فارق الدنيا بابتسامة شاهدها محبوه على الإنستجرام قالوا: «خسرنا رجلا من رجالات الوطن الأوفياء» قدوة يُحتذى بها.. والنيابة فقدت أحد ركائزها الأساسية «من حق أبنائه أن يفخروا به.. وعلى تلاميذه أن يقتدوا به.. وقف إلى جانب الحق مدافعا عن بلده.. ساعد الجميع طوال حياته ولم يبخل بعلمه على أحد.. حتى في رحيله أراد أن يذكر الجميع أن سيرة الإنسان هي الباقية».. بهذه الكلمات ألقى الشيخ القاضي الشرعي حمد بن سامب الفضل الدوسري كلماته أمام حشد غفير من المشيعين لجنازة المستشار الراحل بعد موته المفاجئ إثر أزمة قلبية، حيث وقف أعضاء النيابة العامة في حالة حزن شديد من هول الصدمة وغلبت الدموع الجميع ولم تفرق ما بين وزير أو موظف أو صديق أو حتى شخص كان بينه وبين المستشار أسامة العوفي علاقة إنسانية لا يعلمها إلا هما والله عز وجل. المستشار أسامة العوفي المحامي العام الأول رئيس التفتيش القضائي الذي كان متواضعا مع الجميع أراد أن يودع محبيه قبل وفاته بساعات قليلة جدا بعد أن نشر عبر خاصية «الآستوري» بموقع التواصل الاجتماعي إنستجرام فيديو لم يتجاوز دقيقة ظهر خلاله مبتسما كعادته حيث حضر رفقة عدد من الأصدقاء إحدى المناسبات تلبية لدعوة تلقاها وكان كعادته لم يرد دعوة لأحد، حيث أنهى إفطار اليوم السادس من شهر شوال بعدها توجه إلى موعده بعد صلاة العشاء وأثناء وجوده وبعد تحية لمتابعيه على موقع التواصل عن طريق أحد الأشخاص شعر ببعض الآلام المفاجئة وتم طلب الإسعاف لنقله إلى المستشفى العسكري إلا أن القدر كان أسرع وصعدت روحه إلى بارئها، ليترك محبيه يستذكرون مواقفه الوطنية والإنسانية ولعل آخرها ما ذكره أحد أصدقاء الدراسة المقربين الذي قال لـ«أخبار الخليج» إنه علم بطريق الصدفة أن الراحل كان مستمرا حتى أيامه الأخيرة في مساعدة بعض الأشخاص الذين هيأوا له الأجواء المناسبة وقت دراسته للقانون خلال فترة التسعينيات في القاهرة. وقال المستشار عبدالله بن حسن البوعينين نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز إن المستشار أسامة علي العوفي المحامي العام الأول رئيس التفتيش القضائي عضو المجلس الأعلى للقضاء كان أحد الذين عاصروا تأسيس النيابة العامة منذ البدايات وأسهموا في اختيار الدفعة الاولى من اعضاء النيابة العامة من خلال الامتحانات التي اجريت في تلك الفترة؛ وقد هز خبر رحيله المبكر وغير المتوقع وجدان كل من عرفه وعاصره وكان قريبا منه، ولكن نؤمن جميعا بقضاء الله وقدره.. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وأصدقاءه وزملاءه في العمل الصبر والسلوان. فقد كان رحمه الله مثالا للكفاءات البحرينية المشرفة في السلطة القضائية؛ فقد تدرج في مناصبه القيادية باستحقاق تام، وكان رحمه الله مثابرا في العمل ونشيطا صديقا للجميع ومتواضعا، وكان يسعى دائما لتحقيق العدالة ويتحمل المسؤولية الوطنية، فقد أضاءت انجازاته في النيابة العامة والمناصب التي تقلدها وكان له نصيب مشهود في تطوير العمل وتحقيق الرفعة والتقدم لمملكة البحرين وعمل بإخلاص رحمه الله وغفر له. بصماته حاضرة في الصرح القضائي فيما قدم الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف تعازيه ومواساته في وفاة المستشار العوفي مشيدًا بمناقب الفقيد الغالي الذي كان مثالًا يُحتذى به في العطاء والتفاني في حمل رسالة العدالة وخدمة الوطن. وقال وزير العدل: «إن الفقيد العزيز كان من الرعيل الأول المؤسسين للنيابة العامة التي كانت إحدى ثمار المشروع الإصلاحي والتحديثي الرائد لحضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، وترك بصماته في إقامة هذا الصرح وتطوره في مختلف المحطات». وثمن دور الفقيد في تعزيز العمل العدلي وتنسيق الجهود وتضافرها بين جهات قطاع العدالة، والمساهمة في مشروعات التطوير التي شهدتها منظومة العدالة، ومنها إصدار قانون العقوبات والتدابير البديلة، وقانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، والتعديل على قانون الإجراءات الجنائية ولفت إلى ما تميز به الفقيد من خدمة للجميع ومساعدتهم وشهامته في الوقوف بجانب زملائه ما يشكل فقدًا كبيرًا على المستويين الشخصي والعملي. 26 عاما من الكفاءة والتميز وقال النائب العام د. علي بن فضل البوعينين لـ«أخبار الخليج»: «لا يزال إرث المخلصين في الناس قائماً ما دامت الأيام، فلا تغيب مناقبهم بغيابهم عن الدنيا، بل يظل عبق سيرتهم وأثر عملهم الصالح باقيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولطالما شهدت مملكة البحرين نماذج انسانية زانها العلم وسعة الأفق والأخلاق الحميدة». وأضاف: «أن المغفور له بإذن ربه المستشار أسامة العوفي واحد من أبناء هذا البلد الطيب الذين جُمعت فيهم كل هذه السمات والشيم الطيبة، فلقد وقفت على ذلك منذ تعرفي إليه عام 1996 بمناسبة العمل، تلك العلاقة التي استمرت بلا انقطاع إلى يوم رحيله قرابة ستة وعشرين عاماً، أثبت خلالها كفاءة وتميزا غير معتاد، وبذل فيها من الجهد ما يشهد به زملاؤه، فصار رحمه الله قدوة يُحتذى بها في العمل ومثالا فريدا للعطاء». وأكد أن المستشار أسامة العوفي كان ركناً ركيناً في النيابة العامة وعمدا أساسا فيها منذ نشأتها، كان واحداً من رعيلها الأول، يد مخلصة وفاعلة في بنائها وتطويرها وقال: «إني إذ أرثيه اليوم، فإني أحث زملاءه على التمسك بالقيم والمبادئ التي التزمها، وما أفنى فيه حياته من أجل إحقاق الحق وإرساء العدل وإن كنت وأعضاء النيابة العامة وكل من زاملوه ورافقوه نشهد له بطيب السمات وبالإخلاص والعطاء والعدل، وقد أرضانا فيه ذلك، فإني أحتسبه الآن في رضوان الله، ألا إن رضوان الله أكبر». كما قال المستشار وائل بوعلاي مساعد النائب العام إن النيابة العامة فقدت برحيل المستشار أسامة العوفي أحد ركائزها الأساسيين، فلقد كان قدوة لزملائه وصادقا في عطائه، حريصا على الحق والعدل وأشار إلى أنه ربطته بالراحل علاقة صداقة منذ زمن بعيد ثم زمالة طويلة بأكثر من 30 سنة كان فيها نعم الصديق وخير الزميل، ورغم أن رحيله الجلل قد خلف في قلوبنا وكل من عرفوه في مسيرة حياته حزنا كبيراً لفراقه، إلا أننا نحفظ له في ذات القلوب ما أرساه في أوساطنا من مبادئ وقيم- رحم الله أخي وزميلي المستشار أسامة العوفي، وألهمنا وأهله الصبر والثبات. الأخ والصديق ومن جانبه قال القاضي على الكعبي الأمين العام للمجلس الأعلى للقضاء: «نتقدم بخالص العزاء وصادق المواساة في وفاة المستشار أسامة علي العوفي المحامي العام الأول رئيس التفتيش القضائي وعضو المجلس الأعلى للقضاء رحمه الله وأسكنه فسيح جناته فقد كان محبا لوطنه مخلصا في عمله ويعد من أبرز الكفاءات والذي أسهم في الارتقاء بمستوى الأداء العام في السلطة القضائية فقد كرس جهوده في تقدم المملكة وتوج بالجهد والعطاء لمستقبل وطننا الغالي كان الأخ والصديق النصوح والمتواضع محبا للحياة... خسرنا رجلا من رجالات الوطن الأوفياء الذين تركوا بصمة واضحة وباقية لتاريخ البحرين.. وأضاف عبارات الثناء لا توفيه حقه لجهوده الواضحة رحمه الله وألهمنا وعائلة الفقيد الصبر والسلوان على هذا المصاب الجلل لله ما أخذ وله ما أعطى». رحل بجسده وبقي عطاؤه فيما قال المستشار الدكتور أحمد الحمادي المحامي العام الأول للنيابة الكلية: «فقدت البحرين قامة شامخة وأحد أساطين القانون وعلماً من أعلام النيابة العامة، راحلاً عن الدنيا بجسده، باقياً معنا بعلمه وحكمته وعطائه. وداعاً المستشار الجليل أسامة علي العوفي المحامي العام الأول رئيس التفتيش القضائي، اللهم ارحم من سبقونا إليك، ووسّع قبورهم، واغفر ذنوبهم، ونقّهم من الذنوب والخطايا كما يُنقَي الثوب الأبيض من الدنس، واجعل لقاءنا بهم في جنة الفردوس». وقال المستشار هارون الزياني المحامي العام الأول رئيس المكتب الفني للنائب العام: «لا نفقد اليوم زميلاً فحسب، وإنما فقدنا أخاً وصديقاً ومعلماً، مشهودا له بالإخلاص والتفاني في العمل، وإحقاق الحق، ونصرة المظلوم، سيبقى المستشار العزيز أسامة علي العوفي رحمه الله حاضرا في قلوب الجميع، ورمزا قضائياً خالداً، اللهم إنه حط رحاله عندك، فأكرم وفادته، ووسع مدخله، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة». ومن جانبه أوضح المستشار نايف يوسف المحامي العام الأول رئيس نيابة الجرائم المالية وغسل الأموال أن مشاعر الألم والحسرة وعبارات التعازي والمواساة لا تكفي لإظهار المكانة العالية التي يحظى بها المستشار والأخ الصديق أسامة علي العوفي في قلوبنا فمسيرته الحافلة في القضاء البحريني وما قدّمه من عمل وتفان كبير وعطاء امتد طوال سنوات عمله بالنيابة العامة، كان جلياً في جنازته التي وقف الجميع فيها إكباراً وإجلالاً للفقيد طيب الله ثراه. كما استذكر الموظف محمد إبراهيم مدير مكتب المستشار أسامة علي العوفي المحامي العام الأول رئيس التفتيش القضائي موقف المستشار الراحل وقال: «فقدت أخي ومعلمي وأستاذي المستشار الجليل أسامة علي العوفي المحامي العام الأول رئيس التفتيش القضائي، الذي أوصاني قبل وفاته ألا أركن لأحد في هذه الدنيا سوى لله، فالكل زائل ولا يبقى غير وجهه الكريم ذو الجلال والإكرام. إن فراقك هو أصعب ما مر علي طوال حياتي، ولكنك إن فارقتنا بجسدك ستظل باقياً معنا بعلمك وعملك وحكمتك وعطائك». نعم الجار واستذكر المستشار إبراهيم الزايد رئيس محكمة الاستئناف العليا الجنائية الأولى مواقفه مع المستشار أسامة العوفي قائلا: «لقد جمعتنا مقاعد الدراسة والغربة وهناك تعرفت على المستشار أسامة وكانت أجمل الأيام فقد شاركنا تلك اللحظات السعيدة وكان خير عون وأخا وباب شقته مفتوح دائما لاستقبال زملائه وإخوانه وكان عنوانه الاجتهاد والمثابرة لصنع مستقبل جميل للبحرين، ومن ثم جمعنا حقل العمل وكان أحد أهم المؤسسين للنيابة العامة ويعمل بجد واجتهاد لتحقيق العدالة فقد شهدت قاعات المحاكم مرافعاته في كثير من القضايا وامتاز بحسن الخلق وبلاغة الكلام ودقته». ووصفه بالمعلم والمدرب قائلا: «لقد اجتمعت معه في كثير من لجان العمل وشهدت له الكثير من المواقف التي لم يبخل فيها بعلمه ومعرفته وتجاربه العملية في المحاكم، وكذلك فقد كتب لي القدر ليكون جاري وكان نعم الجار فكان القريب والعين الساهرة ولم أشهد منه إلا الخير، رحمك الله أبا علي وأسكنك فسيح جناته ورفعك مع العليين بما قدمت يداك الطاهرة من عمل ترفع فيه شأن وطنك وتعلي كلمة الحق وتحقق العدالة والإنصاف. رحيل رفيق الدرب من جانبه عبر رئيس هيئة التشريع والرأي القانوني المستشار نواف عبد الله حمزة عن حزنه العميق لفقدان رفيق الدرب المستشار الراحل أسامة العوفي وقال إن الحديث عن الأخ والصديق الراحل في هذا الوقت أمر في غاية الصعوبة حيث إننا لا نزال في صدمة وفجعة رحيله، وقال: «إن الراحل رفيق درب حيث امتدت صحبتنا منذ أيام المدرسة وتشاركنا ذات الرحلة الدراسية والعملية كما أننا التقينا أيضاً للعمل في الادعاء العام وفي النيابة العامة». وأضاف كان الراحل من المهنيين المتميزين في عمله ولذلك كان من أحد النواة الأساسية التي تم الاستعانة به لتأسيس النيابة العامة وقد تشاركنا معاً في عام 2001 في التدريب على عمل النيابة العامة في المعهد القضائي في جمهورية مصر العربية وأوضح أن للراحل الدور البارز في تأطير وتأسيس اللبنات الأولى لعمل النيابة العامة كشعبة أصيلة من شعب القضاء وما يستتبعه ذلك من سن الأعراف والمبادئ القضائية لعمل النيابة العامة عموماً وعلى وجه خاص تأهيل وتأسيس كوادرها على التقاليد والأعراف القضائية. واستذكر المستشار نواف حمزة العديد من المواقف والذكريات الخالدة للراحل والتي عكست مدى ما يتمتع به من أخلاق عالية وقلب كبير عطوف كان يقف مع الحق وكان يمد يد العون لجميع من يحتاجها سواء على صعيد ما ينظره من دواعي جنائية أو على صعيد مساعدة زملائه وخصوصاً حديثي الالتحاق بالعمل فكان يقدم لهم كل ما يلزمهم لأداء مهامهم على الوجه الصحيح، واختتم رئيس هيئة التشريع والرأي القانوني حديثه عن الراحل قائلاً: «ستظل ذكراه خالدة وستظل أعماله يشار إليها بالبنان فكان له دور مهم في تأسيس النيابة العامة وكوادرها». من جانبه أشاد الأمين العام للتظلمات السيد نواف المعاودة بمناقب الفقيد الراحل مستذكرا رفقة العمل معه والتي بدأت في الادعاء العام بوزارة الداخلية ثم النيابة العامة، وقال: «إنه كان نعم الأخ والأستاذ والصديق وأنه قدم الكثير من الدعم والخبرة لي في مسيرة العمل المشتركة، وهذا الأمر حدث مع كثير من الزملاء الآخرين، وهو نابع من الصفات المتميزة التي تمتع بها الفقيد وأثرت إيجابيا في من حوله على الصعيدين المهني والأخلاقي، بالإضافة إلى الخبرات الكبيرة التي أفاد بها زملاءه في العمل، حيث كان بمثابة المعلم والأستاذ للأجيال التي التحقت بسلك النيابة العامة فيما بعد»، وأكد المعاودة أن ذكرى الفقيد الراحل سوف تبقى في نفوس زملائه ومحبيه محملة بأجمل الذكريات ولا سيما مع ما عرف عنه على المستوى الشخصي من بذله المعروف ومساعدة الناس، وهو ما يبعث على بذل الدعوات له بأن يتغمده الله تعالى بواسع مغفرته ورحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. رحلة عمل في النيابة قاربت 20 عاما المستشار أسامة العوفي درس في جامعة القاهرة وتخرج في كلية الحقوق في عام 1995، واستمرت رحلته الدراسية عبر الدورات التدريبية حيث تخرج في المركز القومي للدراسات القضائية، والتحق به عام 2001 في دورة متخصصة في «الإعداد الأساسي لتكوين أعضاء النيابة العامة»، وبعد ذلك التحق بالنيابة العامة في البحرين عام 2003، ضمن الرعيل الأول الذي واكب تأسيس النيابة العامة. وبدأ عمله عضوا في النيابة العامة في عام 2003، وفي عام 2005 أصبح رئيسا لنيابة المحرق مدة خمس سنوات، ثم رئيسا لنيابة المحافظة الشمالية، ثم تم تعيينه رئيس نيابة بالتفتيش القضائي إلى أن أصبح بترشيح من النائب العام وبموجب قراره عام 2016 رئيسا للتفتيش القضائي كثاني من تقلده خلفا للمستشار حميد حبيب المحامي العام الأول بالنيابة العامة سابقاً. وكان الراحل دائما مؤمنا بضرورة الحفاظ على القيم والتقاليد ذاكرا أن هناك قيما وتقاليد يجب ألا يخرج عنها عضو النيابة العامة، خاصة في مجال التثقيف والتوعية عندما يتم اختيار أعضاء النيابة العامة، حيث كان يتحدث معهم حول القيم والتقاليد والأعراف القضائية وأهمية المادة العلمية التي تشمل القيم والتقاليد والتي لا يجب على عضو النيابة العامة أن يحيد عنها.
مشاركة :