع الفائدة؟

  • 3/23/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تشير البيانات والمعطيات القائمة إلى أن مصر من أكثر الدول تضرراً بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، إلا أن الإجراءات التي أعلنها البنك المركزي المصري سواء في ما يتعلق بتحريك أسعار الفائدة أو خفض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار ، من شأنها أن تعمل على تهدئة الأوضاع الداخلية وتدفع باتجاه السيطرة على معدلات التضخم التي تواصل الارتفاع منذ بداية العام الحالي. وبينما يردد البعض أن الإجراءات كانت قاسية وجاءت بشكل مفاجئ، غير أن الأحداث المتسارعة عالمياً والأزمات التي تواجهها مصر – وأغلبها مستوردة من الخارج - كانت كافية لأن يتحرك البنك المركزي بشكل سريع، وبالتوازي، تحركت الحكومة لتعلن عن خطة تحفيز جديدة بقيمة 130 مليار جنيه، وهي أعلى من قيمة الخطة التي أعلنتها في مارس 2020 لمواجهة تداعيات كورونا. على صعيد التضخم، وبخلاف النسب الرسمية التي يعلنها جهاز الإحصاء، فقد سجل مستويات قياسية، وخاصة في ما يتعلق بأسعار السلع التي تجاوزت الارتفاعات في بعضها مستوى 100%، وهو ما يشير إلى أن البلاد كانت مقبلة على موجة تضخم عنيفة وربما الدخول في دوامة الركود التضخمي. لكن تحريك أسعار الفائدة جاء في الوقت المناسب، وسيعمل على امتصاص جزء كبير من السيولة المتاحة في السوق المحلية، وهو ما حدث بالفعل، حيث تشير البيانات إلى أن شهادات الـ 18% جمعت نحو 51 مليار جنيه في أقل من 48 ساعة، بينما تشير التوقعات إلى أن هذه الشهادات سوف تسحب من السوق المحلية أكثر من 100 مليار جنيه خلال أسبوع. تداول الدولار بأقل من قيمته الحقيقية سبق أن حذرت بنوك استثمار وشركات استشارات من خطورة تداول الدولار بأقل من قيمته في السوق المصرية، وهو ما أشار إليه بنك "جي بي مورغان"، قبل أيام، مرجحاً أن تعاني المالية العامة لمصر، التي تواجه ضغوطا بالفعل، مزيداً من الضرر في ضوء ارتفاع أسعار السلع الأولية والغذاء والانخفاض المحتمل في أعداد السياح الروس. وأضاف: "نتوقع أن تكون هناك حاجة الآن على الأرجح إلى خفض سعر الصرف"، مقدرا أن الجنيه المصري حاليا أعلى من قيمته بأكثر من 15%. وطرح البنك الأميركي عدة سيناريوهات، الأول يتمثل في عدم خفض قيمة العملة، وسيناريو مشابه للفترة 2014-2015 عندما سمحت السلطات للعملة بالانخفاض بحوالي 5%، والثالث يتمثل في خفض أكبر في القيمة في إطار برنامج جديد مع صندوق النقد. ونتج عن تحليل السيناريو هذا انخفاض محتمل بنسبة 8.5% عن السعر الحالي مقابل الدولار الأميركي. مضيفا أن سعره المستهدف هو انخفاض العملة إلى 17.25 جنيه للدولار. وفي حال الاستقرار على سعر صرف في حدود 15.6 جنيه للدولار، من شأن ذلك عودة البنك المركزي إلى سياساته السابقة قبل التعويم واستمراره في دعم عملته المحلية على حساب احتياطي النقد الذي كان من المتوقع أن يتآكل خلال فترة قريبة، لكن من شأن خفض قيمة الجنيه تعزيز احتياطيات البلاد، وتعزيز تحويلات المصريين العاملين بالخارج التي سجلت مستويات قياسية خلال العام الماضي عند 31.5 مليار دولار. وفيما يتعلق بالتداعيات السلبية لهذه القرارات، سواء لناحية التضخم أو ارتفاعات الأسعار أو إضافة أعباء جديدة على الأسر المصرية، فمن شأن خطة التحفيز التي أعلنتها الحكومة سواء في ما يتعلق بزيادة الأجور والرواتب والمعاشات أو التوسع في برنامج تكافل وكرامة، أن يعمل على امتصاص جزء كبير من هذه التداعيات. الجنيه المصري وسط عملات الأسواق الناشئة وفق البيانات المتاحة، وبمقارنة العملة المصرية مع عملات الأسواق الناشئة، فقد تمكن الجنيه المصري من تحقيق مكاسب ضخمة خلال السنوات الخمس الماضية، حيث انخفض سعر صرف الدولار بنحو 20.2%، وهو ما يشير إلى مكاسب للعملة المصرية بلغت نحو 3.96 جنيه في كل دولار، حيث نزل سعر صرف الدولار من مستوى 19.6 جنيه وهو أعلى مستوى سجله الدولار مقابل الجنيه منذ قرار التعويم، إلى مستوى 15.64 جنيه قبل صدور القرارات الأخيرة. في المقابل، فقد سجلت الليرة التركية وهي إحدى عملات الأسواق الناشئة خسائر بلغت نسبتها 61.4%، ليربح الدولار نحو 9.06 ليرة بعدما قفز سعر صرفه من مستوى 5.69 ليرة في 2017 إلى نحو 14.75 ليرة في الوقت الحالي. كما فقد الروبل الروسي نحو 56.2% من قيمته بعدما قفز سعر صرف الدولار من مستوى 61.27 روبل في 2017 إلى نحو 140 روبل في الوقت الحالي. وربما كانت خسائر الروبية الهندية هي الأقل، حيث شهد الدولار الأميركي ارتفاعاً مقابل الروبية بنسبة 9.8% بعدما ارتفع سعر صرفه من 68.74 روبية في 2017 إلى نحو 76.20 روبية في الوقت الحالي. لكن الريال الإيراني كان الأكثر خسارة، حيث تكبد خسائر خلال السنوات الخمس الماضية بلغت نسبتها 78.25% بعدما قفز سعر صرف الدولار من مستوى 9200 ريال في 2017 إلى مستوى 42300 ريال في الوقت الحالي.

مشاركة :