قال ستيفن كوك الباحث الأميركي في شؤون تركيا إن الصحافيين الأتراك في المنفى باتوا أكثر مصداقية وموثوقية بالنسبة إلى الأتراك من الحكومة التركية نفسها. وتحظى منشورات الصحافيين الذين يعيشون في المنفى بالملايين من المشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي. وتسيطر حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على وسائل الإعلام في البلاد، كما تحاصر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير، وهو ما قلّص هامش الحرية بشكل كبير وجعل الأتراك يبحثون عن منافذ إخبارية موثوقة وجدوها في حسابات الصحافيين في المنفى. هايكو باغدات: ألمانيا لديها مصالح مع الحكومة التركية، تتعلق باتفاق اللاجئين والدور التركي في أفغانستان وأضاف كوك أنه من المهم جدًا للصحافيين المعارضين، مثل جفهري جوفان، أن يصبحوا مصادر إخبارية أكثر موثوقية من الحكومة والصحافة التركية المحلية. وتلاحق تركيا الصحافيين المعارضين في المنفى بمذكرات توقيف. ويواجه عبدالحميد بيليسي، الصحافي المخضرم البالغ من العمر 52 عامًا ويعيش في المنفى بالولايات المتحدة، مذكرتي توقيف معلقتين صادرتين عن المحاكم التركية، وكان موضوعًا لتسعة تحقيقات جنائية من قبل المدعين العامين بسبب آرائه المنتقدة لحكومة أردوغان منذ عام 2014. وفي لائحة اتهام تم رفعها ضد العشرات من الصحفيين في المنفى، استشهد المدعي العام في إسطنبول عصمت بوزكورت بالعديد من المقالات والتغريدات التي نشرها الصحافي والتي من الواضح أنها أزعجت حكومة أردوغان. وقدمهم إلى المحكمة مدعيا أنها أدلة جنائية بموجب قانون مكافحة الإرهاب في البلاد. وفي ألمانيا يخشى معارضون أتراك على حياتهم بعد أن كشفت السلطات عن قائمة “استهداف” لهم من قبل أطراف في الحكومة التركية. وأكدت شرطة كولونيا أنها كانت على علم بـ”قائمة استهداف” تضم حوالي 50 منتقدا صريحا للرئيس التركي على مواقع التواصل، منذ منتصف يوليو 2021، لكنها رفضت تقديم المزيد من المعلومات حول عدد المدرجين فيها وهوياتهم. ويقول الصحافيون المدرجون في القائمة وخبراء إن جماعات قومية تابعة لتركيا ولديها صلات بجرائم عنف تعمل في ألمانيا وأماكن أخرى في أوروبا، وأن المنفيين الذين فروا من الاضطهاد في تركيا لم يعودوا يشعرون بالأمان. وقال متحدث باسم شرطة كولونيا لموقع “صوت أميركا” إن المدرجين في القائمة “هم من الصحافيين والكتاب والفنانين المقربين من المعارضة التركية”. وبالنسبة إلى بعض الصحافيين، مثل إرك أكرير، لم يكن هذا التحذير مفاجئا، إذ سبق أن هاجمه ثلاثة أشخاص يتحدثون التركية في فناء مجمّعه السكني في برلين، وقال إنهم طلبوا منه أن يتوقّف عن الكتابة. وعلى إثر هذا الهجوم، تم نقل أكرير وهو كاتب عمود في صحيفة “بيرغون” اليومية، للمستشفى لتلقي العلاج، ووفرت الشرطة الحماية له ولأسرته، لكن لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ عثرت شرطة برلين على رسالة تهديد ملفوفة حول بيضة مسلوقة في فناء منزله. ستيفن كوك: الأتراك في المنفى باتوا أكثر مصداقية وموثوقية بالنسبة إلى الأتراك من الحكومة التركية نفسها ويقول أكرير إنه يعتقد أن الحكومة التركية لها نفوذ كبير في أوروبا وخارجها. وأضاف أنه “يتم نقل الاستقطاب والصراع في تركيا إلى أوروبا وأجزاء أخرى من العالم من قبل حكومة حزب العدالة والتنمية وحكومة حزب الحركة القومية لذلك أعتقد أن المهاجمين هم من العصابات التي جمعتها (الحكومة التركية) وتعيش في ألمانيا”. ولم يحدد الصحافي جماعة بعينها، لكن تقرير موقع “صوت أميركا” أشار إلى جماعتين تركيتين، الأولى تسمى “الذئاب الرمادية” والثانية “عثمانين جيرمانيا” وهما جماعتان يمينيتان متطرفتان. ويقول هايكو باغدات، الصحافي الأرمني – التركي في المنفى إن ألمانيا لديها مصالح مع الحكومة التركية، تتعلق باتفاق اللاجئين والدور التركي في أفغانستان، وهو ما يمنع برلين من التطرق إلى قضايا حقوق الإنسان مع أنقرة. وقال الصحافي الذي غادر إسطنبول إلى برلين عام 2016 واتهم لاحقا بالدعاية للإرهاب “لم نعد موضوعين على جدول أعمالهم. لم تعد الديمقراطية في تركيا والسجناء والسياسيون المسجونون والأشخاص في المنفى أو سلامتهم حجة تستخدم ضد أردوغان بعد الآن”، وهو ما يجعل المعارضين “في جميع أنحاء العالم لا يشعرون بالأمان”. ويرى لورينس هوتيغ من المركز الأوروبي لحرية الصحافة والإعلام أن “الذهاب للعيش في المنفى ليس كافيا للصحافيين الأتراك للهروب من الاضطهاد الذي يواجهونه داخل بلدهم”. وقال “ما كنا ندافع عنه ونقوله هو أنه لا ينبغي وجود هذا النهج الفاتر ويجب أن تكون حقوق الإنسان دائما في صلب هذه العلاقة (بين أنقرة وبرلين) وفي مقدمة أولوياتها، وألا تكون تابعة لاعتبارات جيوسياسية أخرى”.
مشاركة :