لا حرية تعبير في العراق عند الحديث عن "فضائيي" الجيش

  • 4/9/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أصدرت السلطات القضائية العراقية أمر قبض واستدعاء على مقدم البرنامج الإعلامي أحمد ملا طلال والممثل إياد الطائي الذي انتحل صفة ضابط برتبة عميد موجها اتهامات لقيادات الجيش العراقي بالفساد في برنامج تلفزيوني. وبثّت قناة “يو.تي.في” (UTV) في البرنامج الحواري السياسي “مع ملا طلال” الذي يحمل اسم مقدّمه حلقة الاثنين الماضي بعنوان “جيشنا الباسل.. بطولة وفساد” ضمن حلقات أخرى تعرض مواضيع سياسية. وفي البرنامج يتحدث الممثل الطائي “الضابط المزعوم” عن شراء مناصب وحماية عسكريين فضائيين مقابل أموال طائلة ويدعي أن العسكريين الفضائيين يمنحون ضباطهم نصف مرتباتهم مقابل السكوت عن غياباتهم عن وحداتهم العسكرية. كما ادعى أن هناك تنافسا على بعض المواقع المهمة التي تدر أموالا طائلة على العسكريين المكلفين بحمايتها مثل المولات والبارات والملاهي ومداخل المدن وبعض المواقع المهمة في العاصمة ويقول إن هناك قادة وحدات عسكرية بينها الاستخبارات توفر الحماية لهؤلاء مقابل أموال طائلة. وصدرت مذكرتا إلقاء قبض وتحرّ ضد ملا طلال والطائي وفق المادة 226 من قانون العقوبات العراقي التي تقضي بعقوبة تصل إلى السجن 7 سنوات “من أهان بإحدى طرق العلانية مجلس الأمة أو الحكومة أو المحاكم أو القوات المسلحة أو غير ذلك من الهيئات النظامية أو السلطات العامة أو المصالح أو الدوائر الرسمية أو شبه الرسمية”. واعتبرت إدارة قناة “يو.تي.في” التي يملكها سرمد الخنجر ابن السياسي السني خميس الخنجر زعيم تحالف السيادة ضمن التحالف الثلاثي الذي يضم أيضا التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني إضافة إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، المذكرتين تصعيدا غير مبرر على خلفية قضية تتعلق بحرية التعبير التي كفلها الدستور العراقي. وأشارت إلى أنه كان يمكن للقضاء أن يصدر ورقة تكليف بالحضور بدلا عن هذا الأمر وفقا لتوجيه رئيس مجلس القضاء الأعلى الصادر في الحادي عشر من أغسطس عام 2020 في ما يتعلق بقضايا النشر وكان كلا الزميلين سيحضران أمام القاضي بكل تأكيد. وقال مدير القناة علي عبدالأمير عجام في بيان “لقد نجح القضاء العراقي في سوابق عديدة في الوقوف مع مبدأ حرية التعبير وضد أي محاولة لتحجيمه أو تكميمه على الرغم من أن المدونة القانونية العراقية في هذا المجال مازالت بحاجة إلى مراجعة تشريعية حقيقية وكلنا ثقة بأن القضاء سينتصر هذه المرة أيضا لحرية التعبير”. وغرد الإعلامي ملا طلال على تويتر: وكتب في تغريدة أخرى “أؤمن بنهج بناء الدولة وأحترم القضاء وقراراته، والمثول أمامه عنصر أساس في بناء الدولة المتحضرة”. وأضاف “لستُ بالشخص المجهول، ومعروف محل إقامتي، كان من السهل جدا استدعائي بطريقة لائقة بدل أمر إلقاء القبض، مع ذلك لن أخشى قضاء عادلا وسأمثل أمامه بملء إرادتي احتراما له وللدولة وإيمانا مني ببراءتي وبما قدمته مع قناعتي الراسخة بأن قضاءنا لن يخضع لضغوط جهات متسلطة”. وكان ملا طلال، الذي عرف بتقديم البرامج السياسية، شغل مهام الناطق الإعلامي باسم رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، قبل أن يقدم استقالته بعد نحو خمسة أشهر. وقال الممثل الطائي في منشور له على فيسبوك إن الهدف من البرنامج “تسليط الضوء على تشخيص الظواهر والنماذج السلبية في بلدنا، ومن باب أولى أن ننقد أنفسنا أولا”. وأضاف “كل ليلة نكون مع شخصية ألعبها، باختصار ليست الحكومات المتعاقبة سبب الفساد والخراب فقط، لكن أحيانا نكون نحن السبب؛ الصحافي، والضابط، والطبيب، وشيخ العشيرة… الخ”. وتابع “على مدى أيام الشهر الفضيل سنطل يوميا بشكل درامي شخصية تحكي عن نفسها وهي لا تمثل إلا البعض من هذه الشريحة التي غادرتها الوطنية ولا تنظر إلا لمصالحها الضيقة للأسف”. وأصدرت وزارة الدفاع الاثنين الرابع من أبريل بيانا غاضبا ردت فيه على ما قالت إنه “انتحال صفة”، و”إساءة للجيش العراقي”، وطلبت قيادة القوات العراقية المشتركة من القناة التلفزيونية ومن مقدم البرنامج الاعتذار عن الإساءة إلى الجيش مؤكدة احتفاظها بحقها في مساءلتهما أمام القضاء، لكنهما رفضا الاعتذار قائلين إن محتويات البرنامج تدخل ضمن حرية الرأي ونقد الظواهر السلبية في الحياة العراقية ومنها الجيش. ◙ المحامي طارق المعموري أعلن تشكيل فريق من 12 محاميا للترافع والدفاع عن الإعلامي والممثل وإثر ذلك أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية قرارا الثلاثاء الماضي بإيقاف البرنامج بعد شكوى قدمتها وزارة الدفاع العراقية أيضا والتي اعتبرت أن ما تناوله البرنامج يسيء إلى سمعة كل الجيش العراقي ويمحي كل تضحياته وبطولاته وما قدمه منتسبوه من أجل أن ينعم كل المواطنين بالأمان. كما اعتبرت هيئة الإعلام والاتصالات محتويات البرنامج إساءة “واضحة للجيش العراقي ولكل منتسبيه ما يسبب خطرا على قطاعات الجيش العراقي وتماسكها في الميدان لاسيما وأن الجيش لا يزال مستمرا بمحاربة عصابات داعش الإرهابية”. واستندت الهيئة في قرارها هذا إلى الباب الثاني من المادة 1 والتي تخص التحريض على العنف والكراهية والمادة 4 الخاصة بالدقة والنزاهة والشفافية. وأعلن مركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحافيين الأربعاء رفضه لقرار هيئة الإعلام والاتصالات بالوقف الفوري لبرنامج “مع ملا طلال”، مؤكدا أن الإجراء لا مبرر له ومؤشر على تراجع حرية العمل الصحافي في العراق. في المقابل، قال اللواء يحيى رسول الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة على تويتر: وتباينت ردود فعل العراقيين على منصات التواصل الاجتماعي حول مذكرتي التوقيف. وتصدر هاشتاغ #لا_لتكميم_ الأفواه الترند العراقي. وقال عضو مجلس النواب مثنى السامرائي: M_Alsammarraie@ إن حرية التعبير هي إحدى المكتسبات الديمقراطية في عراقنا الجديد، كما أن تضحيات الجيش في مقدمة أولوياتنا، غير أن أي إجراء يحد من القدرة على النقد البنّاء والمسؤول أمر بالغ الخطورة، ولذا فإننا ندعو الجهات المعنية إلى إعادة النظر في قرار إيقاف برنامج ‘أحمد الملا طلال’. وأكد معلقون أنه “بغض النظر إن كنت متفقا مع أحمد ملا طلال أو مختلفا معه فالحلقة كانت واقعية جدا وتتكلم عن فساد يندى له الجبين داخل المؤسسة العسكرية من قبل أشخاص هم من يجب تطبيق العقوبات عليهم لفسادهم والإساءة لاسم المؤسسة العسكرية وليس لمن أشار إلى فسادهم”. ويرى معنيون في شؤون الأمن أن القوات المسلحة العراقية شهدت طيلة سنوات تراجعا كبيرا، بسبب الفساد الذي تسرب إليها، حتى أصبحت تضم في صفوفها الآلاف من المنتسبين الوهميين المعبر عنهم محليا بـ”الفضائيين”، كما لعبت الاعتبارات السياسية وحتى الطائفية دورا كبيرا في ذلك التراجع. يذكر أن اتهامات الفساد تنتشر في العراق. فهذا البلد النفطي مصنف في المرتبة 160 من أصل 180 بلدًا من بين الأكثر فسادًا في العالم، وفق منظمة الشفافية الدولية. وقال مغرد: وكتب آخر: Tamaraiqq@ الحكومة التي تصدر عفوا عن تجار المخدرات وتكرم قتلة المتظاهرين وتلاحق من يكشف فسادها هي حكومة عبرت مرحلة القمع والترهيب.. الأجدر أن تحاكموا أمراء الوحدات الذين دمروا الجيش وأن تحصوا عدد الفضائيين في العراق وبعدها طبقوا القانون على الممثل والمذيع. ويذكر أن المحامي طارق المعموري أعلن تشكيل فريق من 12 محاميا للترافع والدفاع عن الإعلامي والممثل.

مشاركة :