أخرجوا ترامب من جزيرة منهاتن! - أميمة الخميس

  • 12/14/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الديمقراطية بنيتها مطاطة ومرجعيتها الشعبية (ديموس+كراتوس) من الممكن أن تستجلب الكثير من العجائب من القاع إلى السطح وتحت الأضواء، تماماً كما استجلبت الديمقراطية الأميركية (دونالد ترامب) إلى سباق الترشيح الرئاسي. دونالد ترامب شخصية إشكالية داخل الولايات المتحدة، رجل أعمال تراوح ما بين الإفلاس وقمة ناطحة السحاب في نيويورك (الأمبير ستيت)، وقبلها ارتبطت سيرته وظهوره الإعلامي بفرقعات الصحف الصفراء، ولطالما كانت علاقاته النسائية مادة يومية دسمة لصحف التابلويد، والبعض يطلق عليه متندراً الدون جوان صاحب (القذلة) الشقراء التي تشبه رأس ديك عيد الشكر. ولعل مطالباته الأخيرة بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، تندرج في نفس السياق الصاخب الفلاشي، فإضافة إلى استثمار الجو الفضائحي حوله، يصبح هذا التصريح استغلال حالة (الإسلاموفوبيا) التي يعيشها العالم مستهدفاً في حملته بالطبع أصوات اليمين الأميركي وجماعة مايسمونهم (بالرد نك أميركان)، تماما كما استثمر جورج بوش الابن أحداث 11 سبتمبر ليفوز بدورة رئاسية ثانية في الولايات المتحدة. بالطبع شخصية قادمة من أقصى اليمين المتطرف مثل ترامب من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن تصل إلى سدة الرئاسة، لسبب بسيط فبرنامجها الانتخابي وشعارات المرشح تتعارض مع الدستور الأميركي العلماني نفسه، فقد ظلت الولايات المتحدة تخوض حروباً ضد العنصرية الداخلية، ابتداءً من وثيقة الحقوق التي صدرت هناك عام 1791 وضُمنت الدستور الأميركي، تلك الوثيقة التي تجرم التمايز العرقي أو النوعي أو الديني، انتقالاً إلى زمن الرئيس لينكولن وتحرير العبيد عبر الحرب الأهلية بين ولايات الشمال والجنوب، وصولاً إلى نضالات زنوج الستينات التي أفسحت كرسي الرئاسة لرئيس أسود. إذاً داخل الولايات المتحدة الإمبريالية الاستعمارية، هناك دستور وقوانين وأحزاب وطبقة وسطى معتدلة تحافظ على قيم الحرية التي يتضمنها الدستور، وأي خروقات لهذا القانون تضعك تحت طائلة القانون. تصاعد خطاب العنصرية وأُطروحات التوحش المتطرفة التي تجتاح العالم في السنوات الأخيرة لابد أن تستفز حاملي هذا النوع من الفكر، تماماً كما صعد في فرنسا اليمين المتطرف، ونشط من يطلقون على أنفسهم النازيين الجدد في ألمانيا. لكن عموماً الدول المتحضرة لديها شرائع وقوانين تجرم خطاب العنصرية وتنتصر لصيغة الدولة المدنية الحديثة، دولة القانون والمؤسسات، بحيث تبقى تلك الدول محافظة على أرضية التسامح والتعايش الإنسانية بين قاطنيها. لكن في الشرق الحزين، هل هناك قوانين تحاكم خطاب التطرف والعنف والإقصاء بجميع أشكاله من ديني ومذهبي وعنصري؟ هل هناك قوانين تجرم من يعتدي على تماسك النسيج الوطني تحت دعاوى عنصرية متوحشة؟ هل هناك تأصيل شرعي ومجهودات حديثة في استنطاق مدونة تاريخنا الإسلامي بكل ماتحتويه من مكون التعايش والتسامح والإنسانية.. وهي كثيرة؟ لنجد على العكس من هذا شبكات التواصل الاجتماعي استنطقت جميع ماهو بدائي وظلامي في ثقافتنا.. وهنا لابد أن نقف لنحيي الخطوة الإيجابية التي اتخذتها د. لطيفة الشعلان عضو مجلس الشورى، حول استعمال حقها القانوني كمواطنة من خلال قانون الجرائم المعلوماتية الذي صدر مؤخراً، وذلك لمحاكمة أحد المتطاولين عبر إحدى وسائل التواصل. فمع هذا القانون من كانت نفسه تزدحم بالنفايات، ويحاول أن يوزعها على البشر ولاسيما الناجحين منهم.. فيجب أن يردع ويؤخذ على يده وينال جزاءه. الشرائع والقوانين هي البرزخ الذي يفصل بين التحضر والمدنية/والغابة والتوحش. وهي التي تحمي المسيرة البشرية وتسوقها باتجاه أرض الإنسانية والعدالة والمساواة. لمراسلة الكاتب: oalkhamis@alriyadh.net

مشاركة :