دعا مجلس النواب الليبي كافة أعضائه إلى الحضور في جلسة رسمية الاثنين المقبل في مقره بمدينة طبرق شرق البلاد، لتكون هي الأولى منذ تكليف حكومة فتحي باشاغا بإدارة شؤون البلاد، والذي ألمح مساء الأربعاء إلى استعداد حكومته لممارسة مهامها في مدينة سرت تفاديا للاقتتال. وهذا أول اجتماع لمجلس النواب بعد اجتماعات استمرت لستة أيام في القاهرة بين وفدي مجلسي النواب والأعلى للدولة، نوقش خلالها عدد من النقاط الخلافية حول المسار الدستوري. ولم يعلن البرلمان عن جدول أعمال هذه الجلسة المرتقبة، إلا أنه من المرجح أن تناقش قانون الموازنة العامة، رغم أن حكومة باشاغا لم تتسلمّ بعد مهامها رسميا في العاصمة طرابلس. وكان باشاغا قد تعهد، خلال الاجتماع الأول لحكومته في مدينة سبها (جنوب) في الحادي والعشرين من أبريل الماضي، بأن تعمل حكومته على اعتماد الموازنة العامة خلال أسبوع أو عشرة أيام على أقصى تقدير، من أجل بدء العمل على مشروعاتها وخططها. كما تكفّل بأن يقوم برنامج الحكومة على ترشيد الإنفاق وتخفيف وطأة التضخم على المواطنين، وتخصيص الموارد المالية للقطاعات الخدمية. لكن باشاغا الذي استلمت حكومته مقراتها في شرق وجنوب البلاد، فشلت كل محاولاته في الدخول إلى العاصمة طرابلس لمباشرة مهامه من المقرات المركزية للدولة، وذلك بسبب رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة قبل إجراء انتخابات في البلاد. وألمح باشاغا مساء الأربعاء إلى استعداد حكومته لممارسة مهامها من مدينة سرت (وسط)، إذا كان هناك احتمال لوقوع قتال عند دخول العاصمة طرابلس. وقال رئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب خلال كلمة ألقاها في حفل بمجمع قاعات "واقادوقو" بمدينة سرت، بثتها فضائيات ليبية، إن حكومته ترغب في "ممارسة مهامها من العاصمة طرابلس دون سقوط قطرة دم واحدة، ولكن إن كان هناك احتمال لوقوع ذلك، فسوف تمارس مهامها من مدينة سرت". وأضاف "سرت تقع وسط ليبيا وتربط شرق البلاد بغربها وجنوبها، كما أنها مدينة ليست لها أي توترات أو عداوات مع باقي المدن الليبية". وتابع "الخلاف في ليبيا بين دول تتصارع على الساحة ولكل دولة مصلحتها (..) خلافنا لا يتعدى 20 في المئة، ومهما اختلفنا نحن الليبيين سنرجع إلى بعضنا لأن مرجعيتنا الوطن". وكان رئيس حكومة الاستقرار الليبية قد أعلن مؤخرا إطلاق حوار وطني، بمبادرة من الحكومة من أجل التواصل المباشر مع كافة الأطراف والوصول معا إلى توافق وطني حقيقي. وقال باشاغا في كلمته مساء الأربعاء إن "مبادرتنا من أجل الحوار، هدفها نبذ الخلافات ولم شمل الليبيين وإنهاء الصراع والتداول السلمي للسلطة، لاحتواء كل الأطراف دون استخدام القوة". وشدد على أن "حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية سدت كل الطرق للوصول إلى الانتخابات"، مضيفا "هذه الحكومة همها الوحيد هو البقاء في الحكم مدة طويلة". وأوضح أن "سبب فشل الانتخابات هو عدم امتثال الدبيبة للقانون الذي ينص على أن المرشح للرئاسة يجب أن يقدم استقالته أو يأخذ إجازة قبل ذلك بثلاثة أشهر، بينما جاء الدبيبة بعد ذلك بكثير للترشح بالمخالفة لقانون الانتخابات". ويأتي ذلك فيما جدد الدبيبة تعهده بالدفاع عن العاصمة طرابلس في حال مهاجمتها، مؤكدا أنه لا حل لأزمة الصراع على السلطة مع حكومة غريمه فتحي باشاغا، إلا بإجراء الانتخابات البرلمانية بحلول شهر يونيو المقبل. ومطلع فبراير الماضي، كلف مجلس النواب باشاغا بتشكيل حكومة خلفا لحكومة الدبيبة الذي رفض التسليم إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب من الشعب. وذلك التكليف وهذا الرفض تسببا في نشوب أزمة سياسية تصاعدت المخاوف حيالها من انزلاق البلاد نحو حرب أهلية. وشهدت مدنية الزاوية غرب العاصمة الليبية طرابلس في ساعات الصباح الأولى الخميس اشتباكات عنيفة داخل المدينة، تحديدا قرب مفترق عمر المختار. واندلعت الاشتباكات داخل مدينة الزاوية بين "قوة دعم الاستقرار بالمنطقة الغربية" التي يقودها حسن أبوزريبة شقيق عصام أبوزربية وزير الداخلية في حكومة باشاغا، و"فرقة الإسناد الأولى" التي يقودها محمد بحرون والمعروف باسم "الفار" والموالية لـ"الجماعة الليبية المقاتلة" في الزاوية، تحت قيادة أبوعبيدة الزاوي والمقربة من رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري والمؤيدة للدبيبة. وفق ما نقل موقع "أخبار ليبيا" عن مصادر عدة. وبحسب المصادر، فإن سبب الاشتباكات هو اعتداء عبدالرحيم الرميح، أحد أفراد "ميليشيا الإسناد الأولى"، على الشاب الرحمن الهنقاري برصاص داخل مستشفى الزاوية وحجز سيارته وممتلكاته الشخصية. وأوضحت المصادر أنه تم حـرق سيارتين تابعتين لفرقة الإسناد برئاسة الفار في مفترق عمر المختار. وتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثق الاشتباكات التي تجري في المدينة، إضافة إلى صورة حريق قيل إنه في إحدى المزارع في الاشتباكات التي استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة. ونشرت صحيفة المرصد الليبية مقاطع فيديو للاشتباكات، وأشارت إلى امتدادها إلى شرق المدينة في محيط منطقتي "طريق جودائم والعريوي". وبحسب "أخبار ليبيا"، أدت الاشتباكات إلى انقطاع الكهرباء ببعض مناطق مدينة الزاوية، بعد إصابة محول كهربائي وانقطاعات بالأسلاك. وأفاد مصدر طبي داخل الزاوية، بوصول أكثر من خمسة جرحى إلى مستشفى المدينة، بالإضافة إلى جريحين كانا قد وصلا إلى عيادة خاصة جنوب المدينة. هذه الاشتباكات ليست الأولى بين هذه التشكيلات، فقد اعتاد أهل المدينة على مثل هذه المواجهات في السنتين الأخيرتين، خاصة بعد محاولة "الجماعة الليبية المقاتلة"، مع "جماعة الإخوان"، فرض سيطرتها على كل المدينة، لاسيما بعد تمويلها لميليشيا الفار التي تدعم عبدالحميد الدبيبة، فيما ترفض "قوة دعم الاستقرار في المنطقة الغربية" هذا الامتداد لهذه الجماعة. وكانت "قوة دعم الاستقرار في المنطقة الغربية" أعلنت في وقت سابق بشكل غير رسمي عن دعمها لحكومة باشاغا، لاسيما أن آمر القوة هو شقيق وزير الداخلية في التشكيلة الوزارية الجديدة.
مشاركة :