قال السيناريست الجزائري رابح ظريف، الذي يتولى كتابة سيناريو عن الأمير عبدالقادر، إنّ أطرافا فرنسية ماتزال تحارب الأمير رغم مرور أكثر من 170 عاما على توقف مقاومته ضد الاحتلال الفرنسي. جاء ذلك في مقابلة لظريف حول مشروع سيناريو فيلم طويل يحضر له حول الأمير عبدالقادر (1847 – 1883)، وأبرز المحطات التي ميزّت حياته وسيرته. وقال ظريف إنّ مشروع فيلم سينمائي عن الأمير عبدالقادر حاليا قيد كتابة السيناريو. لافتا إلى أنه أنهى مرحلة الكتابة الأولى للسيناريو الكافية لأي مُنتِج أو مخرج للشروع في التحضيرات الفنّية والمادية لتنفيذه. رابح ظريف: أنهيت مرحلة الكتابة الأولى لسيناريو الفيلم في انتظار الإنتاج وأضاف ظريف “إلى حدّ الآن الأمور الإنتاجية غير واضحة إلى حد ما، ولو اتضحت ستكون هناك كتابة ثانية وثالثة إلى غاية الانتهاء من النسخة النهائية القابلة للتنفيذ، والتي سيتفق عليها المنتج والكاتب (السيناريست) والمخرج”. والأمير عبدالقادر بن محيي الدين، والمعروف في المشرق العربي باسم عبدالقادر الجزائري، يوصف بمؤسس الدولة الجزائرية، وهو كاتب وشاعر وفيلسوف وسياسي قاوم القوات الفرنسية الاستعمارية آنذاك بعد غزوها الجزائر عام 1830. وفي سنة 1847 سجن في فرنسا، وظل أسيرا حتى 1852، ثم استقر في إسطنبول، وبعدها سافر إلى دمشق حتى وفاته عام 1883، عن عمر ناهز 76 عاماً، وفي عام 1965 نقل جثمانه إلى الجزائر في مراسم رسمية، ودفن في مقبرة بالعاصمة. وفي الثاني والعشرين من أغسطس 2021، أوصى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، بإعادة بعث مشروع إنتاج فيلم الأمير عبدالقادر، باعتباره مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، ورمزا عالميا. وعام 2013، وقعت الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي (حكومية) والشركة الأميركية “سينما ليبر أستوديو”، اتفاقية إنتاج مشترك لإنجاز فيلم طويل حول حياة الأمير، لكنّه لم ينجز بعد لأسباب مجهولة. وآنذاك حدد انطلاق تصوير العمل في نوفمبر 2013، حيث اختير الأميركيان شارل بورنت، مخرجا للفيلم، وأوليفر ستون منتجا منفذا. بحسب الوكالة الجزائرية. وأوضح ظريف أنّه “خلال الاستئمان (الهدنة) الحربي، الذي وقعه الأمير مع الجنرال الفرنسي لويس لامورسيير، طلب أن يتم إجلاؤه إلى إسطنبول أو الإسكندرية وهما تحت الوصاية العثمانية”. وأوضح المتحدث، رغم أنّ الأمير في بداياته، قبل مبايعته، رفض لجوء الباي حسن، إلى مدينة معسكر (غرب الجزائر) بعد سقوط العاصمة في أيدي الاحتلال الفرنسي. وأضاف “الأمير برر ذلك بالغضب من ممارسات الدايات والبايات بزيادة الضرائب، وتعامل الجنود مع الرعية”. ولم يخف محدثنا أنّ محمد علي باشا، حاكم مصر، رفض استقبال الأمير عبدالقادر، لكن الدولة العثمانية قبلت وفادته. وقال “أشار الأمير على السلطات العثمانية قبل أحداث 1860 بضرورة تجنب الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في أكثر من مرة، لكن بعد وقوع الأحداث وتدخل الأمير لحماية المسيحيين، حاولت فرنسا تحديدا استعمال الحادثة لاستمالة الأمير إلى جانبها في صراعها مع الدولة العثمانية”. وتابع “لكنه رفض أيّ شكل من أشكال الاستغلال السياسي لحادثة تدخل فيها بدواع إنسانية، فقد رفض مشروع توليته على بلاد الشام”. ◙ الأمير عبدالقادر بن محيي الدين، والمعروف في المشرق العربي باسم عبدالقادر الجزائري، يوصف بمؤسس الدولة الجزائرية، وهو كاتب وشاعر وفيلسوف وسياسي قاوم القوات الفرنسية الاستعمارية ولفت السيناريست الجزائري إلى أنّ الأمير عبدالقادر “كان له دور كبير في التحالف العثماني – الفرنسي – البريطاني في حرب القرم (1854)”. وقال إن “رئيس وزراء بريطانيا في تلك المرحلة (ويليام كلادستون – 1868-1874) حاول جاهدا تنصيب الأمير ملكا على العرب مقابل خدمة مصالح بلاده، لكنه رفض أيضا رغم كل الإغراءات. وبحسبه “علاقة الأمير بالدولة العثمانية صارت أقوى بعد اتفاق الاستئمان الحربي سنة 1847، الذي يحتاج إلى المزيد من الدراسات والتعاون بين الجامعات التركية والجزائرية لتسهيل وصول الباحثين الجزائريين إلى الأرشيف العثماني بإسطنبول”. وحول رأيه بشأن تخريب منحوتة للأمير عبدالقادر مؤخرا بفرنسا، أوضح السيناريست الجزائري أنّ “التفسير واضح وصريح، وأنّ هذه العملية الجبانة تؤكّد عقدة النقص الكبيرة التي يحسّ بها بعض الفرنسيّين أمام الأمير عبدالقادر”. وأثار تخريب لوحة فنية (منحوتة) لتخليد ذكرى الأمير عبدالقادر قبل تدشينها في الخامس من فبراير الماضي، تنديدا واسعا في بلدة أمبواز (وسط) حيث تم اعتقال الأمير مع عدد من أفراد عائلته من 1848 إلى 1852. ويقول ظريف، إنه “بعد أكثر من 170 عاما من توقف مقاومة الأمير، إلا أنّ أطرافا في فرنسا (لم يسمّها) لم تحفظ الدرس بعد، ولا تزال تحارب الأمير في كلّ ميدان، وهزائمها التاريخية والثقافية والحضارية أمامه”. واعتبر أنّ “هذه العملية لن تؤثر أبدا على سمعة الأمير واسمه وقامته كشخصية تاريخية وعالمية”. ورابح ظريف كاتب وشاعر وسيناريست، كتب عددا من سيناريوهات لأفلام تاريخية من بينها فيلم “ابن باديس”، “أحمد باي” (آخر حكام الشرق الجزائري في العهد العثماني)، وشغل سابقا منصب مدير الثقافة (تابعة لوزارة الثقافة) ومدير متحف نصرالدين دينيه.
مشاركة :