أخذت أسعار الاستهلاك في مصر منحنى تصاعديا مقلقا بعدما وصل معدل التضخم إلى أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات، الأمر الذي قد يضغط بشدة على الناس بينما تشهد الأسعار وتكاليف الشحن زيادات متواترة. وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الأحد أن تضخم أسعار المستهلكين بالمدن ارتفع بأسرع وتيرة مما توقعه المحللون مسجلا 12.1 في المئة بنهاية الشهر الماضي مقارنة مع نحو 8.8 في المئة في الشهر السابق ونحو 4.8 في المئة على أساس سنوي. وبذلك تكون أرقام التضخم في مارس قد تخطت ما يستهدفه البنك المركزي والبالغ عند 7 في المئة أي بزيادة نقطتين مئويتين أو أقل حتى نهاية 2022. وكان التضخم في مصر قفز بعد أن حررت الدولة سعر صرف الجنيه في نهاية 2016. وأرجع الجهاز في بيان على موقعه الإلكتروني الارتفاع الشهري في أسعار المستهلكين إلى ارتفاع أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 11 في المئة واللحوم والدواجن بنسبة 7 في المئة والألبان والبيض بنسبة 5 في المئة. ويعد هذا الارتفاع أكبر من متوسط التوقعات في استطلاع أجرته رويترز وشمل 14 محللا وبلغ عشرة في المئة. منى بدير: التضخم قد يصل إلى 15 في المئة خلال أشهر الصيف ونجمت الزيادات في الأسعار إلى حدّ ما عن نقص السلع بعد الغزو الروسي لأوكرانيا مما أدى إلى تجاوز التضخم المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي بين 5 و9 في المئة وسعر الفائدة الذي حدده على الإقراض لليلة واحدة والذي يبلغ 9.25 في المئة. ويرجح البعض من المحللين أن يرتفع التضخم بنسبة أكبر في الأشهر المقبلة وأن يتسارع مرة أخرى هذا الشهر مع ظهور انعكاسات تأثير الانخفاض الأخير في قيمة الجنيه على الاقتصاد. وقالت رضوى السويفي من شركة فاروس لتداول الأوراق المالية لوكالة رويترز إن “الارتفاع في اتجاهات التضخم متوقع على نطاق واسع وسيبلغ ذروته بحلول أغسطس 2022 وبعد ذلك سيبدأ في الاستقرار”. ومصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، وقد تأثرت بشدة من جراء ارتفاع سعره عالميا كما أنها تعمل على تقليص تأثير الحرب على قطاع السياحة، علما بأن السياح الروس والأوكرانيين كانوا يمثلون نحو ثلث إجمالي الوافدين. وترجح سارة سعادة من سي.آي كابيتال أن ترفع الحكومة أسعار الوقود هذا الشهر. وقالت “بناء على ذلك، نتوقع أن يبلغ التضخم الشهري ذروته في أبريل ليسجل تضخما سنويا بين 12.5 و13 في المئة، وهو ما يعكس ارتفاع أسعار المنتجات البترولية”. وهو الموقف ذاته الذي تراه منى بدير كبيرة الاقتصاديين في شركة برايم المصرية والتي قالت لبلومبرغ إن أرقام التضخم خارج “مستهدف البنك المركزي قد تصل إلى 15 في المئة خلال أشهر الصيف”. ورفع البنك المركزي الشهر الماضي الفائدة بمئة نقطة أساس، على خلفية التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية على أوكرانيا. وقالت مؤسسة نعيم للأبحاث إن الزيادة في معدل التضخم ترجع إلى حد كبير إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وانخفاض قيمة الجنيه في الحادي والعشرين من مارس الماضي. وأوضح خبراء المؤسسة في مذكرة أنهم يتوقعون ارتفاع التضخم بشكل أكبر في أبريل الجاري في ظل التأثير الكامل لانخفاض قيمة الجنيه المصري بنسبة 15 في المئة مقابل الدولار الأميركي على الاقتصاد.
مشاركة :