أظهرت الوثيقة التي أصدرتها وكالة الأمن القومي الأمريكي، عن التسارع المذهل في استخدام الحرب الالكترونية السرية cyber campaign، بين كل من واشنطن وطهران من أجل أعمال التجسس والتخريب، تأكيدا لكثير من الروايات التي كانت تتحدث عن سلسلة الحرب الالكترونية التي تعرضت لها المنشآت النووية الإيرانية ك كفيروس ستاكسنت Stuxnet الذي تسبب في أعطال وحدات الطرد المركزي في منشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسيّة في إيران في 2010 او فيروس (غناني) أو (ضربة الصاعقة) في 2012 الذي أدى إلى تعطيل الشبكات الأوتوماتيكية في منشأتي «ناتانز» و«فوردو» النوويتين بالقرب من مدينة قم جنوب العاصمة طهران. وقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن الوثيقة التي كتبها، الجنرال كيث بريان ألكسندر، مدير وكالة الأمن القومي الأمريكي، في أبريل من عام 2013، تصف كيف اكتشف المسئولون الإيرانيون، دليلًا جديًدا قبل عام من ذلك، استعدادات الولايات المتحدة لمراقبة حواسبهم الآلية، أو شن هجمات إلكترونية على شبكاتهم. وقد ذكرت في مقال سابق «إيران وتكسير أسنان المشاركين في الألعاب الأولمبية» بعد اكتشاف فيروس (غناني)، أن الحرب الالكترونية بين ايران وواشنطن ليست جديدة وانما بدأت منذ عهد بوش الابن في عام 2006. واستندت في روايتي على كتاب Confront and Conceal: Obama›s Secret Wars and Surprising Use of American Power «المواجهة والاختباء» حروب الرئيس الأمريكي باراك أوباما السرية والاستخدام المفاجئ للقوة الأمريكية لديفيد سانجر David E. Sanger رئيس مراسلي واشنطن لصحيفة النيويورك، الذي اعتمد هو في روايته على مقابلات أجريت على مدار سنة ونصف استطاع فيها ان يصل الى كبار المسؤولين في البيت الابيض ومسؤولين أوروبيين وإسرائيليين حاليين وسابقين إضافة إلى مجموعة من الخبراء الخارجيين. يقول سانجر في كتابه «إن الرئيس أوباما أصدر تعليماته مع دخوله منصب الرئاسة إلى زيادة الحرب الالكترونية ضد إيران, بهدف إلحاق الضرر ببرنامجها النووي والتي بدأت في عهد بوش في عام 2006 وحملت اسم «الألعاب الأولمبية» – Operation Olympic Games اشارة إلى البرنامج المشترك لكل من الولايات المتحدة واسرائيل لضرب البرنامج النووي الايراني». ويذكر سانجر ان الدافع لشن هجمات «الألعاب الأولمبية» التي انتهجتها الإدارة الامريكية في عهد الرئيس بوش عاملان رئيسان: الأول: رأت الادارة الامريكية أن حلفاءها الأوروبيين منقسمون في التعامل مع إيران بسبب تأثير تكلفة فرض العقوبات على إيران، على اقتصادهم. الامر الثاني أن أمريكا قد فقدت مصداقيتها أمام العالم، خصوصاً بعد توجيه اتهام زائف لنظام صدام حسين بإعادة إنشاء برنامجه النووي. وبالتالي فلم تعد ادارة الرئيس بوش تحظى بقدر كبير من المصداقية عند مناقشته طموحات نووية أخرى لأي دولة بشكل معلن. وبحسب المشاركين في البرنامج كما يذكر سانجر أدى هذا البرنامج الى توسيع نطاق استخدام الاسلحة الإلكترونية من جانب أمريكا. ويذكر سانجر أن أوباما كان يشرف شخصيا على برنامج الهجوم الالكتروني على إيران بمشاركة إسرائيل وإن وحدة 8200 التابعة للجيش الإسرائيلي كانت شريكة شراكة كاملة في هذا المشروع وكذلك امتلاك الوحدة خبراء تكنولوجيا يتنافسون مع وحدة N.S.A «وكالة الأمن الأمريكية» والثاني هو امتلاك الاستخبارات الإسرائيلية قدرات نوعية بشأن مراقبة المنشآت الإيرانية لتخصيب اليورانيوم في موقع ناتانز الذي تم مهاجمته. وتأتي مشاركة اسرائيل حسب سانجر نقلا عن كبار المسؤولين في البيت الأبيض أمثال توماس دونيلون Thomas Donilon، مستشار الأمن القومي بالاضافة الى الخبرة العالية في مجال التكنولوجيا هو المصلحة الأمريكية في ثنيها عن مهاجمة إيران عسكريا ولذلك كان على أمريكا مشاركة الإسرائيليين في كل جوانب البرنامج لإقناعهم بأن هجمات السايبر يمكن أن تثمر وتؤتي نتائج إيجابية. ونتيجة لهذه الحرب الإلكترونية ووفقاً لما ذكره تقرير بريطاني صادر عن «المركز العالمي للدراسات التنموية» فإن قوات الحرس الثوري الإيراني في 2010 بالتعاون مع المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني الايراني أنشأوا شعبة سموها الجيش الإلكتروني والتي كان منوطا بها تطوير قدرات إيران الإلكترونية بحيث يمكنها الانتقال من مرحلة الدفاع إلى الهجوم بواسطة أدوات متطورة. ولقد قامت إيران على هذا الاساس بتطوير فيروس مضاد لفيروس (فليم) المعروف بقدرته على الدخول إلى أنظمة الحاسوب وسرقة جميع الوثائق والبيانات والملفات الصوتية فيها. واخيرا اعتقد ان الفضاء الإلكتروني سوف يكون اهم ساحات الحرب في الفترة القادمة ولن تقل في نتائجها عن الآثار المدمرة للحروب التقليدية.
مشاركة :