«طعامكم دواؤكم، دواؤكم في طعامكم»، مقولة ارتبطت بـ«أبُقراط» الملقب بـ«أبي الطب»، واتفق معها الطبيب العربي الشهير «ابن سينا»، وأكدتها رحلة العلم الممتدة عبر التاريخ البشري، والتي ربطت بين الغذاء والحالة الصحية للشخص. وفي المقال التالي توضح الدكتورة وردة حسن استشاري طب العائلة بمستشفى رويال البحرين سبل تحسين الصحة خلال شهر رمضان المعظم مع الصيام. قالت الدكتورة: قام فريقٌ من الباحثين في كلية بايلور للطب بالولايات المتحدة بدراسة علمية لفهم تأثير «صوم المسلمين» -باعتباره أحد أنواع الصيام المتقطع- على صحة الإنسان، واختار الباحثون نمط صيام المسلمين لشهر رمضان لقياس هذا التأثير؛ إذ عملوا على متابعة 14 شخصًا بصحة جيدة في أثناء امتناعهم تمامًا عن الطعام والشراب لمدة 30 يومًا متتابعة من الفجر وحتى الغروب. لمتابعة هؤلاء الأشخاص، سحب الباحثون عينات دم للمشاركين قبل بدء فترة الصيام، ومع نهاية الأسبوع الرابع من الصيام، وبعد نهاية شهر الصيام بأسبوع، ثم أجروا قياسًا لمستوى العديد من البروتينات في الدم. وقد أظهرت نتائج الدراسة أن الصيام المتقطع عدة أيام متتالية من شأنه أن يحفز البروتينات المضادة للسرطان والبروتينات المنظمة للجلوكوز واستقلاب الدهون والبروتينات المقاوِمة للسمنة والسكر، والبروتينات المرتبطة بإصلاح الحمض النووي وتقوية جهاز المناعة، إضافةً إلى المساعدة في علاج بعض الاضطرابات النفسية والأمراض العصبية مثل الزهايمر. تتفق نتائج الدراسة الجديدة مع ورقة علمية سابقة تناولت فوائد صوم رمضان، التي أثبتت أن الصيام يؤدي إلى خفض ارتفاع ضغط الدم بنسبة 17% تقريبًا، ومستوى الدهون عالية الكثافة (النوع الجيد من الدهون) بنسبة 33%، وانخفاض مستوى الدهون منخفضة الكثافة (النوع الضار من الدهون) بنسبة 17%. كما كشفت دراسة أخرى أن صيام رمضان يحسِّن مستوى الدهون عالية الكثافة (النوع الجيد من الدهون) بنسبة تتراوح بين 30% إلى 40%، ما يسهم في الحد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وغيرها من الأمراض. وأضافت الدكتورة وردة أن اعتياد الجسم على تناول كميات أقل من الطعام، يمنح الجهاز الهضمي فرصة للاستراحة ويؤدي إلى تقلص حجم المعدة بشكل تدريجي والحد من الشهية، ويفيد في استهلاك احتياطيات الدهون وينظف الجسم من السموم الضارة التي يمكن أن توجد في التراكمات الدهنية. وهكذا يبدأ الجسم بالتخلص من السموم بشكل طبيعي نتيجة التغير الذي يطرأ على عمل الجهاز الهضمي على مدار الشهر. كما تشير الدراسات إلى أن الصيام يجعل الدماغ أكثر قدرة على تحمل الإجهاد والتأقلم مع التغيير، ويحسن المزاج والذاكرة والقدرة على التعلم. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما سبل تحسين الصحة خلال شهر رمضان؟ تناول فطور صحي من المهم أن يتبع الصائم الممارسات الصحية خلال شهر رمضان المبارك، فيبدأ إفطاره بشرب الماء وتناول ثلاث حبات تمر لتوفير الطاقة السريعة للجسم قبل البدء بالوجبة الرئيسية، ثم ينتقل بعد ذلك إلى طبق الشوربة، الذي يعد أفضل خيار لبدء وجبة الإفطار لأنها غنية بالسوائل. إلى جانب ذلك، يجب الحد من تناول الطعام الدسم والمقلي والغني بالملح والسكر والإكثار من الخضار الورقي واختيار الأسماك واللحوم قليلة الدهن والحبوب الكاملة والرز الأسمر والباستا السمراء. كما أنه من المهم تناول الطعام بروية والاهتمام بحجم الحصص، فذلك يساعد على تحسين عملية الهضم ويمنع زيادة الوزن تناول وجبة سحور صحية تعد وجبة السحور الوجبة الأكثر أهمية في يوم الصائم، لذلك يجب أن تكون متوازنة وتحتوي على أطعمة غنية بالمواد الغذائية، مثل الشوفان والجبنة واللبنة والفواكه والخضروات. وتعد الأطعمة ذات السكر المنخفض، مثل الشوفان والكينو وخبز الحبوب الكاملة واللبن والحمص، من الخيارات الجيدة لأنها تزود الجسم بالطاقة خلال النهار. كما من المهم الحد من استهلاك الشاي والقهوة والإكثار من شرب الماء والحليب واللبن والعصائر الطازجة، فذلك يساعد في الحفاظ على نسبة السوائل في الجسم خلال فترة الصيام. ممارسة الرياضة باعتدال يمكن أن يؤدي الصيام وما يصاحبه من جفاف إلى الشعور بالخمول والكسل خلال رمضان. لكن من المهم السعي إلى الحفاظ على النشاط وممارسة الرياضة باعتدال، مع ضرورة الانتباه إلى شرب الكثير من السوائل، فذلك يساعد في الحد من الإرهاق ويمنح الجسم القوة ويتيح فرصة لخسارة الوزن. من المهم أيضاً اختيار الوقت المناسب لممارسة الرياضة قبل السحور أو بعد بضع ساعات من الإفطار، ومن المهم جدا عدم ممارسة الرياضة أثناء ساعات الصوم أو قبل وجبة الفطور لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى الجفاف. الالتزام بالعادات الصحية والابتعاد عن العادات الضارة مثل التدخين، حيث يمكن للصائم، مع القليل من قوة الإرادة، الابتعاد عن التدخين خلال فترة ما بعد الإفطار. كما يعد الشهر الكريم فرصة للبدء بممارسة العادات الصحية مثل الإكثار من الخضروات والماء وممارسة الرياضة بانتظام.
مشاركة :