مختصون: دولتنا نجحت في بناء جيل قارئ

  • 4/17/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تخطت القراءة بفعل تنوع مصادر المعرفة حدود التسلية والمتعة إلى آفاق أوسع، حيث تدرك المجتمعات من جيل إلى جيل ومن تطور بعد تطور إلى أهميتها في دوام التميز وصلابة التمكين من حيث قدرتها على توسيع المدارك وتماهي الثقافات، بالإضافة إلى كونها غذاء للعقل والروح، وحافزاً مباشراً للدماغ على التركيز والتفكير والتحليل، كما أنها تسهم في تخفيف التوتر والإجهاد وتساعد على الاسترخاء الجسدي والذهني والنفسي، وتنمية المهارات العقلية لدى القارئ وتطوير قدراته الإبداعية ليستطيع مواجهة التحديات وابتكار حلول من شأنها أن تساهم في حل العديد من المشكلات التي تطرأ على الإنسان والحياة عموماً. من دوافع هذه الأهمية فإن مركز الإحصاء - أبوظبي، أجرى استطلاعين عن القراءة في أبوظبي بين أعوام 2020 و2022 لتؤكد النتائج النمو القرائي الذي تشهده الإمارة عاماً بعد عام، فخلال ثلاث سنوات ارتفعت نسبة السكان الذين يمارسون القراءة بشكل منتظم، من 38% في 2020 لتتجاوز 55% عام 2022، وأن أكثر من 79% منهم يفضلون القراءة من الإنترنت في 2022 مقابل 71% في 2020. كما أظهر الاستطلاع إيمان المجتمع بأن المؤسسات التي تعنى بالقراءة في الإمارة كان لها أثر بالغ في هذا النمو، حيث أكد 84% من سكان أبوظبي أنها قامت بدورها في غرس ثقافة القراءة لدى أفراد المجتمع، في حين زادت النسبة التي ترى هذا الدور إلى 92%، وبحسب النتائج بلغ متوسط عدد ساعات القراءة المخصصة لأداء مهام العمل 20 ساعة شهرياً، فيما وصل متوسط عدد ساعات القراءة لأغراض غير الدراسة والعمل في 2022 إلى 25 ساعة شهرياً. عيسى الحمادي عيسى الحمادي قيادة استثنائية «الاتحاد» استطلعت آراء عدد من المختصين لمعرفة رأيهم في هذا النمو القرائي خلال السنوات الثلاث الأخيرة وأسبابه وطرق الاستفادة من نتائجه من أجل للوصول إلى مكانة قرائية تناسب حجم التطلعات التي تهدف الدولة إلى بلوغها في ظل التطور الذي تشهده في كافة المجالات، ففي البداية أكد الدكتور عيسى صالح الحمادي أستاذ مساعد بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج، أن دولة الإمارات حباها الله عز وجل بقيادة رشيدة استثنائية، تسعى بفكرها وبعد النظر لتحديد الأولويات للنهوض بالوطن وتطويره، لذا كانت القراءة هي إحدى تلك الأولويات التي حرصت على ترسيخها وتمكين النشء والمجتمع بها، كي تصبح سلوكًا يومياً يمارسه أفراد المجتمع لاكتساب المعرفة وبناء الفكر على أساس تلك المعرفة التي تحمل بين طياتها العلم والثقافة والممارسات والتجارب المتجددة التي يستعين بها الموظفون والعاملون في المؤسسات الحكومية والخاصة، وبناءً عليه سيتمكنون من تطوير تلك المؤسسات على أساس المعرفة، من أجل الارتقاء بالوطن ووضعه في مصاف الدول التنافسية. وأكد الحمادي أن من ضمن تلك الأولويات لدى القيادة الرشيدة تقديم المبادرات التي تسهم في تحقيق ذلك التطور المنشود، ومنها تنفيذ ونجاح مبادرة القراءة التي أطلقتها القيادة الرشيدة عام 2016، وتستمر حتى عام 2026، بالإضافة إلى تخصيص شهر للقراءة وهو شهر مارس من كل عام، كذلك تخصيص ساعة قرائية في العمل لدى المؤسسات الحكومية، إيمانًا منهم بأن القراءة هي الباب الواسع الذي لا يمكن إغلاقه أمام تحديات الزمان والمكان. منصة قرائية وأضاف الحمادي: يتحدد لنا مما تقدم أن نتيجة استطلاع الرأي حول القراءة في أبوظبي لعام 2022، وبعد مرور أكثر من نصف المدة الزمنية للرؤية الاستراتيجية للقراءة التي انطلقت عام 2016، يُعد مؤشراً واضحاً ونجاحاً كبيراً وواسعاً وبنسبة غير متوقعة، نتيجة لجهود المؤسسات المعنية في الإمارة في غرس القراءة لدى أفراد المجتمع، حيث ارتفعت عدد ساعات القراءة لهذا العام إلى 25 ساعة شهرياً، لذا فإن هذا النجاح الكبير الذي توصل إليه استطلاع الرأي بمشاركة شريحة واسعة من المستهدفين في الاستطلاع يسهم في رسم سياسات مستقبلية في هذا المجال أو للمبادرة القرائية لدى أصحاب القرار ولتطويرها من خلال إعداد مبادرات ودراسات تسهم في تعزيزها من خلال تقديم مقترحات ومبادرات جديدة، ومن ضمن تلك المقترحات التي يمكن تقديمها ضرورة إعداد دراسة علمية بهدف تحديد الميول القرائية لدى فئات المجتمع وشرائحه المختلفة، من أجل تحديد مجالات القراءة لديهم، وبالتالي توفير المواد القرائية المناسبة من كتب ورقية أو إلكترونية، وعناوين مقترحة بهدف تلبية الاحتياجات القرائية للشرائح المتعددة عبر مبادرة بعنوان «منصة أبوظبي القرائية»، كمحتوى قرائي رقمي إلكتروني مصنف طبقًا لنتائج الدراسة التي تحدد مجالات الميول القرائية المناسبة لكل فئة من فئات المجتمع، أو طبقًا لتصنيفات تحددها الجهة المعنية في تبني هذه الفكرة وبمشاركة أعضاء من مؤسسات ذات ارتباط بمسؤولية الفكرة وتحقيقها، وبهذا نعزز علميًّا «استراتيجية القراءة» بمنهجية علمية، وهذا هو الطريق الأمثل للنهوض بالقراءة الوطنية. هنادا طه هنادا طه خيال علمي من جانبها قالت الدكتورة هنادا طه تامير أستاذ كرسي اللغة العربية بجامعة زايد، إن مؤشر القراءة الوطني يعكس أهمية القياس الذي تعمل عليه الدولة، مشيرة إلى أن بعض النتائج المهمة لهذا المؤشر يعكس مثلاً أنّ مجتمع إمارة أبوظبي هم الأعلى في الدولة في تفضيل اللغة العربية للقراءة بشكل عام بنسبة 42.9%، وهذا له انعكاسات كثيرة من حيث موقع اللغة العربية حينما يختار القرّاء لغة يقرؤون بها، ولهذا أيضا انعكاس على الممارسات الإعلامية والتعليمية التي تحتاج إلى التفكير بطرائق تحفّز القارئ الإماراتي على اختيار اللغة العربية لغة يقرأ بها. وأضافت: لعلنا هنا نذكر رقماً مهماً للغاية جاء في مؤشر القراءة الوطني، مفاده أن مواضيع الخيال العلمي هي الأكثر تفضيلًا للقراءة بين الطلاب في دولة الإمارات، تليها العلوم، كما أن هناك تقارباً بين الطلاب الذكور والإناث في تفضيل قراءة مواضيع الخيال العلمي، وهذا دافع مباشر لدور النشر ومؤسسات الإنتاج الإعلامي والثقافي ووزارة التربية أن يكون هناك تركيز أكبر على المحتوى العربي المتعلّق بالخيال العلمي بشكل مبسّط وشائق وعصري، مما يساعد على اجتذاب الأطفال والناشئة للقراءة باللغة العربية، خاصة وأنّ 93.5% من المدرسين وأولياء الأمور الإماراتيين يرون أنّ القراءة المبكرة تحفّز الأطفال على القراءة. وترى تامير أن النتائج تؤكد أنّ49.1% من المجتمع ينشغلون بالقراءة المبكرة للأطفال بمتوسط أقل من ثلاث ساعات أسبوعياً، وهذه مدة غير كافية للتمكّن من آليات القراءة واستراتيجياتها اللازمة لهذه المرحلة المهمة في تطوّر مهارات القراءة عند الأطفال. كما يفيد المؤشر أنّ عامل «الأهل/ الأسرة» هو العامل الأكثر تأثيرا على تنمية مهارات القراءة لدى الأطفال، بينما يمثل عامل التكنولوجيا وتطبيقات القراءة العامل الأقل تأثيراً بين جميع العوامل 51%، وهذا في الحقيقة يعكس وعياً مجتمعياً كبيراً يحتاج من أصحاب الشأن العمل عليه واستثماره لجعل القراءة عادة يومية. جهود جبارة أكدت الكاتبة هيا القاسم، مستشارة قرائية للطفولة ومدربة في التفكير الإبداعي، أن الإحصائية مفرحة ورائعة للغاية، وتعد دليلاً على أن جهود الدولة في الشأن القرائي جبارة وتعتبر مصدر ثقة لمواطنيها لدعمها آلية القراءة التي قوبلت باستجابة سريعة من المواطنين، وأكدت أن الجميل في الأمر هو استثمار الأجهزة الذكية في المنظومة الثقافية والقراءة، وإدراك الشعب لأهميتها من باب السرعة والإنجاز مع التأكيد على قيمة الكتاب الورقي. ميول قرائية من الجدير بالذكر أن المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج أصدر دراسة في جزأين تم فيها تحديد الميول القرائية ومجالاتها ومحتواها «الورقي والإلكتروني»، بالإمكان الاستفادة منها حيث استهدفت طلبة التعليم العام للصفوف من الأول إلى الصف الثاني عشر على المستوى الإقليمي للدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج.

مشاركة :