شهدت ألمانيا مستوى مرتفعا جديدا للجرائم ذات الدوافع السياسية والدينية. وتم تسجيل ما يزيد قليلا عن أكثر من 55 ألف جريمة ذات خلفية سياسية على مدار العام. وتسببت جائحة كورونا وما تبعها من إجراءات في ارتفاع نسبة الجرائم. اليمين المتطرف حاول استخدام الاحتجاجات ضد قيود جائحة كورونا كأداة لأغراضه الخاصة. بالرغم من أن عدد الإصابات بكورونا في ألمانيا بات يشهد انخفاضا، بيد أن الوباء تسبب بشكل غير مباشر في طفرة في الإحصاءات المتعلقة بالجريمة ذات الدوافع السياسية. ترتبط غالبية الجرائم المسجلة بالاحتجاجات ضد تدابير كورونا الحكومية وما تبعه من اضرار في الممتلكات العامة، بحسب المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية في ألمانيا. ووصفت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر في برلين مقتل موظف في محطة وقود يبلغ من العمر 20 عاما في إيدار-أوبرشتاين في ولاية راينلاند بفالتس بأنه نقطة تحول خطيرة، حيث أطلق الجاني النار على العامل الشاب لأنه أبلغه بضرورة ارتداء الكمامة. وتأتي أقوال الوزيرة بعد عرض النتائح الثلاثاء (10 مايو/ أيار) في برلين. وتمثل الجرائم التي سجلتها الشرطة والبالغ عددها 55048 جريمة زيادة بنسبة 23 في المائة في غضون عام واحد، وهي تمثل أعلى مستوى على الإطلاق في ارتفاع معدلات الجريمة منذ بداية أرشفتها وتصنيفها في عام 2001. وذكر المكتب أن معظم الجرائم ارتكبها متطرفون يمينيون. وأحصت الشرطة نحو 22 ألف جريمة ذات دوافع يمينية متطرفة، بزيادة قدرها 7% مقارنة بعام 2020. الوزيرة الألمانية أعربت عن قلقها من ارتفاع معدلات الجريمة ارتفاع الجرائم غير المصنفة ونُسبت حوالي 10 آلاف جريمة إلى متطرفين يساريين، بتراجع قدره 8, 7% مقارنة بعام 2020 . وبحسب البيانات فإن نحو ثلاثة أرباع الجرائم المرتكبة ضد مسؤولين أو ممثلين منتخبين تورط فيها مشتبه بهم لم تستطع الشرطة تصنيفهم في أيديولوجية معينة. وارتفع على وجه الخصوص عدد الجرائم التي سجلها المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية والتي لا يعتبرها المحققون يسارية، أو يمينية أو مدفوعة بأيديولوجية أجنبية أو دينية، حيث كانت نسبة الزيادة ما يقرب من 150 في المئة: من 8,600 جريمة إلى أكثر من 21,000 جريمة. ويصف هولغر مونش، رئيس المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية في ألمانيا، البيئات التي غالبا ما يصعب تقييمها من وجهة نظر الشرطة، بأنها "مشهد مختلط غير متجانس". فما يفعله المحتجون من "أصحاب نظرية المؤامرة" يصب في النهاية في أجزاء كبيرة منه "بمناهضة الدولة". وعلى غرار مظاهرات كورونا، التي بدأت تنحسر الآن، ينبغي الإشارة إلى على وجه الخصوص أن اليمين المتطرف حاول استخدام الاحتجاجات كأداة لأغراضه الخاصة "وإقامة صلة بالمركز المدني الديمقراطي للمجتمع". بيد أن هذا حقق نجاحا ملموسا، بحسب مونش. وعلى الرغم من أن عدد القضايا في هذا المجال آخذ في الانخفاض قليلا، إلا أنها لا تزال تمثل الحصة الأكبر من جميع الجرائم بنسبة 40 في المائة. وزيرة الداخلية نانسي فيزر : "معاداة السامية عار في بلادنا" وبينت الوزيرة فيزر قلقها بشأن الجرائم المعادية لليهود، والتي زادت بنسبة 29 في المئة بتسجيل أكثر من 3000 حالة. ووصفت الوزيرة الألمانية تزايد هذا النوع من الجرائم بأنه إنه "عار على ألمانيا" وقالت: "كم التحريض المعادي للسامية وازدراء الإنسانية لا يزال ينتشر اليوم. ومن المخجل كيف يتم التقليل من شأن الإبادة الجماعية لليهود الأوروبيين من قبل بعض منكري كورونا". وتأتي الانتقادات الموجهة إلى العدد الكبير من الجرائم غير القابلة للتصنيف من أجزاء من المجتمع المدني. إن تصنيف العنف ذي الدوافع السياسية ليس مجرد مسألة إحصائيات، كما تقول خبيرة التطرف اليميني بيا لامبرتي. اذ أصبح محيط منكري كورونا "متطرفا بشدة" ويظهر "استعدادا واضحا لاستخدام العنف". الباحث في علم النفس الاجتماعي إتريس هاشمي بطء التحقيق بعد الهجوم في هاناو ويعترف الباحث في علم النفس الاجتماعي إتريس هاشمي بوجود العديد من الإشارات إلى تطرف يميني بين المحتجين على إجراءات كورونا. وتحت انطباع الزيادة الهائلة في الجرائم المعادية لليهود، يقول: "أيديولوجية نظرية المؤامرة نحو العالم متشابكة بشكل وثيق مع العناصر العنصرية والمعادية للسامية". كل هذا يعرض للخطر الناس "الذين يتم تحديدهم على أنهم أعداء". لقد اختبر هاشمي بنفسه ما يعنيه أن يكون مستهدفا من قبل العنصريين. وبصفته أحد الناجين من هجوم 19 شباط/ فبراير 2020 في هاناو بولاية هيسن، غالبا ما ينتقد تعامل الشرطة والساسة في ألمانيا. وحول هدف مكافحة العنصرية فإن لدى هاشمي آمال كبيرة قبل كل شيء في خطة العمل ضد التطرف اليميني. وفي الوقت نفسه، يتعين على وزيرة الداخلية والسلطات الأمنية التعامل مع ظاهرة جديدة من العنف الذي ربما يكون له دوافع سياسية وتعود أصوله إلى حرب روسيا ضد أوكرانيا. وردا على ذلك، يسجل المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية أيضا جرائم مرتبطة بذلك في ألمانيا. في البداية، كان هناك حوالي 270 في الأسبوع، معظمها كان موجها ضد أشخاص من أصل روسي ، كما يقول مونش. مارسيل فورستناو/ ع.أ.ج
مشاركة :