بقلم: ليك فيري كيف التعامل مع هذه الحرب التي تزداد ضراوة في أوكرانيا؟ هذا هو السؤال الوحيد الصحيح الآن. إذا أردنا أن نكون واضحين، فهناك ثلاثة سيناريوهات محتملة فقط: إما تشديد العقوبات مع تسليح الأوكرانيين حتى يصبح التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا المجاورة مكلفا للغاية؛ وإما أن يخوض الغرب حربا مع أوكرانيا؛ وإما نفعل كل شيء من أجل فرض المفاوضات. لا شك أن السيناريو الأول هو الذي يفضله الغرب، لكن على الرغم من شرعيتها وضرورتها، فإنها تصطدم بالعديد من العقبات. أولاً، يجب القول منذ البداية إن مستوى العقوبات مرتفع بالفعل، وسيؤدي تشديدها أكثر إلى تقسيم أوروبا من خلال معاقبة سكانها: على سبيل المثال يعتبر حظر استيراد الغاز الروسي سهلا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتمد عليه فقط بنسبة 8%، لكن بكل تأكيد أكثر تعقيدًا بالنسبة لبلغاريا التي تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 80%. بالإضافة إلى ذلك يجب الإقرار بأن العقوبات الاقتصادية تنتج آثارها فقط على المدى المتوسط أو الطويل، وليس بالسرعة الكافية التي يريدها الغرب لوقف الحرب. زد على ذلك، فإن طرق الدفع والمعاملات المصرفية الفردية تؤثر فقط على الطبقات الوسطى الروسية، وقلة من عامة الناس، وحتى أقل من القادة. وكما قال صديق روسي: «بالنسبة للفلاح الذي يعيش في سيبيريا والذي لا يذهب إلى التزلج في كورشوفيل، ولا يقود سيارة جاكوار، ولا يحمل جواز سفر ولا يذهب إلى مطعم ماكدونالدز ولا يقصد الفندق، فإن حرمانه من بطاقة مصرفية (ليس له بطاقة مصرفية أصلا) ليس بكارثة على حياته. والأسوأ من ذلك أن سلاح العقوبات الاقتصادية الغربية ينتج في أغلب الأحيان آثارا عكسية إذ إنه يعزز المشاعر المؤيدة للحرب التي تصل، وفقًا لرئيس شركة استطلاعات الرأي على الأقل إلى 70% من السكان الروس، فيما تقل نسبة المناهضين للحرب في أوكرانيا كل يوم، ما يجعل فرضية الثورة الديمقراطية ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعيدة المنال. أخيرًا، تستند العقوبات الاقتصادية إلى الفكرة الخاطئة، التي لطالما شاركها الليبراليون والماركسيون بشكل خاطئ، وهي أن الحروب تستند إلى المصالح، وحسابات التكلفة والفائدة، في حين أن الحروب تتغذى كثيرا من المشاعر، وخاصة منها المشاعر الدينية أو القومية، والتي لا يهتم أصحابها كثيرا للاعتبارات العقلانية. باختصار، يُخشى أن عقوباتنا الاقتصادية الغربية، على الرغم من أنها قاسية جدًا بالفعل، لن تنتج آثارًا كافية على المدى القصير لإنهاء الحرب في أكرانيا ووقف بوتين. أما السيناريو الثاني، الذي يدافع عنه دعاة الأخلاق في الغرب بشكل غريب: فهو يتمثل في دخول الحرب بأنفسنا ضد روسيا جنبًا إلى جنب مع الأوكرانيين. لم لا، إذا كنا على الأقل مستعدين لاستخدام ترسانتنا النووية في حالة استخدام بوتين لأسلحته النووية، وإذا كنا مستعدين على أي حال للقبول باحتمال مقتل عشرات الملايين في قلب أوروبا. لا يزال هناك سيناريو للتفاوض في مؤتمر كبير حول الأمن والتعاون في أوروبا. لقد شعر الروس، عن حق أو خطأ، بالاحتقار من قبل الاتحاد الأوروبي مدة عشرين عامًا والتهديد من قبل حلف الناتو الذي ما انفك يتوسع نحو الشرق. والأهم من ذلك أن الولايات المتحدة لم تتردد في الآونة الأخيرة في التدخل عسكريًا ضد دول ذات سيادة بطريقة أحادية الجانب، في تحدٍّ سافر للقانون الدولي، والأكثر من ذلك بالاعتماد -كما كان الحال في العراق- على أكاذيب صريحة يندى لها الجبين. لا يتمثل السؤال في معرفة ما إذا كان الروس (وليس الرئيس بوتين فقط) محقين أو مخطئين في الشعور بالإذلال أو القلق في علاقتهم بالغرب وحلف الناتو الساعي للتوسع إلى حدودهم، ولكن يتعلق السؤال الحقيقي بفهم ما يدور في أذهانهم لفتح باب المفاوضات التي ستركز حتمًا على ثلاث نقاط أساسية: حياد أوكرانيا، الذي يبدو أن الرئيس الأوكراني زيلينسكي نفسه مستعد للقبول به، تطبيق اتفاقيات مينسك المتعلقة بالانتخابات وإقرار الحكم الذاتي لجمهوريات دونباس الانفصالية، وأخيراً تبعية شبه جزيرة القرم للفيدرالية الروسية. أما فيما يتعلق بمسألة اجتثاث النازية في أوكرانيا التي طرحها الرئيس بوتين للتسويق الداخلي والخارجي فيتعلق الأمر فعلا بما يسمى «فوج آزوف» المشهور للغاية، وهو عبارة عن كتيبة تابعة للجيش النظامي يرتدي أفرادها الزي النازي، وهو أمر مكروه بالتأكيد، ولكن لا يعني ذلك بوضوح أن أوكرانيا بأكملها دولة نازية. إذا كان لديك دبّ في حديقتك، فإما أن تقتله وتتخلص منه وإما أن تحاول ترويضه. وبما أن روسيا لن تسقط فيجب على الاتحاد الأوروبي أن يذهب إلى أبعد من العقوبات. يجب على الاتحاد الأوروبي أن يدفع باتجاه المفاوضات ومناشدة وساطة الصين، التي تعتبر مصالحها في الغرب مهمة جدًا إلى درجة أنها لا تريد سوى إنهاء الأعمال العدائية. أنا لا أقول إن الأمر سهل، بل أقول إن المفاوضات تمثل الحل الوحيد. لوفيجارو
مشاركة :