'المكتوب' دراما اجتماعية مغربية تلاقي احتفاء الجمهور وغضب الدعات

  • 4/21/2022
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

الرباط – نجح مسلسل "المكتوب" المغربي في حشد الجمهور كما لم ينجح قبله اي عمل تاريخ التلفزيون المغربي لكن هذا النجاح الكبير رافقه جدل واسع حول العمل الذي يدور في فلك مهنة "الشيخة"، وهو الاسم الذي يُطلق على المغنية والراقصة الشعبية في المغرب. وقصة المسلسل الذي  داره المخرج الشاب علاء أكعبون خارجة عن المألوف، وتحكي عن تفاصيل حياة الفنانة الشعبية بالمغرب، ونظرة المجتمع إليها في قالب درامي كوميدي. وتكابد "الشيخة" لتفرض فيه الاحترام لمهنتها فهي في نظر الرجال مغنية وغاوية لا يريدونها أن تصاحب أو تصادق نساءهم، لكنهم يستمتعون بأدائها الغنائي، في المقابل تراها النساء فنانة فاتنة خاطفة رجال وبائعة هوى، يجدنها ومن يوالينها خطرا على رجالهن. وتربع المسلسل على الترند المغربي لأيام، حيث أعلنت القناة الثانية أنها حققت نسبة مشاهدة وصلت إلى 55.2 في المئة خلال وقت الذروة و39.8 في المئة على مدار اليوم، وذلك خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان الجاري. وبحسب بلاغ للقناة، فإن مسلسل "المكتوب”"استطاع الوصول إلى أعلى نسبة مشاهدة في تاريخ المسلسلات التي أنتجتها القناة الثانية إلى حدود اليوم، بمعدل متوسط يقدر بـ30 في المئة. واستطاع العمل أن "يجذب ما يقارب 7.5 مليون مشاهد خلال اليوم الأول من بثه"، حسب بيان للقناة الثانية، مبرزا أنه نجح في الحفاظ على هذا العدد إلى أن وصل إلى 9 ملايين و635 ألف مشاهد خلال اليوم الثامن من رمضان. كما يتصدر المسلسل قائمة "الترند" المغربي للأعلى مشاهدة على منصة "اليوتيوب" منذ عرض أولى حلقاته في اليوم الأول من رمضان. ولاقت شخصية الشيخة احتفاء كبيرا على مواقع التواصل، وأشاد متابعون بالممثلة دنيا بوطازوت وعلقوا قائلين إنها أدت دور الشيخة (المغنية والراقصة الشعبية في المغرب) بشكل جيد، وإن صوتها وأداءها للأغاني كان متقنا، وتداول رواد مواقع التواصل لقطة من المسلسل تظهر دفاع "الشيخة" عن نفسها بطريقة عفوية، بعد تعرضها للتحرش من طرف أحد زبائن الملهى الليلي أثناء تأدية عملها. النقاش والتعليقات انصبت حول مهنة "الشيخة" بمفهومها التقليدي، ونظرة المجتمع إليها، بين من يرى فيها صانعة للفرجة تحمل رسالة فنية، وامرأة تقوم بمهنة منبوذة، غالبا ما يتم خلطها مع البغاء. لكن هذا الاحتفاء اثار غضب بعض الدعات، ما دعى للداعية ياسين العمري لانتقاد العمل بشدة لتمجيده شخصية "الشيخة". وفي محاضرة له قال العمري، إن "المسلسل يقدم الشيخة على أنها القدوة في المجتمع وهذا منكر يريدون أن نطبع معه". وأضاف: "البنت في المسلسل تفتخر أن أمها شيخة، وعندما تنتقدهم يقولون إنه الواقع، أبدا هذا الواقع الذي يعيش فيه هؤلاء فقط". وتوجه العمري بالسؤال إلى الحاضرين في اللقاء الموثق بمقطع فيديو حول ما إذا كان في أحيائهم "شيخات"، فأجاب ثلاثة حاضرين بالنفي، ليرد قائلاً: "ها هي إذن ثلاثة أحياء بلا شيخات، لكن من الضروري أن تجد هناك نساء متدينات ويحفظن القرآن، هذا هو الواقع المغربي فلمَ لا يصنعون مسلسلات تتحدث عنه؟". وشهدت منصات التواصل الاجتماعي بالمملكة، تبادل الانتقادات بين المدافعين عن ما قاله الداعية المغربي العمري والمنتقدين لتصريحاته. وكتب الطالب و الباحث  حمزة الكنودي على صفحته بفيسبوك قائلا "الصراحة، وجدت كلامه أكثر اعتدالاً من تدوينات البعض من دعاة الحرية، والمدافعين عن حرية التعبير وحقوق الإنسان، وجدت رأيه لا ينزاح عن رأي الغالبية العظمى ممن كانوا ينتقدون إنتاج القنوات العمومية خلال شهر رمضان". وأضاف: "في كل الأحول اتفقنا أو اختلفنا معه، فهو كشخصية عمومية، كان له القدرة على تقديم تصوره ورؤيته، لكن دعاة الحرية لا قدرة لهم على نقد الواقع وعلى نقد الإنتاجات التي تستهلك ميزانيات ضخمة من الأموال العمومية". واستغل الروائي المغربي، محمد بنميلود، فرصة الجدل من أجل استحضار الفنانة المغربية الحاجة الحمداوية التي كانت أحد أبرز "الشيخات". وكتب قائلاً: "أفلا يكفي أن تكون هذه الشيخة العارفة بالله قد صدحت ذات يوم بأغنية: أنا عزبة من الركابي والقاع داه العتابي.. حتى تكون قد هزمت كل خفافيش الظلام والغش والنفاق والشقاق". ويرى العديد من المغاربة أن "الشيخة" لعبت أدواراً مهمة في تاريخ البلاد، تعدت نطاق الفن والفرجة. وقال الناقد المغربي والباحث في المسرح والأدب الشعبي حسن بحراوي في تصريحات لمو قال إن "الشيخة كانت ولا تزال حاضرة بقوة في المجتمع المغربي، إذ يلجأ لها الجميع لتنشيط الحفلات والأعراس، وتحظى بمكانة مهمة في المناسبات العائلية والوطنية وغيرها، لكن المجتمع يدير ظهره لها بسرعة بعض انقضاء حاجته منها". كما أن مفهوم "الشيخة" واكب التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي عرفه المغرب، حيث كانت الشيخة خلال الحماية تغني فن العيطة كتعبير عن صوت القبيلة الثائرة في وجه الاستعمار، ثم تحولت بعد الاستقلال وعودة السلطان محمد الخامس من المنفى إلى تعبير عن الفرح دام لسنوات بعد خروج المستعمر. وفسر الكاتب النظرة المتناقضة للشيخة في المجتمع المغربي قائلا: "إن مهنة الشيخة بمعناها القديم، وقعت ضحية تشويه من الاستعمار الفرنسي الذي حاول ما أمكن أن يفرغها من حمولتها الثقافية والفنية". يدوره دافع الناقد المغربي عبد الكريم واكريم عن المسلسل ودون قائلا “تناول تيمة الشيخة دراميا يعتبر تجديدا وابتعادا عن التيمات المكررة وغوصا في هموم شريحة فنية لطالما لم تكن تُعطاها القيمة التي تستحقها. إذ يحاول المسلسل وبشكل فني وبدون أي خطاب مباشر تصحيح الصورة المغلوطة التي ترسخت في العقل الجمعي للمجتمع المغربي عن الشيخة وهذا يحسب للمسلسل وللقائمين عليه”.

مشاركة :