لا تزال المعركة مع الإرهاب في مصر مستمرة على أكثر من جبهة، بدءاً من المواجهات العسكرية والأمنية على الأرض وصولاً إلى المواجهات الفكرية والثقافية. وقد ألحقت تلك المواجهات هزائم وضربات قاصمة للعناصر الإرهابية التي شُلت حركتها نسبياً ولم يعد بوسعها أن تشكل تهديداً واسعاً، كما كانت في وقت سابق. وتسعى العناصر الإرهابية إلى محاولة «إثبات الوجود» عبر عمليات متفرقة تحاول من خلالها بعث رسائل وهمية بأنها قادرة على أن تشكل تهديداً لأمن مصر، كان آخرها الهجوم الإرهابي الذي استهدف نقطة رفع مياه غرب سيناء، وتم التصدي له من قبل العناصر المكلفة بالعمل في المنطقة، ما أسفر عن استشهاد ضابط و10 جنود وإصابة خمسة. يشرح الباحث في شؤون الحركات المتطرفة واﻹرهاب الدولي، منير أديب، لـ«البيان» من القاهرة، دلالات الهجوم الإرهابي شرقي قناة السويس، سواء لجهة دلالات «المكان» أو دلالات «الهدف»، إضافة إلى «التوقيت». يشير أديب إلى أن الهجوم الإرهابي وقع في غرب سيناء، ومن ضمن دلالاته التأكيد على نجاح أجهزة الأمن في مواجهة التنظيمات المتطرفة في الجزء الشمالي من أرض الفيروز، فعندما فشلت العناصر الإرهابية في تنفيذ عمليات كبيرة كما كان يحدث قبل 2018، اضطروا إلى الخروج نحو تخوم الجزء الشمالي في غرب سيناء، وفي المنطقة القريبة من قناة السويس. ويشير إلى أنه منذ 9 فبراير 2018 (وهو تاريخ بدء العملية العسكرية الشاملة في سيناء، والهادفة إلى القضاء على البؤر والتنظيمات الإرهابية على الحدود الشرقية لمصر) أسقطت إرادة التنظيمات المتطرفة وتم قطع الإمدادات لها كما قتل أغلب قادتها، وبالتالي «اضطر بعض الخلايا الإرهابية للخروج من هذه المنطقة في قلب شمال سيناء، نحو منطقة التخوم، خاصة أنهم لا يستطيعون تنفيذ أي عمل في شمال سيناء». يتحدث الكاتب والباحث المتخصص في شؤون التنظيمات المتطرفة، في معرض تصريحاته لـ«البيان»، عن دلالات «الهدف» من الهجوم الإرهابي، بالإشارة إلى أن تلك التنظيمات كانت تريد استهداف نقطة رفع مياه غرب سيناء، ذلك أن استهداف نقطة مياه «له دلالة واضحة»، يقول: «هذا الهدف خدمي وليس ثكنة عسكرية أو كميناً أمنياً.. ليكون له صدى واسع في المجتمع المصري، يستطيعون من خلاله، على غير الحقيقة، بعث رسائل بأنهم ما زالوا أقوياء وقادرين على تنفيذ هجمات نوعية». ويشدد أديب على أن الهجوم فشل فيما كان يسعى إليه منفذوه، فسواء كان الهدف هو تخريب نقطة المياه أو تفجيرها، لقد تصدى له الجنود والضباط والمدنيون باستبسال. في وقت جاءت العملية بعد الإعلان عن مقتل قيادات إرهابية آخرهم (أبو عمر الأنصاري)، ما اعتُبر محاولة للانتقام والرد على تساقط القيادات، يضيف أديب دلالة زمنية أخرى، يقول: «قد يكون من بين أسباب العملية وتوقيتها سعي تلك العناصر للرد على نتائج المواجهات المكانية (العمليات التي تنفذها قوات إنفاذ القانون في سيناء)، وكذلك المواجهة عبر الدراما، لا سيما بعد ما عرضه مسلسل الاختيار (الجزء الثالث) في رمضان من وقائع حقيقية فككت أفكار تلك التنظيمات، وبعثت برسائل بأن هذه التنظيمات ضعيفة وغير قادرة على المواجهة». تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :