بدأ مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ الاثنين أول زيارة له إلى العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ تسلم مهامه في سبتمبر الماضي، في إطار مساع للحفاظ على هدنة هشّة في البلد الغارق في الحرب منذ ثماني سنوات. وقالت أوساط سياسية يمنية إن زيارة المبعوث الأممي إلى صنعاء، جرت بتنسيق مسبق مع سلطنة عمان، التي لعبت دورا في إقناع المتمردين بالتخلي عن موقفهم المتشدد حيال زيارة المسؤول الأممي. وكان الحوثيون اشترطوا لقبول زيارة غروندبرغ تطبيق التفاهمات التي تفرعت عنها الهدنة التي أعلن عنها مطلع أبريل الجاري، ومن بينها السماح بتيسير دخول 18 سفينة تحمل الوقود إلى موانئ الحديدة الواقعة تحت سيطرتهم، والسماح برحلتين جويتين من وإلى مطار صنعاء كل أسبوع. وقد دخلت حتى الآن أربعة سفن إلى ميناء الحديدة، فيما لا تزال الرحلات الجوية في مطار صنعاء معلقة. وتشير الأوساط إلى أن الدبلوماسي السويدي سعى من خلال مسقط إلى تغيير موقف الحوثيين من استقباله في العاصمة التي يسيطرون عليها منذ العام 2014، لبحث جهود تثبيت الهدنة التي تمتد لشهرين قابلين للتمديد. وكان غروندبرغ وصل إلى صنعاء قادما من مسقط، حيث أجرى هناك محادثات منفصلة مع وزير الخارجية العماني بدر البورسعيدي وعدد من المسؤولين العمانيين، إلى جانب وفد من جماعة الحوثيين يقوده محمد عبدالسلام. وقال بيان صادر عن مكتب المبعوث، الأحد إن “غروندبرغ التقى في مسقط بوزير الخارجية العُماني وكبار المسؤولين العمانيين، لمناقشة الجهود الجارية لتوطيد الهدنة والتحرك نحو عملية سياسية شاملة”. وثمن المبعوث الأممي، جهود سلطنة عمان “على دعمها لمبادرة الأمم المتحدة الخاصة بالهدنة”. وتتبنى سلطنة عمان موقفا محايدا من الأزمة اليمنية، مكنها من لعب دور الوسيط في أكثر من محطة من عمر النزاع. ويراهن المبعوث الأممي على مسقط لتليين موقف المتمردين الحوثيين ومن خلفهم راعيتهم إيران وإنجاح الهدنة. ويرى مراقبون أن زيارة المبعوث الأممي تكتسي أهمية كبيرة لجهة الرسائل التي يرنو غروندبرغ، إلى إيصالها للداخل اليمني والخارج، لعل أهمها ضرورة التقاط “الفرصة الثمينة” لكسر الجمود السياسي الحاصل منذ سنوات. وقال المبعوث الأممي في تغريدة له على حسابه على تويتر، إنه سيبحث في صنعاء “تنفيذ وتقوية الهدنة وسبل المضي قدما”، في المقابل أفادت قناة “المسيرة” الناطقة باسم المتمردين اليمنيين، بأن المناقشات ستتركز حول “تثبيت الهدنة الإنسانية، وفتح مطار صنعاء، وإزالة العوائق أمام حركة السفن في ميناء الحديدة”. ويرجح أن يلتقي غروندبرغ، في زيارته إلى صنعاء بزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، ورئيس المكتب السياسي للحركة مهدي المشاط. ◙ مصادر عسكرية تابعة للحكومة اليمنية تعلن إحباط هجوم للحوثيين جنوب مأرب ◙ مصادر عسكرية تابعة للحكومة اليمنية تعلن إحباط هجوم للحوثيين جنوب مأرب ويعتبر المبعوث الأممي أن نجاح تثبيت الهدنة يشكل المدخل الرئيسي لتسوية الأزمة المتفجرة منذ العام 2014 والتي خلفت أسوأ أزمة إنسانية، وقد كشف في وقت سابق عن وضع آلية لمراقبتها، في ظل اتهامات متبادلة بين أطراف الصراع بخرقها. ويدور النزاع في اليمن بين الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى في شمال وغرب البلاد، وقوات الحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية. وتسبّب النزاع بمقتل أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو بسبب تداعيات الحرب، وفق الأمم المتحدة. وذكر غروندبرغ الأسبوع الماضي أنّه “منذ بداية الهدنة، شهدنا انخفاضا كبيرا في أعمال العنف. ومع ذلك، هناك تقارير عن بعض الأنشطة العدائية خاصة حول مأرب”، آخر معاقل الحكومة في شمال اليمن والتي يحاول الحوثيون السيطرة عليها منذ أكثر من عام. وأعلنت مصادر عسكرية تابعة للحكومة اليمنية الجمعة أنه تم “إحباط هجوم للحوثيين” جنوب مأرب. وتأتي زيارة المسؤول الأممي إلى صنعاء بعدما سلّم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الخميس السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي، في مسعى لتوحيد الصفوف في المعسكر الذي يقاتل المتمردين في البلاد. وبحسب هادي فإن مجلس القيادة مكلّف بالتفاوض مع الحوثيين “لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصّل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام”. ويرى مراقبون أن تشكيل هذا المجلس يمثل خطوة مهمة لإعادة ترتيب أوراق الشرعية للمرحلة المقبلة، سواء كانت سلما أو حربا، حيث إن هذا الأمر يعود إلى كيفية تفاعل الحوثيين مع التحولات الجارية. ويشير المراقبون إلى أن أحد العوامل الرئيسية لنجاح جهود المبعوث لأممي للسلام في اليمن، هو الموقف الإيراني حيث إن طهران تتخذ من هذا الملف أحد أوراقها لابتزاز المجتمع الدولي والمملكة العربية السعودية. من المرجح أن يلتقي المبعوث الأممي بزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، ورئيس المكتب السياسي مهدي المشاط ويلفت المراقبون إلى أن إيران وحلفاءها الحوثيين حريصون حتى الآن على إنجاح الهدنة لأنها تخدم مصالحهم بعد أن تعثرت محاولات السيطرة على محافظة مأرب، وهناك استشعار بحاجة لفترة استراحة بانتظار ما ستسفر عنه التحركات الجارية بشن الاتفاق النووي الإيراني، وأيضا مآلات العملية التفاوضية بين طهران والرياض. وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة الاثنين، أنه “لم تحدث أي تطورات جديدة”، بشأن استئناف المفاوضات مع السعودية. وأضاف زادة خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي “ننتظر تحديد موعد للجولة المقبلة، وسيتم الإعلان عنه فور التوصّل إليه، ونأمل أن تتوجه الرياض إلى بغداد بإجابات عملية”. وكانت مصادر مقرّبة من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أعلنت في وقت سابق، تعليق المحادثات بين إيران والرياض مؤقتا، وذلك بسبب الإعدامات السعودية التي طالت 81 شخصا، متورطين في تنظيمات إرهابية بينها الحوثيون.
مشاركة :