العلم والأخلاق

  • 12/4/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ساعد البحث العلمي في ترقية نوعية الحياة البشرية وتحسين معرفتنا بأنفسنا، واكتشاف القوانين العلمية التي تسمح بتحقيق اختراقات في مجالات الحياة كافة. بيد أن العلم كأداة للاستكشاف والتطوير والاختراع لتسهيل الحياة لا يعني أنه يجب أن يتحرر من الأخلاق عندما يتعلق الأمر بمجال علوم الأحياء، خصوصاً الحياة البشرية. فالعلم من غير ضابط أخلاقي مثل سيارة مليئة بالوقود من دون مؤشر سرعة ومن دون كوابح أو أضواء أمامية أو بوق، على طريق غير معبدة يسير فيها حشد ممتد من البشر. طمحت فلسفات ونظريات علمية في أواخر القرن التاسع عشر وعلى مدار القرن العشرين إلى إعلان تكريس ألوهية الإنسان لمجرد تملك ناصية العلوم الجديدة، وقد كانت خيبة كبيرة للعلماء أن المادة العضوية الوحيدة التي نجحوا في صنعها في المعامل هي النشادر ذو الرائحة المميزة المصاحبة للبول البشري. وعاد العلماء إلى غيهم القديم بعد نجاح أول تجربة لأطفال الأنابيب، واستنساخ النعجة دوللي، للحديث عن إمكانيات مستقبلية لخلق إنسان خارق يمكن التحكم في مواصفاته في المعمل. والحقيقة الباهرة والمعجزة هي أن الإنسان مهما أوتي من العلم لا يستطيع أن يخلق أي شيء عضوي، وتبجح العلماء الملحدين لا أساس له، فهم يتلاعبون بمادة عضوية قائمة ليس لهم شرف خلقها. اليوم يتجدد الجدل بين العلمي والأخلاقي مع انطلاق قمة علمية مهمة الأسبوع المقبل في واشنطن، يتوقع أن تناقش فرض حظر على استخدام تقنية مثيرة للجدل لتحرير الجينات أو إعادة صياغتها. والتقنية المقصودة يتم فيها نقل الجينات (المورثات) أو إضافتها إلى الأجنة البشرية. بعض العلماء يعتقدون أن إعادة صياغة الجين البشري ربما تكون لها تأثيرات في الأجيال المستقبلية، كما أنها غير مقبولة أخلاقياً. وحذروا أيضاً من أن التكنولوجيا يمكن أن تستخدم في خلق سلالة من البشر المعززين، ويريد العلماء الأخلاقيون أن يتم وقف كل الأعمال في هذا المجال حتى يتم تقييم تطبيقاتها بالكامل. علماء آخرون يعتقدون أن الحظر أو التوقف لبعض الوقت سيكون ضاراً بعلم إعادة صياغة الجينات الواعد لتخليص الأرض من أمراض فتاكة وعضالة. المؤيدون للاستمرار في هذه البحوث يشيرون إلى بحوث العلماء الصينيين الذين أعلنوا بداية العام الحالي نجاحهم في استخدام التقنية لتعديل الجين المسؤول عن مرض بيتا ثلاسيميا، وهو مرض وراثي يدوم طوال الحياة ويهدد باضطراب تدفق الدم. ويقول علماء آخرون إنه يمكن رفع الجينات التي يمكن أن يتسبب اضطرابها في أمراض مثل الزهايمر (عته الشيخوخة) ونقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، من الأجنة، وبذلك يتم تحرير أجيال المستقبل من مثل هذه الأمراض. ويذهب علماء إلى أبعد بالقول إن التقنية الحديثة لإعادة صياغة الجينات من شأنها إعادة كتابة مجين الحيوانات والنباتات وإحداث تحول في علم الزراعة. تجرى بحوث إعادة صياغة الجينات أساساً في ثلاث دول هي بريطانيا والولايات المتحدة والصين. ولا تقف وراء هذه البحوث هيئات علمية مجردة بل شركات تمول هذه الدراسات من أجل تحويل نتائجها من المعمل إلى الحقل وتحقيق الأرباح الطائلة. لكن عندما يكون الربح هو الهدف، فهناك مشكلة تغليب المنفعة المادية على حساب الحقائق العلمية، وتحسين الأمر للترويج وإخفاء العيوب وأوجه القصور والآثار الجانبية. والضحية في نهاية الأمر العلم نفسه والأخلاق والبشر. osnim@hotmail.com

مشاركة :