افعلوا ما فعله شذاذ الآفاق!

  • 12/3/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لو نظرنا إلى المجتمع الإسرائيلي الذي تشكل وتحول إلى دولة في غضون سبعة عقود فإننا سنجده مجتمعا مكونا من جميع جنسيات أهل الأرض تقريبا ومن شعوب تنتسب لثقافات مختلفة فمنهم ذوو الأصول الأميركية والأوروبية شرقها وغربها وذوو الأصول العربية وذوو الأصول الأفريقية ولا يجمعهم إلا الدين اليهودي والأرض المغتصبة التي تجمعوا فيها مدعين أنها أرض الميعاد، ولذلك أطلق الإعلام العربي وسياسيوه على الشعب الإسرائيلي صفة «شذاذ الآفاق»، وحقروا دولتهم فوصفوها بأنها مجرد «دويلة» وهددوا برميها في البحر أو إحراق نصفها دون أن يفسر من هدد بهذا الإحراق سبب إبقائه على النصف الثاني! ولكن هذا الكيان «المصطنع» استطاع منذ بداية تكوينه أن يتلافى أي صراعات عرقية أو مذهبية مع أن اليهودية تشعبت مثل غيرها من الأديان إلى ملل ونحل وفلسفات ومعتقدات، واتفق جميع يهود إسرائيل على التعاون لتنفيذ أهدافهم المرسومة في التهام فلسطين ومقدساتها وبناء قوة عسكرية واقتصادية وسياسية وعلمية لحماية الكيان الصهيوني، وعدم السماح لأي خلافات سياسية بين الأحزاب الإسرائيلية أو الأعراق أن تطفو على السطح أو تؤدي إلى احتراب داخلي، وفي المقابل فإن الأمة العربية ذات التاريخ المجيد التي يجمعها نسب واحد ودم واحد وتاريخ واحد ودين واحد ولسان واحد تجد بعض دولها «هشة» من حيث التكوين الاجتماعي، قابلة لنشوء الحروب الأهلية لأسباب مذهبية أو سياسية أو اقتصادية، فدولة صغيرة مثل لبنان ظلت قابلة للتشظي بيد أهلها مستجيبة لأي إغراء خارجي يدعوها للتناحر فإذا استنكر العقلاء أحوالها ألقى المتخاصمون اللوم على المؤامرة الخارجية اعذارا لمن يزرع الفتن والفرقة من أبنائها وعملائها المرتهنين للخارج، وهكذا استطاعت دويلة شذاذ الآفاق المكونة من مائة شعب ولغة وعرق أن تواصل تماسكها وقوتها لأنه لا يوجد فيها من يبيع دولته ومواطنيه لمن يدفع الثمن فإذا قبض المعلوم نسب للكيان الصهيوني ما يحصل من قلاقل وحروب أهلية في وطنه أو بعض الدول العربية. فكيف استطاع «الشذاذ» بناء دولة متماسكة ومجتمع مترابط يصعب اختراقه بينما ظلت الأمة العربية هشة سهلة الاختراق.. وهل للعدل والحكم الرشيد علاقة بهذا الأمر؟!

مشاركة :