«لا بديل عن الحفاظ على الهدنة الحالية في اليمن وحمايتها من انتهاكات ميليشيات الحوثي الإرهابية»، هذا ما أجمع عليه محللون وخبراء غربيون، شددوا على أن الأوضاع الراهنة في الداخل اليمني وعلى الصعيد الدولي، توجب بذل مختلف الجهود اللازمة، للإبقاء على حالة الهدوء النسبي السائدة على الساحة اليمنية، منذ مطلع الشهر الجاري، بموجب اتفاق أعلنت عنه الأمم المتحدة، لوقف المعارك بشكل مؤقت. واعتبر المحللون أن صمود الهدنة للأسبوع الثالث على التوالي، رغم محاولات الحوثيين لتقويضها، يشكل «بادرة طيبة»، وأبرزوا في هذا الشأن ما قاله المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس جروندبرج قبل أيام، من أن الهدنة المزمع استمرارها حتى مطلع يونيو المقبل، تمثل «فرصة نادرة» لإحلال السلام في اليمن، وأن هناك «ضوءاً في نهاية النفق»، بعد أعوام من الحرب التي اندلعت جراء الانقلاب الحوثي الدموي، على الحكومة الشرعية عام 2014. وفي تصريحات نشرها موقع «بريسنزا» الإلكتروني، قال الباحث خافيير تولكاكير، إن السبيل الوحيد لحقن الدماء في اليمن بعد كل هذه السنوات، يتمثل في تحويل الهدنة الحالية، إلى وقف دائم وشامل لإطلاق نار، بما يهيئ الأجواء لجلوس مختلف الأطراف على طاولة التفاوض، لبحث بلورة تسوية سلمية متفق عليها للصراع، الذي أفضى، وفقاً لتقديرات أممية، لمقتل نحو 377 ألف شخص. وأكد تولكاكير، الباحث في مؤسسة «المركز الدولي للدراسات الإنسانية» للأبحاث، أنه لن يتسنى تحقيق هذا الهدف، إلا عبر احترام التنوع وبث روح المصالحة بين أبناء الشعب اليمني دون تفرقة، وذلك في إشارة ضمنية إلى النزعة الإقصائية التي تتشبث بها الميليشيات الحوثية، عبر تعمدها استخدام خطاب الكراهية والتحريض على العنف ونشر التعصب في المناطق المنكوبة بالوقوع تحت سيطرتها في اليمن. ووفقاً للخبراء، تكتسب الهدنة الحالية أهميتها كذلك، في ضوء التبعات الكارثية للصراع الدائر في أوكرانيا، على الأوضاع الإنسانية المتردية من الأصل في اليمن، في ضوء أن هذا البلد يوفر ما قد يصل إلى 40% من احتياجاته من القمح، من خلال وارداته من كل من موسكو وكييف. فضلاً عن ذلك، أدت الأزمة الإنسانية المترتبة على الصراع الأوكراني ونزوح أعداد كبيرة من اللاجئين جراء ذلك، إلى تحويل جهات مانحة أموالاً كان من المقرر توجيهها إلى اليمن، إلى منكوبي الحرب الحالية في أوروبا، بما يزيد أزمة التمويل التي تعاني منها بعض وكالات الإغاثة العاملة في الأراضي اليمنية من الأساس. وتوقع الخبراء في تصريحات نشرها موقع إلكتروني تابع لمعهد «بروكينجز للأبحاث» في الولايات المتحدة، أن يتدهور الوضع الإنساني في اليمن بشكل أكبر، في حالة استمرار الصراع في أوكرانيا، خاصة أن الحرب الدائرة هناك، تقود كذلك لتقلص إمدادات النفط في الأسواق الدولية، ما يفضي لارتفاع أسعار الوقود، بما يؤثر بالتبعية على عمليات نقل المساعدات الإنسانية الموجهة لليمنيين، وإيصالها إلى المناطق النائية والريفية في بلادهم. وأشار المعهد إلى أن هذه التبعات المتسارعة للصراع الأوكراني، تأتي في وقت يحتاج فيه قرابة 17.3 مليون يمني إلى مساعدات غذائية، وهو عدد من المرجح أن يصل إلى 19 مليوناً خلال الأشهر القليلة المقبلة، وذلك وسط تحذيرات من أن نحو 7.3 مليون شخص قد يعانون مستويات خطرة من الجوع في اليمن بحلول نهاية العام الجاري، في حين يبدو 5 ملايين آخرين على شفا مواجهة ظروف شبيهة بالمجاعة. وتقول وكالات إغاثية دولية، إن ما يقرب من 2.2 مليون من الأطفال اليمنيين يعانون حالياً سوء التغذية، من بينهم أكثر من نصف مليون طفل يواجهون خطر الموت جراء سوء التغذية الحاد. وقد قادت الحرب، التي يُذكي الحوثي نيرانها، إلى أن يضطر نحو 70% من اليمنيين، أي ما يزيد على 20 مليون نسمة، للاعتماد على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، وأن يرزح 80% من السكان تحت خط الفقر. ووفقاً للمحللين، جاء التوصل إلى «هدنة الشهرين» في اليمن، بعد أن بلغت الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن الممارسات العدوانية الحوثية، ذروة تبدو غير مسبوقة، فقد سُجِل في يناير الماضي، العدد الأكبر من القتلى الذي يسقط في صفوف المدنيين، منذ أكثر من ثلاث سنوات، بعدما شهد هذا الشهر مقتل 650 تقريباً من اليمنيين.
مشاركة :