أجواء روحانية تعيشها داخل المسجد النبوي، وأنت تشاهد السباق بين المؤمنين للتزود من الأعمال الصالحة، وحرصهم على استغلال أوقات الشهر المبارك، وتشاهد مظاهر البر والإحسان والتراحم والتآلف بين الزوار والمصلين في أبهى صوره، لتتجلى أمامك الصورة المشرقة للإسلام في أجمل حللها، بتعاليمه السمحة وأخلاقه النبيلة، وسط خدمات متكاملة، وبذل وعطاء رجال نذروا أنفسهم لخدمة هذه البقاع المباركة طلباً لما عند الله وتشرفاً بخدمة زائري مسجد المصطفى عليه الصلاة والسلام. في ثنايا هذه السطور نعيش معك أجمل المشاهد من داخل المسجد النبوي وبين جنباته الطاهرة لتشاهد ما يدور في اليوم الرمضاني بالمسجد النبوي. الصلاة المضاعفة المشهد الأول الذي يجذبك في المسجد النبوي، هم هؤلاء المصلون الذين يبدؤون يومهم الرمضاني في المسجد النبوي من قبل شروق شمس كل يوم من أيام شهرهم، مسبحين ذاكرين، تالين لكتاب ربهم، ظافرين بالصلاة المضاعفة، ومنقطعين لعبادة ربهم، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه أنه قال (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) فهنيئاً لهم هذا الفضل العظيم وهنيئاً لساكني طيبة هذا الجوار والقرب من مسجد المصطفى عليه الصلاة السلام. موائد الخير وفي مشهد آخر يتسابق فيه أهل المدينة المنورة ومحبو الخير في هذا البلد المبارك على تقديم موائد الإفطار لزوار المسجد النبوي، في شهر الخير والبذل والإحسان، حيث تتجلى معاني الكرم والرحمة والإيثار بين المسلمين، فتجد أصحاب السُّفَر يتنافسون في تقديم الخدمة بأنفسهم، فالكل يشرف بخدمة المصلين والزوار، وسط تنظيم ومتابعة دائمة من وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي للجمع بين تفطير المصلين والمحافظة على روحانية ونظافة المسجد النبوي وأن يبقى مهيأ للمصلين الذاكرين كي يؤدوا عبادتهم براحة واطمئنان. فالكلمات هنا تقف عاجزة عن وصف جمال المشهد، فما أبهاها من صورة عندما تشاهد الصغار والكبار يستقبلون الزائرين والمصلين في الساحات وقبل دخولهم للمسجد النبوي ويأخذون بأيديهم إلى حيث سفرهم، رغبة في إكرامهم ونيل الأجر العظيم في تفطير الصائمين فيكون لهم من الأجور مثل أجور من جلس معهم على هذه الموائد، فيجتمع على هذه السفر من جميع أصقاع العالم عربهم وعجمهم جمعتهم أخوة الدين، فتشاهد الابتسامة تعلو وجوههم، حيث تحققت لهم الفرحة الأولى بفطرهم، واجتمع لهم شرف الزمان والمكان. وموائد السفر الرمضانية في المسجد النبوي لا تفرق بين الغني والفقير والصغير والكبير والمسؤول والزائر فالجميع هنا يجلس على هذه السفر ويتناول الأصناف والمشروبات نفسها على جميع السفر. مظاهر العناية وفي هذا المشهد تبهرك مظاهر العناية والاهتمام بتطهير ونظافة المسجد النبوي والمحافظة عليه مما يدر صفوه، ليبقى مهيأ للمصلين، فتعمل وكالة شؤون المسجد النبوي على متابعة ما يدخل للمسجد النبوي من طعام، وتستبعد ما يمكن أن يترك أثراً أو رائحة داخل المسجد، وسمحت بأصناف محددة كالتمر والزبادي والشريك بالإضافة للقهوة والشاي، وعملت هذا العام على تنظيم مختلف ووجبات معلبة وجاهزة لضمان وصول الإفطار للمصلين والزائرين مع المحافظة على جودة وسلامة الأطعمة وعدم الإسراف في الموائد. وخصصت لجاناً خاصة لمتابعة سير عملية الإفطار في المسجد النبوي، فتتجه الفرق لمواقعها بعد صلاة العصر مباشرة لمتابعة مد سفر الإفطار والذي يكون في وقت محدد، ويستمر عمل الفرق حتى رفع جميع ما تبقى من الأطعمة بعد صلاة المغرب. الصحة والبيئة وتولي الوكالة عناية خاصة بالجانب الصحي من خلال متختصين في الصحة والبيئة ومتابعة ما يقدم من وجبات والتأكد من عدم تعرضها للحرارة أو لأشعة الشمس، ولبس قفازات صحية من قبل مقدمي الخدمة طوال فترة التحضير، وخلو مقدم الخدمة من العدوى أو الأمراض لا قدر الله. 70 كلم امتداد السفر يصل طول سفر الإفطار في المسجد النبوي وساحاته وسطحه لأكثر من 70 كيلو مترا، كأطول السفر الرمضانية في العالم، وترفع جميعها قبل إقامة صلاة المغرب، فالجهود التي تقدم من قبل العاملين كبيرة في رفع آلاف السفر خلال مدة لاتتجاوز الدقائق الخمس، فما أن يقيم المؤذن لصلاة المغرب حتى تجد المسجد النبوي وقد هيأ للصلاة و رفعت جميع السفر بسرعة عالية، وباحترافية متناهية، وأخرجت النفايات خارج المسجد النبوي مع الحفاظ على الأطعمة المتبقية من قِبل أصحاب السفر، لتُخرج من المسجد بعد الصلاة مباشرة. وتستكمل دورة العناية والتطهير والتبخير والتطييب للمسجد النبوي بعد صلاة المغرب ليكون جاهزا لاستقبال المصلين لصلاة العشاء والتراويح. التراويح والقيام وما أن تقترب صلاة العشاء والتراويح حتى يبهرك منظر توافد المصلين على المسجد النبوي، فتشاهد الطرق والممرات تمتلئ بالزوار وأهل المدينة المنورة الذين يتوافدون منذ وقت مبكر لأداء الصلاة في المسجد النبوي، فتشاهد الأبواب قد أشرعت لاستقبالهم والممرات قد هيأت بكوادر دأبت على إدارة الحشود البشرية وبكثافات عالية، ومسارات توصلك لأي موقع تريده في المسجد النبوي ومرافقه، ومتابعة دائمة من وكالة شؤون المسجد النبوي والجهات المشاركة في التنظيم، وجهود مساندة من الفرق التطوعية هدفهم جميعا سلامة المصلي وتسهيل أداء صلاته بيسر وسهولة، كما تشاهد عناية خاصة بكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة وتسهيل تنقلهم بسيارات الجولف والعربات المتنقلة وتخصيص مواقع لهم للصلاة بجوار أبواب المسجد النبوي، وتشاهد مشربيات وحافظات الماء المبارك على جنبات المسارات، وقد هيأت وكالة شؤون المسجد النبوي كافة الخدمات التي يحتاجها الزوار والمصلين، عناية فائقة بأقدس بقاع الأرض وأشرفها وخدمة لمن حل ضيفًا للرحمن فيها… فترفع يديك حامدًا لله وشاكرًا له على ما اسبغ من نعم ، كما نسأله أن يوفق ويحفظ هذه البلاد المباركة من كل سوء ومكروه، وأن يجزي قادتها خير الجزاء وأوفره على عنايتهم واهتمامهم بالحرمين الشريفين وتشرفهم بخدمة قاصديهما.
مشاركة :