تدرك الحكومة السودانية أن تمكين المرأة سيدعم القدرة التنافسية للاقتصاد العليل مستقبلا ويزيد انفتاحه على أحدث التقنيات والنشاطات الجديدة والتي ستكون حجر الزاوية في سياساتها خلال السنوات القادمة إن تمت العناية جيدا بهذا الأمر لمواجهة البطالة. ويمثل تدني المستوى المعيشي وارتفاع معدلات الفقر بين النساء والبطالة تحديات أمام تقدم المرأة في السودان، والتي تكشف البيانات الرسمية أنها تشكل نحو 45 في المئة من عدد السكان البالغ أكثر من 42 مليون نسمة. وفي محاولة لتعزيز مشاركة المرأة أبرم المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية شراكة مع هيئة البحوث الزراعية تقوم بموجبها دعم سودانيات لإدارة عشرين مزرعة في بعض المحافظات ضمن مبادرة “مشروع بناء المرونة في الزراعة في ظل التغيرات المناخية”. ◙ 48 في المئة نسبة البطالة بين صفوف السودانيات من تعداد سكان يبلغ 42 مليون نسمة واعتبر مدير مشروع بناء المرونة فيصل أحمد الحاج في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السودانية الرسمية أن برنامج المزارع النسوية يعد أحد الأعمال التي تسعى الجهات المعنية لترسيخها في نشاط السودانيات. وقال إن ذلك سيتم “من خلاله توفير الأصناف المقاومة للحرارة والجفاف وتطبيق تقنيات التكيف مع التغيرات المناخية واتباع أنظمة الري الحديثة”. وتتزايد الضغوط لاعتماد آليات فعالة بهدف دعم تمكين النساء السودانيات في بناء الاقتصاد وذلك استنادا على المؤشرات التي تؤكد أن مشاركتهن لا تزال دون المأمول، لاسيما إذا تعلق الأمر بتأسيس مشاريعهن لدعم قطاع الأعمال. ووفق المؤشرات الرسمية الصادرة عن وزارة العمل السودانية تبلغ نسبة البطالة بالبلاد نحو 19 في المئة، وتصل بين الشباب حوالي 34 في المئة وبين النساء 48 في المئة، لكن بعض الخبراء يرون أنها أكثر بكثير من ذلك. ولدى مجتمع الخبراء قناعة بأن خفض معدلات البطالة بين السودانيات وزيادة مشاركتهن في التنمية مرتبطان أساسا بتفكيك العقبات أمام دخولهن سوق العمل وأن ذلك يمكن أن يحقق مكاسب كبيرة مع توسيع دورة النشاط الاقتصادي الذي يعاني من أزمات مزمنة. ويؤكدون أن العمل والمشاركة الاقتصادية يشكلان مدخلا معززا لأوضاع المرأة كونهما الوجه الآخر لعملية التنمية المنشودة، كما أن تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة يؤدي إلى خلق مجتمع أكثر إنصافا ويرفع من إنتاجية العمل. وقالت الأمين العام للمجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية منى أحمد التي تم تعيينها على رأس هذه الهيئة نهاية الشهر الماضي خلفا لراشد حسن عقب إبرام الاتفاقية إن “دفع السودانيات إلى الاهتمام بشكل أكبر بالزراعة عبر تحفيزهن سيساهم في توفير بدائل لكسب العيش وزيادة الدخل والمساهمة في الأمن الغذائي”. وأشارت إلى أنه للحصول على نتائج إيجابية في هذا المضمار ستعمل الجمعيات النسوية التي تم تأسيسها في الفترة الماضية للإشراف على المزارع في زيادة قدراتهن على الصمود أمام تغير المناخ أولا ثم تحقيق عوائد تمكنهن من مساعدة أسرهن ثانيا. ◙ خفض معدلات البطالة بين السودانيات وزيادة مشاركتهن في التنمية مرتبطان أساسا بتفكيك العقبات أمام دخولهن سوق العمل ◙ خفض معدلات البطالة بين السودانيات وزيادة مشاركتهن في التنمية مرتبطان أساسا بتفكيك العقبات أمام دخولهن سوق العمل وفي بلد يتسم بصغر أعمار سكانه إذ يقل 60 في المئة من السكان عن 25 عاما، فإن قلة مشاركة النساء في القوى العاملة أو حصولهن على فرص عمل أمر مقلق لأنه ينطوي على آثار تتجاوز نقص الأنشطة المدرة للدخل بتأثيره على النسيج الاجتماعي والاقتصادي. وتشير الإحصاءات إلى أن معدل المشاركة في القوى العاملة بالبلاد لا يتجاوز نصف من تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاما، أي أقل من المعدلات السائدة في العديد من الدول الأفريقية الأخرى التي تعاني من نفس المشاكل. وفي المناطق الحضرية تبلغ معدلات البطالة بين الشباب 40 في المئة، وترتفع تلك المعدلات بدرجة أكبر بين الشابات، حيث تتعرض النساء لتهميش شديد في سوق العمل بوجه عام. ووفق المؤشرات التي يرصدها البنك الدولي تقل أعمار نحو نصف السودانيين العاطلين عن العمل عن 25 عاما، وتشكل النساء النسبة الأكبر منهم، حيث يقل احتمال تشغيل السودانيات بنسبة 55 في المئة مقارنة بالنساء الأكبر سنا. وتُتاح للذكور، بغض النظر عن أعمارهم أو مواقعهم الجغرافية أو مستوى تعليمهم، فرص أفضل من الإناث للعثور على عمل. ولا تتمتع السودانيات سوى بأقل من ثلث الحقوق القانونية التي يتمتع بها الرجال في مناح رئيسية تتعلق بإمكانية الاستفادة من الفرص الاقتصادية، مما يضع السودان بالقرب من المرتبة الدنيا على مؤشر تقرير “المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2021” عالميا. ◙ تتزايد الضغوط لاعتماد آليات فعالة بهدف دعم تمكين النساء السودانيات في بناء الاقتصاد لكن النساء في السودان بشكل عام يواجهن قيودا كثيرة تتجاوز الإطار القانوني والأعراف الاجتماعية ولعل أبرز تلك العوائق تتمثل في القدرة على الحصول على التمويل وسلطة اتخاذ القرار. وعلى سبيل المثال، لا تزيد نسبة الشركات التي ترأسها نساء على 3 في المئة، في حين أن الكيانات التي توجد سيدات ضمن مالكيها الأصليين لا تتجاوز نحو 8 في المئة. وحولت السلطات السودانية أنظارها صوب دراسة إمكانية توسيع التعامل بالتمويل الأصغر لمواجهة معدلات البطالة المرتفعة وخاصة في الأرياف في ظل شلل خطط الإصلاح بسبب المأزق السياسي الراهن. واعتمد المركزي في خطته للعام 2022 التي أعلن عنها في يناير الماضي خطة قطاع التمويل الأصغر التي تمتد حتى 2025 وهي رهينة عدة محددات حتى تنجح وخاصة تفهّم القطاع المصرفي ومؤسسات التمويل الأخرى لمدى أهمية هذا الجانب لتنمية الاقتصاد. وفي المحصلة ومع أن فرص التوظيف المحتملة سنويا تتراوح بين نحو 25 و50 ألف وظيفة، إلا أن أوساطا اقتصادية ترى أنها ضئيلة ولا تتناسب خاصة إذا ما تمت مقارنتها مع أعداد الخريجين.
مشاركة :