طرابلس - تستعد حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبدالحميد الدبيبة التي تتمسك بأنها حكومة شرعية في مواجهة حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا كان البرلمان قد منحها الثقة ولم تنجح حتى الآن في ممارسة مهامها والاستقرار في طرابلس، لتنفيذ خطة تشمل نزع سلاح الميليشيات وإعادة دمجها. وتشكل تلك الميليشيات المسلحة قوة دعم لحكومة الدبيبة التي ترفض تسليم السلطة لحكومة باشاغا وعبرت عن استعدادها للدفاع عن "شرعيتها" بكل الوسائل بما فيها العسكرية، معتبرة مناوئيها خارجين عن القانون. ويبدو أن قرار دمج الميليشيات يأتي ضمن جهود تثبيت سلطة الدبيبة والاستعداد لمواجهة محتملة مع القوات والميليشيات الداعمة لحكومة باشاغا، بينما يأتي القرار عقب مواجهات مسلحة الأسبوع الماضي قرب طرابلس بين الموالين لرئيس حكومة الوحدة والموالين لحكومة رئيس الوزراء الجديد (فتحي باشاغا). وعرض وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية اللواء خالد مازن، رؤية الوزارة حول طرق الدعم الدولي لبرنامج "نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج" في ليبيا وذلك خلال مشاركته في ورشة عمل عُقِدت اليوم الاثنين بمدينة طليطلة الإسبانية. وشارك مازن ضمن وفد ضم عضو المجلس الرئاسي عبدالله اللافي ووزير العمل والتأهيل بحكومة الوحدة الوطنية علي العابد ورئيس الأركان العامة الفريق أول محمد الحداد ووكيل وزارة الخارجية واللجنة العسكرية المشتركة المعروفة باسم لجنة خمسة زايد خمسة (5+5) وأعضاء اللجنة (410) المكلفة ببرنامج تنظيم واستيعاب ودمج القوى المساندة في مؤسسات الدولة، بحسب بيان نشرته وزارة الداخلية عبر صفحتها على فيسبوك. وذكر البيان أن اللواء مازن تحدث في افتتاح ورشة العمل عما قامت به وزارة الداخلية من جهود في ضم القوى المساندة في مؤسسات الدولة، وتوضيح رؤية الوزارة في تبني مشروع وطني متكامل بمساعدة الشركاء الدوليين ووضع الحلول المناسبة لتنفيذها. وأكد عبدالله اللافي على ضرورة خلق نوع من الثقة بين المقاتلين والقيادات السياسية في استجابتهم لأي جهود تبذل في إطار جمع السلاح من خلال المنظومة الدولية لتحقيق الأمن والاستقرار. وقضية نزع سلاح الميليشيات وحلها تعتبر من القضايا المعقدة في ليبيا والتي ترخي بظلال ثقيلة على جهود الاستقرار وبناء الدولة المدنية وأصبحت رقما صعبا في المعادلة السياسية ومعادلة الاستقرار. ومن المستبعد أن تنجح جهود نزع سلاح الميليشيات التي تقلب ولاءها بحسب مصالحها وتتهم في نفس الوقت بارتكاب انتهاكات واسعة خلال عقد من الفوضى عقب الإطاحة بنظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي. واعتبرت ألمانيا الاثنين على لسان سفيرها لدى طرابلس ميخائيل أونماخت أن نزع السلاح وتسريح وإعادة دمج المجموعات المسلحة "مهمة وحاسمة لحفظ السلام في ليبيا والمنطقة". ويولي المجتمع الدولي أهمية كبيرة لنزع سلاح الميليشيات في ليبيا ويدفع على ما يبدو لاستنساخ التجربة العراقية حين قامت حكومة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبدالمهدي بدمج ميليشيات الحشد الشعبي (الشيعية) في القوات المسلحة، لكن تلك التجربة خلقت كيانا بما يشبه دولة داخل الدولة مع نفوذ واسع وهيئات مستقلة. ولا تبدو ليبيا بمنأى عن هذا السيناريو، فعملية الإدماج المزمعة من شأنها أن تخلق نفوذا موازيا وولاءات لزعامات الميليشيات أكثر من الولاء للدولة. كما أن النزاع على الشرعية من شأنه أن يعطل حلا شاملا لتلك العقدة وأي حل مناطقي بمعنى أن يشمل الحل غرب ليبيا لوحدها سيكون مآله الفشل وسيفتح بابا أوسع للمواجهات المسلحة. وتركز الورشة على دور الشركاء الدوليين في مساعدة ليبيا في دمج واستيعاب المجموعات المسلحة داخل مؤسسات الدولة، بمشاركة المستشارة الأممية ستيفاني وليامز. وكان فتحي باشاغا رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي قد دخل العاصمة الليبية في السابع عشر من الشهر الجاري ولكن سرعان ما غادرها بعد اشتباكات مسلحة بين عناصر تابعة له وأخرى تابعة لحكومة الوحدة الليبية. ورسمت تلك المواجهات المسلحة إلى أين يمكن أن يذهب النزاع على الشرعية وحالة الاستقطاب والولاءات.
مشاركة :