نجحت مملكة البحرين وبفضل من الله ورعاية كريمة من حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه وحرص ومتابعة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله في احتواء جائحة كورونا والسيطرة على تأثيراتها الفتاكة الصحية منها والاقتصادية. ومع نهاية عام 2021 وخلال الأشهر الأولى من العام الحالي تحول الاهتمام والحرص والمتابعة من قبل صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر إلى برنامج التعافي الاقتصادي والتوازن المالي. إنه مما لا شك فيه إن تنفيذ برنامج التوازن المالي والتعافي من الوضع الاقتصادي الذي سببته الجائحة يعتبر ضرورة حتمية ليس في مملكة البحرين أو المنطقة فحسب بل العالم بأسره، كما أنه يعد من أهم التحديات التي تواجه مملكة البحرين ومن أوليات العمل الحكومي في الوقت الحالي. ولقد قامت الدولة برسم خارطة طريق لبرنامج التعافي الاقتصادي ومع مؤشرات إيجابية على تعافي عدد كبير من الشركات الحكومية والخاصة العاملة في البحرين، حيث حققت نتائج مالية لعام 2021 أعلى بكثير من عام 2020 كما أن هناك بوادر كثيرة ومشجعة لزيادة النشاط الاقتصادي. إن العوامل المحلية مثل نمو الاقتصاد في عام 2021 والصادرات محلية المنشأ والعوامل الخارجية وخصوصا المتعلقة بأسعار المواد الأولية مثل النفط والغاز والألمنيوم يعطي مزيدا من الثقة في تخطي العقبات وتعدي المرحلة القادمة بنجاح. ومع الأوضاع العالمية غير المستقرة في الفترة الأخيرة سواء السياسية منها مثل الحرب في أوكرانيا أو الاقتصادية مثل ارتفاع نسبة التضخم في عدد من دول العالم إلى مستويات لم نشهد مثلها خلال العشرين سنة الماضية أو التجارية المتمثلة في المشاكل في سلاسل الإمدادات في عدد من المنتجات الأساسية في قطاعات صناعية وتكنولوجية مختلفة. وبالرغم من كل هذه التحديات فإن معظم المتابعين للأوضاع الاقتصادية لمملكة البحرين متفائلون بالمستقبل وما سيتحقق كنتيجة لبرنامج التوازن المالي والتعافي الاقتصادي. ومن الأهداف الرئيسية التي يطمح الجميع في تحقيقها من خلال هذه البرامج الاقتصادية هي: • نمو اقتصادي إلى مستويات توازي أو تفوق نسبة التضخم. وفي الوقت ذاته العمل على تعافي كل القطاعات الاقتصادية أو معظمها على أقل تقدير وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الجائحة. • تقليص العجز في ميزانية الدولة نتيجة لزيادة حركة النشاط الاقتصادي مدعوما بالعوامل الخارجية مثل أسعار المواد الأولية كالنفط والألمنيوم. • السيطرة على الدين العام عند مستوياته الحالية على أبعد تقدير لأن الاقتراض في الفترة المقبلة سيكون أكثر تكلفة كما أنه سيمثل عبئا على ميزانية الدولة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة. • مراقبة الإنفاق الحكومي والسيطرة على المصروفات المتكررة والحرص على خفضها لأنها تعد عبئا على ميزانية الدولة. إن محاولة الدولة في تحصيل رسوم خدماتها المختلفة مثل تحصيل ضريبة القيمة المضافة أو تحصيل فواتير الكهرباء والماء والرسوم الحكومية الأخرى سيساعد في خفض الاقتراض. وما تجدر الإشارة إليه هنا هو ما أعلن في الفترة الأخيرة من متأخرات الكهرباء والماء والتي وصلت إلى مستويات عالية لا يمكن لاقتصاد البحرين تحمله. ولو تم تحصيل كل هذه المتأخرات أو معظمها والبالغة 340 مليون دينار لوفرت الدولة ما بين 15 و20 مليون دينار سنويا تمثل كلفة التمويل بأسعارها الحالية. إن المملكة قد أنفقت واستثمرت مبالغ طائلة في تطوير إنتاج وتوزيع الكهرباء والماء ومن المؤمل أن يكون تحصيل هذه الرسوم وعدم إعطاء الفرصة لتتحول إلى متأخرات من أوليات الدولة كونها ستساعد في تحسين الوضع الاقتصادي، كما أنه سيبرهن لمؤسسات التقييم الائتماني جدية برامج الحكومة الاقتصادية عند النظر لتصنيف مملكة البحرين الائتماني والنظر في رفع التصنيف الحالي في المستقبل القريب الأمر الذي سوف يخفض من تكلفة التمويل المستقبلية. هناك تجارب ناجحة في كثير من دول العالم تم فيها تحويل نشاط تحصيل رسوم الحكومة وخاصة الكهرباء والماء إلى شركة مساهمة عامة واستفاد من هذه التجربة كل من الحكومة بتحصيلها لمستحقاتها بطريقة سريعة وسلسة كما استفاد مساهمو الشركة من الأرباح المتحققة من نشاط هذه الشركة. وبطبيعة الحال فإن هنالك تجارب أخرى حول العالم يمكن للبحرين أن تستفيد منها وقد تساعد في إيجاد حلول مناسبة لهذه المتأخرات. إن تحقيق ما تم ذكره أعلاه هو غاية جميع متابعي الأوضاع الاقتصادية لمملكة البحرين، أملا بأن يساعد ذلك على تنفيذ ونجاح برنامج التوازن المالي والتعافي الاقتصادي والذي يحرص صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر ومعه فريق البحرين والطاقم الاقتصادي الذي يعمل معه على تحقيقه. نتمنى جميعا لصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر كل توفيق ونجاح.
مشاركة :