فيلسوف الحضارة الأوروبية

  • 4/29/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر الفيلسوف الألماني الشهير إيمانويل كانط أكبر فلاسفة العصور الحديثة، فقد اعتزل الناس وآثر الوحدة ليتفرغ للبحث والتدقيق والتأمل حتى أصبح الشخص الذي زلزل قوائم الفكر الأوروبي وثقافته السائدة لدرجة أن كثيرين من المهتمين بأمور الفلسفة والحضارة يعدونه شرارة الانطلاق الحضاري الأوروبي الحديث.لقد كان أهالي كونسبرج يحبون كانط ويرون فيه مثالا للطيبة والشفقة ولم يأخذوا عنه إلا ضبطتهم لساعاتهم عندما يرونه يخرج من داره للتنزه عصرا فيدركون أن الساعة قد بلغت الرابعة والنصف، ولو أنهم كانوا يعلمون ما سيصنعه كانط في فكر أوروبا كلها لارتاعوا - كما يقول هيني - من وجود هذا الرجل الخطر بين ظهرانيهم !!.فقد كان أهالي بلدته (كونسبرج) يتوقعون كل شيء إلا أن يخرج هذا الأستاذ الهادئ المتواضع نظاما جديدا سيهتز له العالم أجمع، وإذا أردنا أن نتحدث عن سيرته الذاتية فإننا لا نجد له أي سيرة لأن حياة العزلة التي فرضها على نفسه وسط برنامج يومي دقيق جعله مثل الآلة التي لا تعرف التغيير، ولكنه آلة عظيمة بلا شك كما يقول الأستاذ العقاد، فهو يصحو من نومه في الساعة الخامسة صباحا بالتمام والكمال ثم يتناول قدحه من القهوة ثم يعمل في القراءة وتحضير محاضرته في الجامعة ما يقارب الساعتين ثم يلقي محاضرته، ثم يعود إلى مكتبه فلا يفارقه حتى الساعة الواحدة بعد الظهر، ثم يستعد للغداء فيقضي على المائدة ساعتين مع رفاقه وأصحابه، ثم يخرج في حوالي الرابعة والنصف من منزله لممارسة رياضته المعهودة (المشي)، ويقال إن الناس حينها كانوا يضبطون ساعاتهم إذا رأوا كانط يخرج من منزله لأنهم يعلمون أن الساعة الآن قد بلغت الرابعة والنصف تماما !!!.في الجامعة، شرع كانط بإلقاء محاضراته في الرياضيات والفلسفة عشر سنوات وكان الطلاب حينها مفتونين بفصاحته وبلاغته لدرجة أن هردر الأديب الألماني الشهير - وكان أحد تلاميذه - قد نظم إحدى محاضراته شعرا لما استحوذ على نفسه من بيانها وسحر معانيها، فكافأه الأستاذ على ذلك بإلقاء المحاضرة المنظومة على زملائه الطلبة قبل البدء في محاضرته الجديدة.كتب كانط كتبه بلغة صعبة وجافة على عكس محاضراته التي كانت سلسة وبليغة، فقد كان الطلاب يبكرون ساعة قبل موعد درسه لازدحام القاعة وشدة الإقبال على سماعه، فلم يبلغ فيلسوف حديث في حياته ما بلغه كانط من بعد الصيت وعلو المنزلة وحب الناس له، وسعيهم إلى لقائه من كل صوب على تعذر المواصلات في ذلك العهد، حتى أن طبيبا روسيا خلع معطفه على خادم الفيلسوف لأنه مكنه من مقابلته في أواخر أيامه !!.@albakry1814

مشاركة :