القاهرة: محمد حسن شعبان مَثَل الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، أمس، أمام محكمة جنايات الجيزة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة، جنوب القاهرة، في أول ظهور له منذ إلقاء القبض عليه في 20 أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب 13 قياديا إخوانيا، في اتهامات بـ«تدبير تجمهر الغرض منه الاعتداء على الأشخاص والممتلكات» مقترن بـ«جريمة قتل عمد». وقررت المحكمة تأجيل نظر القضية إلى جلسة 11 فبراير (شباط) المقبل. يأتي ذلك في وقت شكلت فيه الحكومة المصرية لجنة وزارية لمراجعة قرارات العفو التي أصدرها الرئيس السابق محمد مرسي. ويُحاكم إلى جانب بديع في القضية، التي تعود وقائعها إلى منتصف يوليو (تموز) الماضي، عقب نحو أسبوعين من عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان، قيادات أبرزها عصام العريان ومحمد البلتاجي وباسم عودة وصفوت حجازي، بالإضافة للقيادي في الجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد (هارب). وفي إجراء معتاد، سعت القيادات الإخوانية - التي لا تعترف بالسلطات الحالية - إلى توجيه رسائلها إلى الرأي العام من داخل قفص الاتهام. وهتف المتهمون: «باطل». ووجه القاضي محمود كامل التحية للحضور، وهو ما قابله المتهمون بالصمت داخل القفص، فوجه القاضي التحية لبديع، الذي أجابه قائلا: «هو أنت حيتني أنا.. وعليكم السلام وشكرا». وتصف جماعة الإخوان المسلمين عزل مرسي بـ«الانقلاب العسكري»، وتعلن تمسكها بشرعيته وشرعية مجلس الشورى الذي حل في يوليو (تموز) الماضي. وتتعهد الجماعة بالعمل على «كسر الانقلاب» سلميا، لكن السلطات تتهم الجماعة التي تأسست قبل 85 عاما باستخدام العنف والإرهاب. وألقي القبض على مرشد «الإخوان» في شقة بحي مدينة نصر (شرق القاهرة)، وأودع سجن طره، وذلك بعد أيام من فض قوات من الجيش والشرطة اعتصامي رابعة العدوية (شرق القاهرة)، ونهضة مصر (غرب) منتصف أغسطس (آب) الماضي، مما تسبب في موجة من أعمال العنف سقط خلالها مئات القتلى، بحسب إحصاء رسمي. وخاطب بديع هيئة المحكمة قائلا: «أنا وجماعتي مجني علينا ولسنا متهمين، والنظام الحاكم قتل الآلاف، وسوف تُسألون على ذلك أمام الله»، وأضاف: «رأيتم كيف قتل الشعب المصري وجُرفت جثث المصريين كأنها قمامة..؟! أنا متهم في 24 قضية، وسبق أن ذكرت أمام النيابة أنني و(الإخوان) مجني علينا ولسنا متهمين». وردد البلتاجي الذي يواجه قضايا أخرى كثيرة، من داخل القفص هتاف «باطل باطل.. قرار إحالة باطل.. محاكمة باطلة». وأشار بعلامة رابعة العدوية، وهو ما دفع القاضي لمطالبته بعدم التلويح بالعلامة مرة أخرى، فأجابه البلتاجي قائلا: «أمهلني عدة دقائق، وسأثبت لك بطلان المحاكمة من الأساس، وأنت كقاض لا تجرؤ على توجيه الاتهام إلى قاتل ابنتي ونجل الدكتور محمد بديع»، على حد قوله. وجاء بأمر إحالة المتهمين من الأول حتى الثامن (بديع، والبلتاجي، والعريان، وعبد الماجد، وحجازي، وعزت صبري وأنور علي، والحسيني عنتر) «أنهم في يوم 15 يوليو (تموز) الماضي، بدائرة قسم الجيزة، دبروا تجمهرا مؤلفا من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر، الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة. واستخدموا في أداء أعمالهم القوة والعنف، واتحدت إرادتهم على ارتكابها ووقعت الجرائم محل الاتهامات». وأضافت الحيثيات أن «المتهمين ألفوا عصابة هاجمت طائفة من سكان المنطقة المحيطة بميدان الجيزة والشوارع المحيطة والبحر الأعظم، وقاومت بالسلاح رجال السلطة العامة في تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر». وأوضحت الحيثيات أن المتهمين من التاسع وحتى الـ15، وأبرزهم وزير التموين السابق باسم عود «استعرضوا وآخرين مجهولين القوة ولوحوا بالعنف؛ بأن تجمع المتهمون وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين والموالون لهم في مسيرات عدة متوجهين إلى أماكن سكن المجني عليهم، ومقر أعمالهم بمحيط ميدان الجيزة». وقالت النيابة إن جرائم المتهمين اقترنت بجناية قتل عمد، مشيرة إلى أنهم «قتلوا ستة أشخاص، بينهم طفل، عمدا مع سبق الإصرار والترصد»، كما شرع المتهمون «بقتل 101 شخص، أصيبوا أثناء الأحداث، كما أتلفوا عمدا أموالا، وممتلكات خاصة وعامة، وحازوا أسلحة نارية وبيضاء من دون ترخيص». وفي سياق متصل، قضت محكمة جنايات بنها، أمس، بمعاقبة ثلاثة من أعضاء جماعة الإخوان بالسجن المؤبد، لقيامهم بالتعدي على قوات الشرطة، وإصابة مواطنين بأسلحة آلية وخرطوش، وتحطيم ثلاثة محلات وسيارتين تابعتين للشرطة، خلال مسيرة بمدينة قليوب بمحافظة القليوبية المتاخمة للقاهرة. وفي غضون ذلك، شكل رئيس الوزراء حازم الببلاوي، لجنة وزارية، لمراجعة قرارات العفو أو تخفيف العقوبات الصادرة خلال فترة حكم مرسي. ونشرت الجريدة الرسمية، أمس، قرار تشكيل اللجنة برئاسة الببلاوي وعضوية وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل والعدالة الانتقالية والنائب العام ورئيس المخابرات لمراجعة «قرارات العفو عن العقوبة أو تخفيفها بالنسبة لبعض المحكوم عليهم الصادرة خلال المدة من 30 يونيو (حزيران) 2012 حتى 3 يوليو 2013». وأشارت إلى أن اللجنة ستراجع أيضا حالات العفو التي صدرت في المدة من 25 يناير (كانون الثاني) 2011 حتى 30 يونيو 2012 لحصر الحالات التي لم يكن فيها العفو «عن أفعال ارتُكبت بهدف مناصرة الثورة وتحقيق أهدافها، وكذا الحالات التي لم يكن العفو بشأنها مستهدفا الصالح العام والحالات التي كان العفو بشأنها مرتبا لأضرار بمصالح البلاد الداخلية والخارجية أو مهددا بوقوع تلك الأضرار». ومن المقرر أن ترفع اللجنة تقريرها إلى الرئيس المؤقت عدلي منصور لاتخاذ ما يراه محققا لصالح البلاد في هذا الشأن، لافتة إلى أن اللجنة ستعمل على بيان «أسباب العفو ومدى اتفاقه مع الصالح العام واعتبارات الأمن القومي». وكانت قرارات العفو عن بعض المحكوم عليهم بعهد مرسي قد أثارت انتقادات، ممن رأوا أنها شملت العفو أو تخفيف الأحكام عن مدانين في قضايا إرهاب، ولجأ البعض إلى القضاء للطعن في هذه القرارات. ومن بين القيادات التي شملها العفو الذي أصدره مرسي محكومون غيابيا، وأبرزهم الداعية وجدي غنيم، ويوسف ندا عضو التنظيم الدولي لـ«الإخوان». وشملت قرارات العفو أيضا أسماء مئات بعضهم محكوم عليهم في قضايا إرهاب وتهريب أسلحة ثقيلة من ليبيا إلى سيناء، وتجارة وحيازة ذخائر وأسلحة، واغتيالات لقيادات أمنية، وغسل أموال، وتآمر.
مشاركة :