بعد واحدة من أسوأ السنوات على الإطلاق بالنسبة إلى شركات النفط وشركات التعدين، ربما يُعذَر المستثمرون على سؤالهم عما إذا كانت لا تزال هناك فرص في السلع الأساسية بعد نهاية "الدورة الفائقة". السؤال في عام 2016 هو ما إذا كانت الكآبة التي حلت في القطاع هذه السنة تمثل أدنى نقطة قبل الانتعاش، أم أنها مجرد تحول إلى "الوضع العادي الجديد". بعبارة أخرى، هل وصلت الأسعار إلى أدنى مستوى لها، أم أنها ستبقى منخفضة أكثر لفترة أطول؟ هذا العام أسعار النفط وصلت إلى 55 دولارا للبرميل، أي أقل 50 في المائة تقريبا عما كانت عليه عام 2013، في حين انخفضت أسعار كل من النحاس والفحم وخام الحديد إلى مستويات عملت جميعا على تراجع الأسهم في شركات التعدين. تقول مجموعات تعدين، مثل جلينكور، "إن المعادن كالنحاس والنيكل انخفضت "ظلما" بسبب انهيار أسعار النفط وبسبب المضاربين". وتقول أيضا "إن الطلب المادي في آسيا قوي، في حين تتعرض الإمدادات لتراجُع الأسعار إلى ما دون مستوى تكلفة الإنتاج". على الجانب الآخر هناك المصارف، مثل جولدمان ساكس، ومجموعة من صناديق التحوط النشطة الموجودة في الصين، التي تراهن على أن الأسعار ستنخفض أكثر. وفي الوقت الذي يتباطأ فيه الاقتصاد في الصين، تدخل استثمارات بمليارات الدولارات في مشاريع جديدة للطاقة والتعدين مرحلة الإنتاج حاليا، ما يفرض ضغطا أكبر على الأسعار. وهذا يعني أن الأسعار ينبغي أن تبقى "أقل لفترة أطول" من أجل تحقيق التوازن في السوق. وبعد أربع سنوات من العوائد الفاترة أصبح المستثمرون يشعرون بخيبة أمل بسبب السلع الأساسية. وفي نهاية آب (أغسطس) الماضي وصل إجمالي أصول السلع الأساسية قيد الإدارة إلى 242 مليار دولار، بحسب ما يقول بنك باركليز، منخفضة عن 259 مليار دولار في بداية العام. وانخفض مؤشر إجمالي العائدات S&P GSCI بنسبة 26.3 في المائة هذا العام. على صعيد النفط، من الصعب العثور على مستثمر متفائل بشأن هذه السلعة. ويُلاحظ أن سياسة "أوبك" المتمثلة في فتح الصنابير من أجل الضغط على منافسي التكلفة الأعلى مضى عليها عام حتى الآن، وهي مستمرة بحسب ما تقرر في الاجتماع الأخير للمنظمة في فيينا يوم الجمعة الماضي. في هذه الأثناء تضخمت المخزونات في الاقتصادات المتقدمة لتقترب من ثلاثة مليارات برميل، بحسب وكالة الطاقة الدولية، ولا بد للسوق من استيعاب ارتفاع الصادرات بمجرد أن يتم رفع العقوبات عن إيران. وكانت خطة السعودية تركز دائما على المدى الأطول وقد تكون 2016 هي السنة التي تبدأ فيها في جني الثمار. فمع متوسط أسعار يبلغ تقريبا نصف المستوى الذي وصل إليه في الفترة بين عامي 2010 و2014، اضطرت صناعة النفط الصخري الأمريكية إلى تخفيض عدد منصات التنقيب عن النفط. وأجلت مجموعات نفطية دولية 200 مليار دولار من الاستثمارات المستقبلية. ويرى كثير من المحللين أن السوق ستشهد حالة من الشح في أواخر العام المقبل. وفي الوقت الذي لا يُتوقع فيه أن تعود الأسعار مرة أخرى إلى مستوى 100 دولار للبرميل، إلا أنها ربما تحتاج إلى أن ترتفع إلى مستوى يسمح بمزيد من الاستثمارات. في سوق المعادن الصناعية، يتوقع "جولدمان ساكس" أن يتم تداول النحاس بسعر يقترب من 4500 دولار للطن في نهاية العام المقبل، بعدما تراجع إلى أدنى مستوى منذ ست سنوات، حين هبط إلى 4481 دولارا في الشهر الماضي. ويشكل التباطؤ في الصين، التي تستورد 45 في المائة من المعدن، الأرضية التي يقف عليها تحليل "جولدمان ساكس". وقد تم دفع أحجام التداولات في شنغهاي إلى أعلى من أحجام تداولات بورصة لندن للمعادن في بعض العقود. مع ذلك تقول جلينكور وغيرها من شركات التعدين "إن مبيعاتها في الصين قوية". على صعيد المعادن النفيسة انخفض الذهب 45 في المائة إلى 1000 دولار للأونصة، بعدما وصل إلى ذروة بلغت 1902 دولار عام 2011. الرياح العكسية الأكبر التي تواجه هذا المعدن الثمين هي ارتفاع محتمل في أسعار الفائدة من قبل "الاحتياطي الفيدرالي" قبل نهاية هذا العام. وتميل زيادة أسعار الفائدة لأن تلقي بثقلها على الأصول غير المدرة للعوائد، مثل الذهب والفضة. ويقول محللون لدى "ناتيكسيس"، "في الوقت الذي يرفع فيه الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة وتزداد تكلفة الفرصة للحصول على الذهب، نتوقع أن تنخفض أسعار المعدن الأصفر إلى ما دون ألف دولار للأونصة". ويبقى الطلب في كل من الصين والهند قويا. وينتظر كثير من المستثمرين لمعرفة ما إذا كان البنك المركزي في الصين سيواصل مشترياته. ويقول محللو بنك إتش إس بي سي "نتوقع أن تتعافى أسعار الذهب أخيرا في عام 2016". في جانب آخر من السوق انخفض القمح 22 في المائة عام 2015، والذرة 8 في المائة، وفول الصويا 14 في المائة. وبالنسبة إلى عام 2016 سيكون التركيز الأكبر على أثر ظاهرة إلنينيو التي تهدد المحاصيل. الكاكاو الذي خالف الاتجاه العام واندفع في عام 2015، يبدو معرضا للبيع. ومن المتوقع أن يشجع ارتفاع الأسعار إنتاج كميات أكبر من هذا المحصول.
مشاركة :