الباكستانية «ايفا بي».. نجومية من وراء حجاب

  • 5/9/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أ ف ب لا يتعرف أحد على هوية ”إيفا بي“ عندما تمشي في شوارع كراتشي وأزقتها، مع أنها نجمة موسيقى الراب الجديدة في باكستان، وأغنياتها المصورة تستقطب ملايين المشاهدات على الإنترنت. فالمعجبون بها كما منتقدوها لا يتبينون ملامح وجهها من وراء الحجاب الأسود الذي يغطي رأسها ووجهها وجسمها، ولا تظهر منه سوى عينيها. وتقول مغنية الراب الشابة البالغة 22 عاما من على سطح مبنى يطل على ميناء كراتشي (جنوب باكستان) لوكالة فرانس برس ”من المضحك أن الناس لا يتعرفون علي. هم يرددون أغنياتي، لكن حين أكون أمامهم لا يعرفون من أنا“. بدأت إيفا بكتابة كلمات أغنياتها في غرفة نومها متأثرة بمغنيَي الراب الأمريكيين إيمينيم وكوين لطيفة، وكانت تنشر ما تؤلفه على ”فيسبوك“. وكانت تذهب سرا إلى الاستوديوهات لتسجيل أعمالها بحجة أنها ذاهبة للدراسة، خوفا من أن تواجه برد فعل سلبي من عائلتها. وبالفعل، عندما أدرك أحد أشقائها ما هي في صدده، لم تستسغ عائلتها ما تفعل، معتبرة أن هذا النمط الموسيقي لا يناسب شابة باكستانية، إذ قد يسبب صعوبات في ما يتعلق بالزواج، نظرا إلى أن المجتمع محافظ جدا. وتضيف مبتسمة ”أدركوا لاحقا أنني عنيدة جدا، لذا استسلموا. لقد فهموا أن من غير الممكن إيقافي“. وتشير إلى أن والدتها باتت تقف اليوم إلى جانبها في الاستوديو أو في حفلاتها الموسيقية لدعمها. وسرّع صعودها إلى النجومية هذه السنة تعاونُها مع برنامج ”كوك ستوديو“ الموسيقي الذي تنتجه شركة ”كوكا كولا“، وهو أحد أشهر البرامج التلفزيونية في باكستان. وتظهر إيفا بحجاب برتقالي فاقع يغطي وجهها بشكل شبه كامل في أغنية ”كنا ياري“ التي تتناول قصة خيانة عاطفية. وبلغ عدد مشاهدي الأغنية 16 مليوناً على موقع ”يوتيوب“. ولكن على خلاف الفنانين الآخرين الذين شاركوا في ”كوك ستوديو“، تحاول جاهدة الهروب من شهرتها المستجدة. وتقول ”من الغريب أن نعيش حياتين. فالناس يعرفونني، لكن في الوقت نفسه لا يعرفونني فعلياً“. حتى أنها تسمع الناس يتناقشون في أغنياتها خلال أحاديثهم في المقاهي أو في حفلات زفاف الأصدقاء، دون أن يدركوا أنها موجودة بينهم. الحجاب ”أمر طبيعي“ من وقت إلى آخر، يتعرف عليها البعض من خلال عينيها، لكنها تنكر دائما أنها الفنانة. وتعلق على ذلك بالقول ”أنا مرتاحة كما أنا. لا أستطيع الاهتمام بالجميع“، في إشارة إلى الاهتمام الذي قد تستقطبه في حال كشفت عن هويتها. ومع أن باكستان جمهورية إسلامية محافظة، معظم النساء فيها محجبات بطريقة أو بأخرى، لا تبقي سوى قلة من الفنانات الحجاب على خشبة المسرح. وحين بدأت إيفا تتعامل مع الاستوديوهات ”ذُهل“ المنتجون والمديرون الموسيقيون في البداية. وتروي ”لقد تصرفوا كما لو كانوا يتساءلون: ما هذا؟ (...) ولكن سرعان ما أصبح كل شيء طبيعيا“. وكان الحجاب دومًا جزءًا من هوية إيفا كمسلمة، وارتبط في الوقت نفسه بصورتها كمغنية راب. وتشرح أنها باتت ترتدي ”ملابس أكثر تميزًا في الأغنيات المصورة“، مضيفة ”لذلك يلاحظني الناس. لكني ما زلت أضع الحجاب“. وتشكو أنها سئمت الجدل الذي يثيره نمط اللباس الذي تعتمده. وتبدي انزعاجها بالقول ”ركزت وسائل الإعلام على حجابي لا عليّ أنا (...) فهذا الموضوع يناسبها أكثر من الناحية الإعلامية“. وتشدد على أنه ”أمر طبيعي“ في مجتمعها، و“ليس من الضروري تاليًا أن يشكل مادة إخبارية“. وفي المقابل، تسعدها التعليقات التي تتلقاها على ”إنستغرام“ من فتيات مسرورات بوجود مغنية محجبة تمثلهن. ”الصمت لا يجدي“ وتقول ”أنا سعيدة بأن أكون مصدر إلهام لهن.. ولكونهنّ فخورات بي“. لكنها تدرك أن ثمة من يعتبر أنها ”فتاة غير صالحة“ لكونها مغنية راب محجبة. وتقول ”ما مِن أمر غير صالح في ما أفعله. أنا أؤدي أغنيات وليس في ذلك أي سوء“. نشأت إيفا بي في حي ”لياري“ الفقير في كراتشي الذي تنتمي غالبية سكانه إلى القومية البلوشية التي تنتشر بين باكستان وإيران وأفغانستان، والمعروف بكونه مرتعًا لأعمال العنف التي ترتكبها العصابات. لكن تحسن الوضع الأمني في الأعوام الأخيرة أفسح المجال لتعزيز الإبداع؛ ما أدى إلى ازدهار الهيب هوب. وتقول ايفا بي ”لم نتابع دروسًا في معاهد موسيقية مرموقة، بل تعلمنا بأنفسنا، مدفوعين بشغفنا. لذلك أواظب على وضع لياري في مقدمة اهتماماتي وأنا فخورة بذلك“ . ويذكر صعود موسيقى الهيب هوب في ”لياري“ بولادة هذا النمط الموسيقي في سبعينيات القرن العشرين في حي ”برونكس“ بنيويورك، حيث كانت العروض تقدم في الشوارع وكانت كلمات الأغنيات تحاكي قسوة الحياة في الأحياء المنبوذة في المدن الكبيرة . ولا تتردد مغنية الراب في الحديث عن الصعوبات التي تواجه المرأة الباكستانية، ومعالجة مواضيع، مثل: عدم المساواة في توزيع الثروة في بلدها، وقضايا الفساد الحساسة. وتروي أغنيتها المفضلة ”بياني روغ“ بلغتها البلوشية الأم ، رحلتها مما كانته كمراهقة خجولة وعصبية إلى ما هي عليه اليوم، أي امرأة واثقة من نفسها وصريحة. وتقول ”لقد أدركت أن الصمت لا يجدي، ويجدر بالمرء تاليًا أن يعبّر عن نفسه“.

مشاركة :