مسيرة الكاتب نعيم فتح مبروك مع الأدب تتشكل في حضوره النوعي، كما يقترب من المسرح في مجال التأليف، إذ وجد ذاته من خلاله، كما يبيّن؛ فقد تحصل على مراكز أولى في مسابقات عمانية وعربية مرموقة. يقول الكاتب “قد تكون الصُّدفة هي من أوصلتني إلى عتبة الكتابة المسرحية وأذكر البدايات الأولى وأنا على مقاعد الدراسة، حينما طلب منا أستاذ اللغة العربية ذات يوم كتابة تعبير حول موضوع معين، وفي اليوم الثاني تم استدعائي من قبل الأستاذ وأخبرني بأن ما كتبته ليس تعبيرا، فاستغربت من حديثه، وأكمل حديثه قائلًا ‘إن ما كتبته يعتبر قصة، أو ما يشبه القصة، وإن كان يحتاج إلى المزيد من الإجادة لكونها تجربة أولى طبعًا’، ونصحني بأن أحاول الاستمرار في الكتابة وتثقيف نفسي أكثر حول الكتابة، لأني كما يرى لدي موهبة وهي تحتاج مني إلى المزيد من الصقل والمثابرة حتى تنضج”. أهمية الجوائز نعيم فتح مبروك: كان للجوائز دور كبير في تحفيزي على الاستمرار في الكتابة يقول الكاتب “كانت هذهِ هي المرة الأولى التي أتعرف فيها وأكتشف قدرتي على كتابة القصة، ومن يومها انتبهت لموهبتي، وأخذت أنمّي تجربتي من خلال العديد من الأعمال من بينها حلقات العمل الخاصة بكتابة القصة، ومن خلال عملي كمعلم في وزارة التربية والتعليم وكنتُ أقوم بتحويل بعض الدروس التعليمية التي يصعب على بعض الطلاب استيعابها أو فهمها وأقدّمها في شكل مسرحيات منهجية بسيطة، وهنا لمست شغف الطلبة وحبهم لدروس المسرح واستيعابهم وفهمهم هذهِ الدروس واكتشفت قدرتي على الكتابة المسرحية الإبداعية”. ويضيف فتح مبروك “كل ذلك دعاني إلى المشاركة في مهرجان المسرح المدرسي في أغلب نسخه وتم تتويجي في أكثر من مرة بالمركز الأول كأفضل نص مسرحي في مهرجان المسرح المدرسي، وفي سنة 2010 كانت مشاركتي الأولى في مسابقة المنتدى الأدبي فتم تتويجي بالمركز الأول عن نص مسرحية ‘قلوب ضريرة’ وفزتُ بالمركز الأول في نفس المسابقة سنة 2013 عن النص المسرحي ‘الشرنقة’، وفي سنة 2014 تُوّجتُ بالمركز الأول عن النص المسرحي ‘عطش السنين"”. ويذكر أنه توالت الإنجازات، مما دفعه بعد ذلك إلى المشاركة في مهرجان مسقط السينمائي وحاز حينها جائزة الخنجر الذهبي في هذا المهرجان لأفضل سيناريو روائي طويل مناصفة عن فيلم “عيون الليل” في 2014، وفي عام 2016 كانت له مشاركة في مسابقة جائزة الشارقة للتأليف المسرحي -مسرح الكبار- وفاز بالمركز الثاني عن النص المسرحي “أحلام ممنوعة”، وفي عام 2017 تم تتويجه في مسابقة جائزة الشارقة للتأليف المسرحي بالمركز الأول عن النص المسرحي “ظل الذكرى”. ويقول فتح مبروك “تتابعت المشاركات الخارجية، وعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر المشاركة في أيام ‘مهرجان المسرح الصحراوي’ في منطقة الكهيف في الشارقة من خلال عرض العمل المسرحي العُماني ‘عشق في الصحراء’، ويتناول قصة أسطورية قديمة حدثت في الصحراء العُمانية، وهي معالجة مسرحية لرواية ‘موشكا’ للكاتب العُماني محمد الشحري، ومن إعدادي المسرحي، وتحكي عن علاقة حب تنشأ بين إنسيّ ‘خدير’ وجنية ‘موشكا’، وتدور أحداثها في أجواء غريبة في الصحراء؛ حيث منازل ‘اللبان’ التي يعمل فيها العمال ضمن بيئة جافة قاسية، ومن خلالها ينتصر الحب في نهاية أحداث هذه المسرحية الدرامية الغرائبية”. وينتقل مبروك إلى الحديث عن أهم إصداراته الأدبية، من بينها “عرائس بشرية” و”قلوب ضريرة”، وهما مجموعتان مسرحيتان، والإصدار الأول خاص بالأطفال بينما الثاني خاص بالكبار، وفي عام 2022 صدر له كتاب “مشاعر مبعثرة”. وحول الجوائز يقول الكاتب “كان للجوائز دور كبير في التحفيز والاستمرار في الكتابة المسرحية لأنها تصقل الموهبة وتطورها، وهذهِ دعوة لعودة مثل هذهِ المسابقات لما لها من دور كبير في صقل المواهب وتطويرها. فبعد فوزي بجائزة الشارقة للتأليف المسرحي على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي توجهت إلى الكتابة الدرامية بأنواعها المختلفة (الدراما الإذاعية، الدراما التلفزيونية، السينما)”. ويضيف “كان أول الأعمال الدرامية التلفزيونية مسلسل ‘سدرة’، من بطولة الفنان الكويتي سعد الفرج والفنان السعودي سعيد قريش ومجموعة من الفنانين العمانيين على رأسهم الفنان صالح زعل والفنانة الراحلة شمعة محمد وعدد كبير من الفنانين من الوطن العربي، ومن إخراج يوسف البلوشي. وشاركت في تأليف الفيلم العماني ‘قلوب ضريرة’، وهو من بطولة عدد كبير من الفنانين العمانيين، كما شاركت في الفيلم العماني ‘دنيا ليلى’ وبعدها كان الإنجاز الثاني ومسلسل ‘حينما تعزف الريح’، وهو من بطولة الفنان جاسم النبهان وعدد كبير من الفنانين من مجلس التعاون الخليجي والممثلين العمانيين”. هموم المجتمع Thumbnail ينتقل فتح مبروك إلى الحديث عن المسرح المدرسي وأهميته في توثيق العلاقة المعرفية لدى الناشئة وارتباطهم بالمحيط الثقافي الخاص بهم، ومدى الحاجة إليه في ظل التدفق المعلوماتي والفضاءات المفتوحة، وهنا يقول “المسرح المدرسي له أهمية كبيرة في ظل التدفق المعلوماتي والفضاءات المفتوحة، فهو يلعب دورًا فعّالًا في تثقيف النشء وحمايتهم من هذا الغث الذي يكتسح كل المجالات”. ويضيف “يعمل المسرح المدرسي على صقل مواهب وقدرات الطلاب على اختلاف مواهبهم، فهو من يعلم النشء الفصاحة وقوة الإلقاء والقدرة على المواجهة والتعاون بين الأفراد، كما أنه يمهد الطلبة ويجعلهم يمارسون كل المهن والأدوار الحياتية وتقديم أدوارهم في شتى المجالات في الحياة بكل سهولة ويسر، وكم كانت سعادتنا كبيرة برجوع مهرجان المسرح المدرسي من جديد بعد توقفه لسنوات بسبب جائحة كورونا، وسعدت عندما قمت بتقديم حلقة عمل بعنوان ‘أسرار الكتابة المسرحية’، بالإضافة إلى مشاركتي في مسرحية ‘اليتيم’ التي قدمتها محافظة البريمي في هذا المهرجان”. وكان نصيب الدراما وارفًا في منجز الكاتب، فهناك أعمال درامية إذاعية ألفها نالت شهرة واسعة، وهنا يقدم تجربته مع الدراما وما تتميز به عن بقية الأعمال الأدبية في إيصال الرسالة الثقافية والاجتماعية والإنسانية، ويؤكد “في حقيقة الأمر إن كتابة النصوص الدرامية للإذاعة ليست أمرا سهلا، فأنت مطالب بأن تستقطب المستمع وتقرّبه من فكرة النص (ذهنيًّا)، فهو يسمع فقط ولا يرى من يقوم بتلك التجربة والمتمثلة في الكتابة والإخراج والتمثيل، وعلى الكاتب أن يكون أكثر وعيًا بذات المستمع، وأن يحشد كل تقنيات الكتابة ليجعل من النص المكتوب (المادي) سياقًا أدبيًّا ذا حراك وتفاعل منسجمين”. ويضيف نعيم فتح “في عام 2010 كانت أول الأعمال الدرامية الإذاعية المقدمة من أستوديو الإذاعة في صلالة وشرفت بأن أكون أحد أركانها من خلال تأليفي مسلسل ‘نهر الذكريات’، وهو من إخراج عبدالله حيدر ومشاركة عدد كبير من الممثلين من محافظة ظفار. وقد احتوى المسلسل على بعض الأهازيج والفنون الشعبية في حلقاته الثلاثين، وبعد النجاح الذي حققه توالت الأعمال الإذاعية فكان مسلسل ‘حكاوي الجدة’، وهو نوعي وخاص بالأطفال، ومسلسل ‘الأيام’، وهو في حلقات منفصلة تتحدث كل حلقة عن موضوع اجتماعي معين يناقش ويسلط الضوء على كل الجوانب، ثم مسلسل ‘الحب الكبير’ الذي يتحدث عن أهمية الوفاء بين الناس، ومسلسل ‘أحزان جميلة’ الذي يعالج الكثير من المشكلات الاجتماعية المحلية المعاصرة”. أول الأعمال الدرامية التلفزيونية للكاتب نعيم فتح مبروك كان مسلسل "سدرة’، من بطولة الفنان الكويتي سعد الفرج والفنان السعودي سعيد قريش ومجموعة من الفنانين العمانيين ويتابع “بعدها بفترة قصيرة قدمت مسلسل ‘البيت الكبير’ الذي يتحدث عن أهمية العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع العماني والوحدة والتعاون بين أفراد المجتمع الواحد، والكثير من الأعمال الأخرى التي وصلت إلى 11 مسلسلا إذاعيًّا قمتُ بتأليفها. وهذا العام في رمضان لدي مسلسل ‘الأسطورة’ الذي يتحدث عن النمر العربي وعن حقيقة وجوده في جبال ظفار، وهو أول دراما وثائقية تُقدّم على أثير إذاعة سلطنة عمان”. وأخيرا -وفي الشأن المسرحي بشكل عام- يقدم نعيم فتح رؤيته وكيفية تعامله مع القضايا التي تشغل هاجس الكتابة لديه، وأهم القضايا المتناولة في نطاق أعماله، حيث يقول “كما هو معروف فإن المسرح هو أبو الفنون ومن خلالهِ تناقش كل هموم المجتمع، والمسرح شغفي به متوهج لا يخفت، فهو مدخلي لكل هذهِ الفنون الأدبية من تلفزيون وسينما ودراما إذاعية، والتي لولا المسرح وشغفي به لما أصبح هناك كل هذا التنوع الأدبي النوعي، وقد حرصت من خلال خشبة المسرح على الحديث عن هموم المجتمع ومحاولة مناقشة بعض الظواهر السلبية التي ظهرت بسبب عوامل التطور وغيرها”. ويضيف “من خلال عملي مشرفا مسرحيا في التربية والتعليم بمحافظة ظفار حرصت على تثقيف الطلاب في المحافظة حول أهمية المسرح المدرسي وما يقدمه للطلاب من فوائد لا تعدّ ولا تُحصى، فقمت بتقديم الحلقات التعليمية والفنية للطلاب في مختلف مدارس المحافظة، في سهولها وجبالها وفي موضوع الكتابة القصصية والكتابة المسرحية والكتابة السينمائية وكتابة سيناريو الأفلام. وقمت بتحويل ثلاث روايات عمانية إلى سيناريوهات سينمائية وسيناريوهات إذاعية وأعمال مسرحية، وقدمت على خشبة المسارح رواية ‘موشكا’ -للكتاب العماني محمد الشحري- التي تطرقت إليها سابقا، فقد عملت لها سيناريو سينمائيا ومسرحيا، بالإضافة إلى رواية ‘الصيرة تحكي’ للكتاب العماني الدكتور سعيد السيابي. وكتبت سيناريوهات متعددة تحت اسم ‘قلب البحر’، فمنها السينمائي الذي يتناول أحداث هذه الرواية التاريخية، والمسرحي الذي قُدم في بعض مدارس محافظة ظفار، والدرامي الذي يتناول إذاعيًّا، بالإضافة إلى رواية ‘سجين الزرقة’ للكاتبة العمانية شريفة التوبية، حيث قمت بعمل سيناريو سينمائي لهذه الرواية أيضا”.
مشاركة :