ميكروب السل: 1.5 مليون ضحية سنوياً

  • 3/23/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في الرابع والعشرين من شهر مارس من كل عام، تقيم المنظمات والمؤسسات الوطنية والدولية، العاملة في مجال الصحة العامة، العديدَ من الفعاليات والأنشطة، بمناسبة حلول اليوم العالمي للسل (World Tuberculosis Day)، والذي يتزامن مع نفس يوم اكتشاف العالم الألماني الشهير «روبرت كوخ» للميكروب المسبب للمرض عام 1882، وهو الاكتشاف الذي مهد الطريق لتحقيق التشخيص السليم، وتطوير علاج قادر على تحقيق الشفاء. وتهدف هذه الفعاليات والأنشطة إلى زيادة الوعي بين العامة، بمدى فداحة هذا المرض على صحة الملايين من البشر، ووطأة تبعاته على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للحياة الإنسانية في العصر الحديث، سعياً نحو حث الجهود وزيادة الاستثمارات الضرورية لدحر هذا الوباء. ويعتبر ميكروب مرض السل من الميكروبات التي لازمت الجنس البشري منذ فجر التاريخ، حيث وجدت آثار المرض في بقايا عظام إنسان الكهف، وفي العمود الفقري لمومياوات الفراعنة. وظل هذا المرض يحصد أرواحاً بشرية بالملايين خلال العقود والقرون وآلاف السنين، وقد بلغ ذروتَه خلال القرن الثامن عشر في أوروبا، حينما كان السل الذي عرف بالطاعون الأبيض، مسؤولاً عن 25 في المئة من الوفيات بين سكان القارة الأوروبية. هذا الكابوس ما زال مستمراً حتى الآن، حيث ما فتئ ميكروب السل من أشد وأعتى الجراثيم فتكاً بالبشر. وحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، يصاب 28 ألف شخص بعدوى السل يومياً، ويلقى بسببه 4100 شخص حتفهم كل يوم. وهو ما يترجم إلى قرابة العشرة ملايين إصابة سنوياً، ومليون ونصف مليون وفاة كل عام. هذا الوضع على مأساويته، لا يعني بالمرة أن الطب الحديث لم يحقق نجاحاً كافياً أمام هذا الميكروب اللعين، حيث يُقدَّر أن سبل التشخيص ووسائل العلاج الحديثة، نجحت في إنقاذ حياة 66 مليون شخص، منذ عام 2000 حتى الآن. وإن كان هذا النجاح قد تعثَّر مؤخراً جرَّاءَ وباء «كوفيد-19» وما تسبب فيه من ضغوط هائلة على نظم الرعاية الصحية دفعت بها إلى شفا الانهيار. فللمرة الأولى منذ أكثر من عقد، عادت وفيات السل للازدياد مؤخراً. كما أن موجة التفاؤل التي سادت المعنيين بمكافحة مرض السل على الصعيد الدولي خلال العقدين الماضيين، شهدت انحساراً ملحوظاً، نتيجة ارتفاع معدلات الإصابة بأنواع من الميكروب مقاومة لجميع أنواع العلاج. وأمام هذا الوضع، يصبح الخيار الوحيد المتاح، هو تخصيص المزيد من المصادر العلمية والفنية والمالية، وبشكل طارئ وعاجل، مع تكثيف جهود التشخيص والعلاج، إذا ما كان للجنس البشري أن يبلغ هدف القضاء على وباء السل الحالي، وخصوصاً في أعقاب «كوفيد-19» الذي أدى بدرجة كبيرة إلى إعاقة مسيرة النجاح في مواجهة هذا الميكروب خلال العقود الماضية *كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية

مشاركة :