رسم مسؤولون كبار وخبراء اقتصاديون محليون ودوليون صورة متفائلة للتوقعات الاقتصادية للإمارات خلال السنوات المقبلة رغم تقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية والتباطؤ في اقتصادات العديد من المجموعات والدول بالفترة الماضية. وأكدوا أن الدولة ستكون قادرة على مواصلة النمو المتوازن وتعزيز تنافسيته متخطياً التحديات المحتملة ومدفوعاً بمحركاته الذاتية وقاعدة إنتاجية قوية في ظل سياسة التنويع الاقتصادي، فيما توقع معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد أن يحقق الاقتصاد الإماراتي نمواً في عام 2016 يتراوح بين 3 % و3.5 % وان يكون قطاعا الصناعة والسياحة أبرز القطاعات الداعمة للنمو. جاء ذلك في إطار الدورة الثالثة لملتقى الإمارات للآفاق الاقتصادية 2016، الذي تنظمه دائرتا التنمية الاقتصادية في إمارتي أبوظبي ودبي، في فندق قصر الإمارات بأبوظبي وذلك بحضور معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد . وسامي القمزي المدير العام لدائرة التنمية الاقتصادية في دبي وخليفة بن سالم المنصوري وكيل دائرة التنمية الاقتصادية بالإنابة، إلى جانب عدد كبير من مسؤولي الدوائر الحكومية وصانعي القرار، وممثلي مجتمع الأعمال ونخبة من الخبراء الاقتصاديين دولياً ومحلياً. قوة اقتصادية وأكد وزير الاقتصاد أن امارتي ابوظبي ودبي تقودان التوجه الاقتصادي للإمارات، حيث تشكلان 80 % من القوة الاقتصادية للدولة، لافتا الى هذا الحدث السنوي المهم يوفر منصة حيوية تجمع المسؤولين وأصحاب القرار والمختصين والخبراء والمهتمين لتبادل الآراء والأفكار والمقترحات للارتقاء بالمنظومة الاقتصادية في الدولة بكافة قطاعاتها وعناصرها. لافتاً الى أن معاني ودلالات هذا المحفل الاقتصادي السنوي الهام كثيرة وعميقة لعل أبرزها حالة الانسجام والتكامل المثالي بين الجهات والمؤسسات الاقتصادية في الدولة وأبرز أمثلتها الحيه التعاون البناء بين دائرتي التنمية الاقتصادية في أبوظبي ودبي ليس في تنظم هذا الحدث فقط وانما تعاونهما المتواصل الذي يستهدف الصالح العام وتعزيز تنافسية اقتصادنا الوطني وتقوية أركانه. وقال معاليه: إننا قبل أيام احتفلنا سوياً بذكرى اليوم الوطني الرابع والأربعين ووقفنا خلاله على العديد من المحطات المضيئة في مسيرة اقتصادنا الوطني، على مدار سنوات ليست طويلة من عمر الزمن ولكنها كبيرة من عمر الإنجازات المتحققة. وقال وزير الاقتصاد، لقد اختتم العام الماضي وقد سجل اقتصادنا نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بلغ 4.6% محققاً قرابة 1.47 تريليون درهم ليكون العام الأفضل اقتصادياً منذ قيام الاتحاد. واليوم ونحن على اعتاب توديع العام الجاري، نتوقع أن يسجل اقتصادنا الوطني نمواً بين 3 -3.5% رغم مختلف التحديات الدولية سواء على صعيد التراجع الكبير لأسعار النفط، أو حالة الضعف والتذبذب التي يبدو عليها الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن. شوط كبير وأوضح أن الدولة قطعت شوطا كبيرا على طريق استيفاء شروط استدامة النمو الاقتصادي، إذ بات اقتصادنا الوطني أقل اعتماداً على الموارد النفطية كمصدر للإيرادات، حيث يشكل النفط اليوم حوالي 30 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي للدولة، وهذه النسبة في تراجع مستمر بالتوازي مع زيادة مساهمة القطاعات الانتاجية غير النفطية. وقال إننا نرى أنه نتيجة للبدء بتطبيق رؤية الإمارات 2021 الطموحة، فقد بات التطور ملموسا في العديد من القطاعات الاقتصادية بالدولة، وفق الخطط الموضوعة لتحقيق وأهداف الأجندة الوطنية. مشيراً الى انه في مسيرة التنويع الاقتصادي تلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة جزءاً مهماً للغاية من منظومة التنوع وهو حال كبرى الاقتصادات العالمية، حيث وصلت مساهمة هذه المشاريع إلى 60% في الناتج غير النفطي في 2014 مع توجهات لرفعها لتصل إلى 70% بحلول العام 2021. قانون الاستثمار ولفت إلى أن نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي للدولة تصل إلى أكثر من 14%، ويتوقع لها أن تصل إلى 20% بحلول عام 2025، وذلك باستهداف التوسع في الصناعات غير التقليدية القائمة على الابتكار والتي تعزز من الاقتصاد القائم على المعرفة. ونسعى حالياً لإنجاز قانون الاستثمار الأجنبي بالتعاون مع المجلس الوطني الاتحادي في دورة انعقاده الجديدة، ونأمل بأن يرى هذا القانون النور خلال العام المقبل نظراً لما يمثله من نقلة نوعية في القطاعات الأكثر استهدافاً بموجب الخطط الوطنية الطموحة وعلى رأسها رؤية الإمارات 2021 وأجندتها الوطنية. مقومات كثيرة ونيابة عن علي ماجد المنصوري رئيس دائرة التنمية الاقتصادية أبوظبي افتتح خليفة بن سالم المنصوري وكيل الدائرة بالإنابة الملتقى الذي يستمر يومين بكلمة ترحيبية هنأ في مستهلها الحضور بالذكرى الوطنية المجيدة الرابعة والأربعين لليوم الوطني لدولة الإمارات، مشيراً الى ان هذا التاريخ المهم يمثل بداية لمسيرة النهضة والرخاء التي أرسى قواعدها وشيد قوامها الآباء المؤسسون، وفي مقدمتهم المغفور لهما بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم طيب الله ثراهما. اقتصاد دبي وأشاد سامي القمزي، مدير دائرة التنمية الاقتصادية دبي بالإقبال الذي شهده الملتقى في دوراته السابقة، والذي يمتد في دورته الحالية على مدى يومين لتعميق النقاش والتحاليل حول الآفاق الاقتصادية لسنة 2016، وتقييم المسيرة والاستفادة من التجارب الدولية في مجال تنمية الإنتاجية والتنافسية. 4 % نمواً وأضاف القمزي أن إمارة دبي أثبتت صلابة اقتصادها وقدرته على التأقلم مع تقلبات الاقتصاد الدولي، حيث حققت معدل نمو يفوق 4% سنويا خلال السنوات الأربع الماضية متجاوزة بذلك معدل 3.5% المسجل على مستوى الاقتصاد العالمي في نفس الفترة الزمنية. وتشير التقديرات الأولية إلى تحقيق حوالي 4% نموا مع نهاية السنة الحالية. ويرجع هذا الأداء الإيجابي إلى عدة عوامل يساهم في تفعيلها كل من القطاعين الحكومي والخاص، ويتمثل العامل الرئيسي في رؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة والشاملة التي تحدد الاستراتيجية العامة، والتي تهدف إلى أن تكون دبي في طليعة المدن المتقدمة. وقد ترجمت هذه الرؤية من خلال عدة عوامل تنموية من بينها خيار الانفتاح والتواصل مع العالم في مجال المعرفة وتجارة السلع والخدمات والاستثمار مما يعزز من انتاجية عناصر الإنتاج، وكذلك التطوير المستمر لبيئة الأعمال وتوفير بنية تحتية عالية الجودة تضمن الحفاظ على القدرة التنافسية للإمارة. واستطرد القمزي: قد أصبحت دبي لاعباً رئيسياً في عدة مجالات من الاقتصاد الدولي وهي تسعى لتكون من أهم خمسة مراكز عالمية للتجارة والنقل والتمويل والسياحة. وتطمح الإمارة من خلال خطتها 2021 إلى تطوير نموذج النمو لديها من الاعتماد على تراكم عوامل الإنتاج إلى نموذج يرتكز على الابتكار والإنتاجية، بالإضافة إلى الاعتماد على قاعدة متنوعة من النشاطات الاقتصادية ذات القيمة المضافة، بما يمنح اقتصاد الإمارة القدرة على مجابهة أية صدمات داخلية أو خارجية قد تحدث . ومن هذا المنطلق، سنسلط الضوء غدا على الدروس التي يمكن استنتاجها من التجارب الدولية الناجحة في مجال تنمية الإنتاجية والتنافسية. وأضاف القمزي أن تعزيز وتحسين الرخاء الذي نتمتع به في الإمارة يعتمد بشكل أساسي على وتيرة نمو الإنتاجية التي نحققها، حيث تحدد الإنتاجية العائد على الاستثمار وتميزه عن بقية الاقتصادات الأخرى. ومن هنا، نرى أن الإنتاجية والابتكار يشكلان المحرك الرئيسي وراء كل الأهداف التي ستمهد الطريق لتحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لتصبح دبي بحلول عام 2021 المكان المفضل للعيش والعمل والزيارة؛ ومدينة ذكية ومستدامة؛ ومركزاً محورياً في الاقتصاد العالمي؛ وحكومة رائدة. ونأمل أن يؤدي هذا الملتقى إلى تشخيص أهم العوامل والآليات التي من شأنها أن تضمن تحقيق هذه الأهداف. شهدت الجلسة الأولى للدورة الثالثة لملتقى الإمارات للآفاق الاقتصادية 2016 تقديم تقرير التنبؤات الاقتصادية لإمارتي أبوظبي ودبي. البنك الدولي: اقتصاد الإمارات قادر على توليد فرص أفضل للنمو قال مسؤول في البنك الدولي إن دولة الإمارات استفادت من تجربتها في مواجهة تبعات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، مشيراً الى ان سياسة سعر الصرف والسياسة النقدية الناجحة في الدولة تلعب دوراً مهماً في مساندة الاصلاحات، واعتبر العلاقة الوثيقة بين الدرهم والدولار من الامور التي ينبغي المحافظة عليها لدعم هيكل التجارة والاستثمار. وأكد الدكتور محمود محيي الدين السكرتير المؤسسي والمبعوث الخاص لرئيس البنك الدولي في تصريحات على هامش ملتقى الإمارات للآفاق الاقتصادية 2016 أمس ان الإمارات نفذت اصلاحات واجراءات مهمة في مجال الموازنة العامة والإجراءات الخاصة بالتنسيق بين الموازنة الفدرالية والموازنات المحلية وكذلك في سياسات الطاقة ومنتجاتها وسياسات الدعم بالإضافة الى تحسين كفاءة الإنفاق العام والمراجعات التي تتم لتحسين الإيرادات السيادية. مركز مهم ولفت الى ان الإمارات أصبحت مركزاً مهماً لتجميع الكفاءات والخبرات على مستوى المنطقة. وتوقع ان تتراوح اسعار النفط بين 52 دولاراً و58 دولاراً للبرميل بين 2016 و2018، مؤكداً أن متانة اقتصاد الدولة وقدرته على توليد فرص للنمو ستكون أفضل مما هي عليه الآن مدعومة بحركة الإصلاحات والهيكلة المالية. تطور اقتصاد الدولة يواصل نموه المتوازن انتهجت الإمارات منذ نشأة الاتحاد سياسات اقتصادية واضحة، دعمت خطواتها نحو تحقيق قفزات تنموية نوعية، وذلك بالتوازي مع التطور العام الذي شهدته الدولة على كافة الصعد، ما أكسبها ثقة المجتمع الدولي والاقتصاد العالمي. ويواصل الاقتصاد الوطني مسيرة نموه المتوازن، معززاً تنافسيته ومتخطياً التحديات المختلفة، مدفوعاً بمحركاته الذاتية، حيث باتت قاعدته الإنتاجية أكثر قوة وصلابة وتنوعاً، في ظل سياسة التنويع الاقتصادي المتبعة نهجاً وممارسة، وبفضل التوجيهات الحكيمة للقيادة الرشيدة للدولة. ويحتل اقتصاد الإمارات، الذي بات ثاني أكبر اقتصاد عربي، مكانة متميزة في مختلف تقارير مؤشرات التنافسية العالمية. وأكد تقرير صندوق النقد الدولي الذي صدر قبل أشهر، أن اقتصاد الإمارات ينمو في الوقت الحالي بوتيرة تعادل ضعف نمو اقتصادات منطقة اليورو. مقومات مكانة استثنائية يحتل اقتصاد الإمارات في الوقت الراهن مكانة استثنائية سواء تمت مقارنته بالاقتصادات المتقدمة أو التجمعات الاقتصادية الكبرى على مستوى العالم، وهذه المكانة البارزة لاقتصاد الدولة تعتمد بطبيعة الحال على العديد من المقومات، فهي لا تقتصر على موقعه كاقتصاد وطني قادر على النمو الذاتي فقط أو اقتصاد ذي جدارة ائتمانية وقواعد مالية ونقدية متينة، أو اقتصاد يمتلك قطاعات غير نفطية مزدهرة، أو حتى كمنتج رئيسي لمصادر الطاقة. إن اقتصاد الامارات هو اقتصاد يمتلك جميع هذه المقومات معا، ويتمتع إلى جانب ذلك بقيادة طموحة وسياسات اقتصادية ونقدية ومالية متوازنة وانفتاح فعال وغير محدود على الخارج، الأمر الذي يؤهله للمزيد من التقدم والارتقاء واكتساب المزيد من الأدوار في النظام الاقتصادي العالمي في المستقبل.
مشاركة :