في بدء التشغيل التجاري للوحدة الثانية من محطة «براكة» للطاقة النووية في مارس الحالي 2022، كما في بدء التشغيل التجاري للمحطة الأولى في أبريل 2021، تتقدم دولة الإمارات خطوات على الطريق الذي بدأته بعزم في ديسمبر 2009، بإنشاء هيئة الإمارات للطاقة النووية؛ وهو القرار الذي يعكس طموح قيادتنا التي لا تعرف المستحيل، والتي آمنت بقدرة هذا الوطن وأبنائه على تحويل الأحلام إلى واقع مشرق ينظر إليه العالم بإجلال وتقدير، وينعم بخيراته أبناء الإمارات والملايين من المقيمين على أرضها، من مختلف بقاع العالم الذين وجدوا فيها موطنًا للعيش الكريم والعمل المُجزي. ويثبت إعلان بدء التشغيل التجاري لهذه الوحدة الثانية سداد الرأي الذي لم يركن إلى الجاهز والرخيص من مصادر الطاقة التقليدية المتوافرة بوفرة في هذا البلد المبارك، بل أراد الحفاظ على المكتسبات التي حققتها الدولة لسنين طويلة، والبناء عليها لصناعة مستقبل أنظف وأكثر اعتمادًا على المقدرات الوطنية الإماراتية، وترسيخ مبدأ الاستدامة الذي تنهجه الإمارات في كل القطاعات. وتمثل محطة «براكة» للطاقة النووية السلمية، بمفاعلاتها الأربعة التي ستنتج ما مجموعه 5600 ميجاواط من الطاقة النظيفة، أو ما يعادل 25 في المئة من احتياجات الدولة من الكهرباء، أكثر المشاريع تأثيرًا في البنية الاقتصادية والإنمائية للدولة، إذ سيؤدي هذا المشروع دورًا أساسيًّا في تعزيز إنتاج الكهرباء التي تعدّ وقود العجلة الاقتصادية، وسيمهّد الطريق لتطوير مصادر أخرى من مصادر الطاقة الخضراء، مثل الهيدروجين النظيف، وسيدعم الابتكار في الطب والزراعة، كما سيدعم رحلات استكشاف الفضاء البعيد. وفضلًا عن ذلك، تعدُّ محطة «براكة» ركيزة أساسية في تحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول 2050، إذ تقدَّر كمية الانبعاثات الكربونية التي ستوفرها المحطة، عند تشغيل مفاعلاتها الأربعة، 21 مليون طن سنويًّا أو ما يساوي الانبعاثات الصادرة عن 3.2 مليون سيارة في الطرقات. وتؤكد هذه الخطوة الجديدة رؤية قيادتنا التي استشرفت ببصيرتها الثاقبة ضرورة دخول عالم الطاقة النظيفة، وتأسيس مجموعة من المؤسسات التي تعزز طموحات الوصول إلى اقتصاد المعرفة، وتستخدم العقل البشري في توليد الثروة وتنميتها، ما ينعكس على تحقيق المزيد من ثقة العالم الكبيرة بدولة الإمارات، والاطمئنان الخالص لاتخاذها أقصى درجات السلامة والحماية في برنامجها النووي، إيمانًا من العالم بأن السلم والأمن ومراعاة المعايير العالمية في هذا الشأن، هي السمات التي لا تقبل دولة الإمارات أيّ تنازل عن تحقيقها في صورتها المُثلى. *عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
مشاركة :