صباح يوم نصف جميل، وفي الطريق إلى العمل، تركت المذياع يهدر بقضايا الناس صغيرها وقليلها، لأهرب من قضايا شائكة تستنزف التفكير وتضني البدن. ولأن قضايا الناس في إذاعاتنا لا تخرج عن ماسورة ماء مكسورة، أو شارع مزدحم يئن بالسيارات، وإن ارتفع ثقافيا فسيكون حول القابلية لأن تقول اسم والدتك مباشرة على الهواء، لذا لم أكن أتوقع أن يخرج مقالي من مشكاة برنامج صباحي ما. كان صوت المتصل مترددا وهو يشكو للمذيعة المتميزة نوف سلطان موضوعاً خارج إطار الحلقة، وهو -كما يبدو- موضوع ثقيل أصبح به صاحبنا المتصل من مخلفات الليل الإعلامي الذي سهره على لجاج قنواتنا الفضائية مدافعة عن اللاعب المخضرم محمد نور وقضيته مع المنشطات مستغربا دفاع بعض مذيعي برامج «الكورة» عن فعلة اللاعب وتصغيرهم لأثرها على مستقبل النشء. ولأني –قاضٍ- على الأقل بقلمي في هذه الزاوية، فإني رفضت الحكم المباشر على المذيع المتهم بصبّ الدعوات وإطلاق اللعنات الكامنة وراء ثقافة اللعن واللعن المضاد التي تكتنزها الذكريات، ففضلت بدلا من ذلك السماع للمذيع المتهم من كنز المقاطع المحفوظة في الـ«يوتيوب» الذي سيظل شاهدا على سوءات قيلت وأخرى ستقال. شاهدت بالفعل مذيعاً يتربع على طول الشاشة وعرضها يستهزئ باللغة التي تعلمها، ولا أظنه يتقنها، أو يتقن غيرها، قارئا رسالة ناصحٍ قد لا يكون أمينا، لكن كلماته لم تنطق بالكفر، هو فقط طالبه بالمهنية والأمانة في تناول مواضيع المنشطات واللاعبين القدوات، كي لا يتحول أبناؤه وهم لاعبون ناشئون إلى مقلدين لهذه القدوات المفترضة. المذيع المرموق الذي أقلق ليل صاحبنا المتصل، وغبّش صباحاته، قال في رده على رسالة الناصح: «ادع ربك أن يكون أبناؤك كمحمد نور»، لا خلاف على أن نور لاعب مخضرم ونجم رياضي ساطع، لكن أن يكون قدوة تلك قصة أخرى. أن يكون لدينا إعلام متضعضع هذا وجه فضائياته، فلا غرابة أن يكون أقصى مدى نتمناه أن تكون أجيالنا القادمة لاعبي حواري وفناني أعراس».
مشاركة :