علاقتي بالمرحوم بدأت في منتصف الثمانينات، حينها كان مديراً لإدارة التعليم الابتدائي، وكان قد تم اختياري للمشاركة في لجنة للتحقيق في مشكلة حدثت بين معلم وتلميذ ضمت عدداً من المسؤولين بالوزارة والمعلمين. حينها جلسنا معه وشرح لنا القضية وطلب منا إعطاء التحقيق حقه وعدم الركون إلى العواطف. وبسبب خبرته رحمه الله وحكمته لم يقبل بحكمنا الذي جاء قاسياً وقدر أنه كان انفعالياً وقال ضمن ما قال بأن الغاية ليست الإيذاء وإنما التأديب وتوفير المثال كي لا يتكرر الخطأ. بعدها بسنوات وتحديداً في أوائل التسعينات وجدته متحمساً لي وعاملاً على دفعي للاستفادة من مشروع الوزارة الارتقاء بالمعلمين وتفريغهم لاستكمال تعليمهم في جامعة البحرين، وأذكر أنه خرج من اجتماع كان منعقداً بالوزارة فور أن علم بأن إجراء إدارياً يعيق التحاقي بالجامعة وأن الأمر يتطلب تدخله فكان ذلك. في أواخر التسعينات عندما تم تكليفي القيام بأعمال إدارية بمكتب وكيل الوزارة الدكتور حسين بدر السادة كان حينها المرحوم يشغل منصب وكيل وزارة مساعد وكان يستدعيني بين الحين والحين لأفاجأ بأنه يطلب مني تصحيح أو تقييم مادة كتبها وإبداء ملاحظاتي عليها. لم يكن الأمر يتطلب الكثير من الذكاء لمعرفة أنه إنما يفعل ذلك بغية التعبير عن تقديره الشخصي لي ولتشجيعي ودفعي للثقة بنفسي، فالمرحوم كان شاعراً وضليعاً في اللغة والصرف والنحو وليس من المعقول أن أقوم أنا ومن هم على شاكلتي بتصحيح أو تقييم ما يكتب. كل الذين عملوا مع هذا المربي الفاضل يجمعون على التزامه والوفاء بحق وظيفته، وكلهم كانوا يلاحظون أنه يأتي في وقت محدد صباحاً وينصرف في وقت محدد. أما أنا فبحكم عملي في مكتب وكيل الوزارة بداية ثم عندما صرت أشغل وظيفة رئيس العلاقات العامة فكنت ألاحظ مدى التزامه بمواعيد تسليم التقارير المطلوبة منه. محزن قدوم العيد هذا العام من دون المربي الفاضل محمد العيد.
مشاركة :