قالت أوساط سياسية لبنانية إن اللبنانيين الممتعضين من المنظومة السياسية الحالية سيصوتون الأحد لصالح الأحزاب والمجموعات السياسية التي رفعت شعار نزع سلاح حزب الله خلال حملتها الانتخابية. وأضافت هذه الأوساط أن اللبنانيين الذين يعولون على الانتخابات النيابية، التي جرت لتجاوز الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يعيشها البلد، يدركون جيدا أن أحد الأسباب الرئيسية في وصول البلد إلى هذا الانهيار هو سلاح حزب الله. لكن الأوساط ذاتها لفتت إلى أن سيطرة الطائفية وهيمنة حزب الله على مفاصل الدولة من المتوقع أن تعيقا مساعي التغيير، مشيرة إلى أن هذه الانتخابات ستكون اختبارا حقيقيا لمجموعات معارضة ووجوه شابة أفرزتها احتجاجات شعبية غير مسبوقة في أكتوبر 2019 طالبت برحيل الطبقة السياسية. ويتوقع مراقبون حدوث تغيير طفيف كنتيجة للانتخابات. وفي حين تأمل الأحزاب الرئيسية التي تحظى بثقة الغرب في تجريد الأغلبية البرلمانية من حزب الله، يطمح العديد من المستقلين إلى اختراق القوائم والمرشحين الحزبيين التقليديين. مراقبون يستبعدون خسارة حزب الله الانتخابات لكنهم يتوقعون أن يخسر حليفه الرئيسي المسيحي التيار الوطني الحر مقاعد وهيمن سلاح الحزب على المعركة الانتخابية في لبنان رغم الانهيار الاقتصادي المدمر والأزمات الأخرى المتعددة التي تجتاح البلد بسبب عقود من الفساد وسوء الإدارة. ورفعت عدة أحزاب ومجموعات سياسية دعمت الحركات الاحتجاجية ضد المنظومة الحاكمة، ورقة نزع سلاح الحزب خلال الحملات الانتخابية. ويقول معارضو حزب الله إن أسلحته ودعمه لقوى إقليمية -مثل بشار الأسد في سوريا والحوثيين المدعومين من إيران في اليمن- أضرّا بعلاقات لبنان مع دول الخليج التي دعمت البلد كثيرا على مدى العقود الماضية قبل أن تتوقف عن تقديم أيّ تمويلات. وقال سامي الجميل رئيس حزب الكتائب اللبنانية في تصريحات لمحطة “أل بي سي” المحلية “لا ينبغي أن يكون لأي جماعة لبنانية الحق في التسلح بينما لا يحق ذلك للبنانيين الآخرين”. وجرت الأحد الانتخابات النيابية اللبنانية وسط إقبال وُصف بالضعيف، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة 32 في المئة. ويعدّ التصويت هذا العام الأول بعد الانهيار الاقتصادي الذي اعتبره البنك الدولي من أسوأ ما شهده العالم منذ أكثر من 150 عاما. وبالتزامن مع وقوع لبنان في براثن الفقر ينتقد الكثير من اللبنانيين جماعة حزب الله بشكل صريح، ويحمّلونها هي والطبقة الحاكمة مسؤولية الأزمات المتعددة المدمرة التي تعصف بالبلاد، بما في ذلك انهيار العملة والنقص الحاد في الأدوية والوقود. وتُجرى الانتخابات البرلمانية مرة كل أربع سنوات، وأعطى التصويت الأخير في 2018 أغلبية المقاعد (128 مقعدا) لحزب الله وحلفائه بـ71 نائبا. Thumbnail وتأتي هذه الانتخابات بعد مرور نحو سنتين على انفجار ميناء بيروت الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة الآلاف وإلحاق أضرار جسيمة بالعاصمة. ووُجّهت اتهامات إلى ثلاثة وزراء سابقين متحالفين مع حزب الله إثر التحقيق في انفجار الميناء، لكنهم رفضوا المثول للاستجواب أمام قاضي التحقيق. وانتقد زعيم حزب الله حسن نصرالله القاضي ودعا إلى استبداله. وبعد الإدلاء بصوتها في مركز انتخابي قريب من مرفأ بيروت تأمل نسرين -شأنها في ذلك شأن لبنانيين آخرين راغبين في التغيير- أن تترك بصمتها في البرلمان المقبل، تمهيداً لمحاسبة المتسببين في الانفجار الذي يتعثر التحقيق بشأنه، وفي نشوب أزمات البلاد المتلاحقة. وتقول السيدة (40 عاماً) التي نجت من انفجار المرفأ لوكالة فرانس برس من محلة الكرنتينا “أنتخب (…) لأن قلبي محروق، محروق على كل الدمار والدماء وعلى مستقبل أولادي”. وتضيف “إذا حققت الانتخابات تغييراً بنسبة خمسة في المئة، سنكون بذلك قد خطونا الخطوة الأولى”. وفي حين يستبعد مراقبون خسارة حزب الله الانتخابات يتوقع البعض أن يخسر حليفه الرئيسي المسيحي التيار الوطني الحر -الذي أسسه الرئيس ميشال عون- مقاعد. ويعارض حزب القوات اللبنانية بشدة ترسانة الأسلحة التي يملكها حزب الله، وحاول الدفع بمرشحين شيعة في المناطق التي يسيطر عليها الحزب لكن معظمهم انسحب قبل موعد الانتخابات بسبب الترويع. وتعرّض السكان للاعتداء في قرية شيعية في جنوب لبنان الشهر الماضي أثناء قدومهم لحضور اجتماع حاشد عقده المرشحون المنافسون لحزب الله. وأُطلقت النيران في الهواء لتعطيل تجمع لرجل دين شيعي يهاجم التحالف الذي يقوده حزب الله في بعلبك. وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية الدكتور هلال خشان إنهم “لا يريدون معارضة داخل الطائفة (الشيعية). هذا واضح”. وأضاف أن حزب الله وحليفته الشيعية حركة أمل يحاولان المحافظة على استمرار السيطرة على المقاعد المخصصة للطائفة.
مشاركة :