تحقيق إخباري: ركود في سوق العقارات في مصر بعد الارتفاع الكبير في مدخلات الصناعة

  • 4/18/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يعاني سوق العقارات في مصر حاليا من ركود في حركة المبيعات بعد الارتفاع الكبير في أسعار مدخلات الصناعة واتجاه المصريين إلى الادخار في البنوك. وينظر المصريون دائما إلى العقارات على أنها "استثمار آمن"، بينما تنظر الحكومة لهذا القطاع على أنه أحد قاطرات التنمية باعتباره كثيف العمالة ويجذب استثمارات كبيرة. لكن القطاع شهد أخيرا عدة تحديات بعد موجة التضخم الكبيرة التي شهدتها جميع السلع والمنتجات في مصر، ومن بينها مواد البناء مثل الحديد والأسمنت اللذين يعدان عصب عملية التشييد. ومن بين التحديات أيضا قيام البنك المركزي المصري في 21 مارس الماضي برفع الفائدة البنكية واحد في المئة، للمرة الأولى منذ العام 2017، لمواجهة التضخم، وطرح بنكي الأهلى ومصر الحكوميين شهادة إدخار استثنائية بسعر عائد سنوي كبير يبلغ 18%، ما سحب السيولة النقدية من السوق. وقال الدكتور حسين جمعة رئيس جمعية "تنمية الثروة العقارية" بالقاهرة، إن "السوق العقارية شهدت ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت، اللذين يمثلان 25% من العقار، وهو ما ينعكس بالتأكيد على تكلفة البيع مباشرة بنسبة تصل إلى 20%، كما أن هناك تحديات أخرى مثل الارتفاع في أجور العمالة والمهندسين وأسعار الأعمال الفنية". وأضاف جمعة لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن "هذه التحديات لها تأثير سلبي على شركات المقاولات التي تعاقد أغلبها على بيع الوحدات السكنية بأسعار قديمة واضطرت إلى رفع أسعار الوحدات الجديدة بنسبة 15 إلى 20% نتيجة التضخم". وتبيع الشركات العقارية في مصر بنظام يعرف باسم "أوف بلان"، حيث يتم تصميم الوحدات السكنية على الورق وطرحها للبيع قبل البدء في التنفيذ الفعلي على أرض الواقع ثم تسليمها للعملاء بعد عدة سنوات، وهو نظام يجعل هذه الشركات عرضة لمخاطر التغيرات السريعة في السوق. وتابع الخبير العقاري، أن "هناك ركودا في السوق العقارية المصرية حاليا نتيجة ما يحدث من أزمات اقتصادية وزيادة أسعار مواد البناء". وأردف أنه "من أجل تعافي القطاع العقاري المصري خلال المرحلة المقبلة نحتاج إلى أولا: خفض التكلفة من خلال استخدام تقنيات هندسية تقلل تكلفة الإنشاء وتصميمات حديثة لتصغير مساحات الوحدات السكنية دون التأثير على استخدامات الأسرة". واستطرد "ثانيا: متابعة الشركات المنتجة للأسمنت والحديد، بحيث تكون هناك رقابة على الأسعار، حيث تلجأ بعض الشركات إلى استغلال الموقف لزيادة الأسعار وعلى الدولة التصدي لهذه الأمور". ويحتاج المصريون من 500 إلى 600 ألف وحدة سكنية جديدة سنويا، بينما يبلغ حجم الإسكان الاقتصادي الذي توفره الحكومة حوالي 250 ألف وحدة سنويا، وفقا لجمعة. وتنقسم مشروعات الإسكان في مصر إلى ثلاثة مستويات هي إسكان اقتصادي ومتوسط وفاخر. وقال خبير التخطيط الحضري والعقاري المهندس عبد المجيد جادو، إن زيادة أسعار الحديد والأسمنت لها تأثير كبير على أسعار وحدات الإسكان الاقتصادي، بينما يقل هذا التأثير على الإسكان المتوسط، ويصبح نسبيا على الإسكان الفاخر. وأوضح جادو لـ ((شينخوا))، أن "السعر السوقي للثلاث أنماط على مستوى الدولة سوف يصل بعد زيادة الأسعار إلى 5 آلاف جنيه للمتر في وحدات الإسكان الاقتصادي، وما بين 5 إلى 12 ألف جنيه للمتر في وحدات الإسكان المتوسط، و20 ألف جنيه فيما فوق للمتر في الإسكان الفاخر حسب الموقع ونسبة الإشغال". وأضاف أن "التأثير يقل كلما اتجهنا إلى الإسكان الفاخر بسبب ارتفاع السعر السوقي في المتر المربع من الوحدة السكانية المباعة". ورأى أن الحكومة المصرية تعاملت مع المشكلة بسياسة حكيمة جدا، ولم ترفع أسعار المحروقات رغم زيادة سعر برميل النفط عالميا من أجل الحفاظ على الوضع الحالي بعد الارتفاعات الأخيرة في الأسعار جراء زيادة سعر الدولار والأزمة الأوكرانية، وقال إنه "لو ارتفعت أسعار المحروقات لكان الوضع أكثر سوءا ليس فقط في قطاع العقارات بل في كل المجالات". وأشار إلى أن السوق المصرية تتعرض لظروف قهرية في إطار تداعيات أزمتي فيروس كورونا وأوكرانيا وهو ما أثر على تكلفة النقل والشحن وغيرها، ويجب إعادة تسعير الخامات الاستراتيجية بشكل عادل لحماية المستهلك. ودعا الحكومة إلى الإسراع في إصدار قانون المطورين العقاريين بما يحدد العلاقة بين الشركات العقارية والعملاء ويحفظ حقوقهم. ولفت إلى أن "هناك حالة ركود في السوق العقارية حاليا خاصة في المشروعات المتعلقة بالقطاع الخاص". من جهته، قال المهندس طارق شكري رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية إن أسعار العقارات ارتفعت بسبب زيادة أسعار مدخلات الصناعة، حيث ارتفعت أسعار الحديد بنحو 40% والأسمنت بنحو 50%، كما زادت أسعار كل عناصر التشطيب بنسبة تقارب الحديد والأسمنت. وأردف شكري، وهو أيضا رئيس شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية، أن تكلفة إنشاء العقارات ارتفعت وأصبح لزاما على أي شركة ستلتزم بالتنفيذ وضع الأعباء الجديدة في حساباتها المالية، مشيرا إلى أن ارتفاع سعر الدولار أثر أيضا على أسعار العقارات بسبب زيادة تكلفة المواد المستوردة. ورأى أنه لا مفر من زيادة أسعار العقارات، ونوه بأن بعض الشركات توقفت عن البيع لحين استقرار الأوضاع، بينما البعض الآخر أعاد التسعير طبقا للوضع الجديد. بدوره، قال يوسف فرج مدير تسويق بإحدى الشركات العقارية إن مبيعات أغلب الشركات تأثرت بشكل كبير بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء. وأوضح فرج لـ ((شينخوا))، أن مبيعات شركته تراجعت بنسبة تصل إلى 20%، وتوقع أن ترتفع هذه النسبة خلال الفترة المقبلة خاصة في ظل لجوء المواطنين إلى الادخار في البنوك. وتجاوزت حصيلة بنكي الأهلى ومصر المملوكين للدولة المصرية من بيع شهادات الادخار ذات عائد الـ 18 في المئة حاجز نصف تريليون جنيه خلال ثلاثة أسابيع فقط من طرحها للجمهور. وبلغت حصيلة بيع تلك الشهادات إلى العملاء حتى 11 أبريل الجاري نحو 513 مليار جنيه (الدولار الأمريكي يعادل 18.46 جنيه مصري)، بحسب وسائل إعلام مصرية.

مشاركة :