أعلن تحالف "الإطار التنسيقي" بالعراق الثلاثاء رفض المهلة التي حددها الزعيم السياسي الشيعي مقتدى الصدر، بشأن تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد، ما يؤشر على أن القوى الشيعية الخاسرة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي لا تزال عاجزة عن صوغ أي تفاهمات سياسية إضافية تمكنها من تحقيق الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة. ومطلع أبريل الجاري، أمهل الصدر القوى المنضوية في "الإطار التنسيقي" 40 يوما للتباحث مع الأحزاب البرلمانية، باستثناء قائمته، لتشكيل الحكومة المتعثرة منذ أشهر في البلاد، وذلك عقب فشل الجلسة النيابية الثالثة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي. وأفاد تحالف "الإطار التنسيقي"، والذي يضم قوى سياسية شيعية أبرزها فصائل الحشد الشعبي، في بيان بأنه "لم يسع ولم يطلب الانفراد بالسلطة ولم يعمل على إبعاد الآخرين، بل كان حريصا على التعاون معهم، وبالتالي فإنه غير معني بتحديد مدد زمنية لن ينتج عنها سوى إطالة أمد الانسداد السياسي". وأوضح أنه "يسعى بكل جهده للوصول إلى تفاهمات واقعية مع القوى السياسية الأخرى، بعيدا عن التفرد أو الإقصاء، وحريص على التعاون مع القوى السياسية الأخرى خصوصا ضمن المكون الأكبر لتحقيق مصالح البلاد". ويقود الإطار التنسيقي منذ أيام جهودا لإقناع القوى السياسية وحلفائها الذين يشكلون الثلث المعطل في البرلمان العراقي، بما في ذلك التيار الصدري، بمبادرة سبق وأن طرحها قبل أيام، دون أن يتم الكشف عن تفاصيلها. ونقلت وسائل إعلام عرقية عن قيادي بارز في التيار الصدري الخميس الماضي، قوله إن "الصدر رفض طلبا تقدمت به قيادات من تحالف الإطار التنسيقي للقائه بالنجف، ضمن مبادرة مأدبة إفطار بمنزل الصدر لبحث الأزمة، واعتذر عن استقبال أحد منهم قبل انقضاء مهلة الأربعين يوما التي تنتهي بعد عطلة عيد الفطر مطلع شهر مايو المقبل"، موضحا أن "قادة التيار الصدري ممنوعون أيضا من اللقاء أو الدخول بمباحثات في الوقت الحالي". وأضاف أن "التحالف الثلاثي بين الصدر والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة أثبت تماسكه برفض شركاء الصدر التخلي عنه، وقبول عروض سياسية أخرى بمنأى عنه". إلى ذلك، وصف عضو تحالف السيادة صلاح الدين الدليمي تحالفهم الثلاثي "إنقاذ وطن" بأنه "متماسك وقوي وثابت"، مضيفا أن "تحالف السيادة متمسك بشراكته مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ولن يتخلى عن هذا التحالف ويذهب مع الإطار التنسيقي، حتى لو قدمت له أي إغراءات كانت، من مناصب وغيرها". ويرى مراقبون أن إصرار الصدر على رفض التفاوض والحوار مع القوى المناوئة له خلال شهر رمضان، وإلى حين انتهاء المهلة بعد عطلة العيد، يعود إلى تمسكه بالمضي قدما في تشكيل حكومة أغلبية، وهو ينتظر إعلان الإطار التنسيقي إخفاقه في تشكيل الحكومة. ولا يستبعد هؤلاء أن تتغير مواقف بعض الجهات والشخصيات، خصوصا المستقلة، بعد فشل الإطار التنسيقي في تشكيل الحكومة خلال مهلة الأربعين يوما، وبالتالي يمكن للتحالف الثلاثي الحصول على نصاب عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية من خلال استقطاب أطراف جديدة معه. وعرقلت قوى "الإطار التنسيقي" المدعومة من إيران، انعقاد ثلاث جلسات برلمانية مخصصة لانتخاب الرئيس العراقي خلال الأشهر الماضية، من خلال مقاطعتها للجلسات التي تتطلب حضور ثلثي الأعضاء لاستكمال النصاب القانوني. وتخشى قوى الإطار التنسيقي الذهاب إلى المعارضة، حتى لا تخسر نفوذها في مؤسسات الدولة المهمة، وكذلك حتى لا تخسر النفوذ السياسي خلال المرحلة المقبلة، ولهذا تريد البقاء كجزء من السلطة من خلال حكومة توافقية. ولا يزال التحالف المدعوم من طهران مصرا على شرط تشكيل الكتلة الكبرى التي خولها الدستور تشكيل الحكومة، من خلال الكتل السياسية الشيعية حصرا، على أن يتم بعد ذلك التفاوض على شكل الحكومة المقبلة ورئيسها وبرنامجها، وهو ما يرفضه الصدر، الذي ذهب الشهر الماضي إلى الدخول في تحالف عابر للهويات الطائفية يضم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ونوابا سنة ومستقلين، ويشكلون بالمجمل 126 نائبا من أصل 329 إجمالي عدد النواب. ويتنافس 59 مرشحا على منصب رئيس العراق، أبرزهم مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح، ومرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبر أحمد، وزير الداخلية في حكومة كردستان العراق. ويحظى صالح بتأييد القوى الشيعية ضمن الإطار التنسيقي، في حين يلقى ريبر أحمد دعم تحالف "إنقاذ وطن" (175 مقعدا) والمكون من التيار الصدري وقوى سنية وكردية.
مشاركة :