القرصان وجزيرة الكنز - أميمة الخميس

  • 3/16/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

(تونى بلير: تورطنا في حرب العراق وعلى الشرق الأوسط حل مشكلاته بنفسه) يقوم المستعمر عن سماطنا ويريد أن يغسل يديه من دمنا بأوراق الصحف، وبكلمات المؤتمرات اللطيفة التي توزع فوق منبرها قفازات تخفي بقع الدماء وبقايا أنامل آخر طفل في عالمنا دهسته دبابة أو تضور جوعا.. ومات. المتفوق الأبيض في عاصمة الإمبراطورية الحيزبون، يحتسي الشاي ويلتهم إلى جوارها العواصم، ويقصقص العالم، بما يلبق بخرائطه المركزية. الأسد الإنجليزي العجوز يقوم عن وليمة جسد هامد مسجى من المحيط إلى بحار الظلمة السبعة، وشدقاه يقطران بسائل الموت والدمار.. ويقول حلوا مشكلاتكم بأنفسكم.. أيها الشعوب الغامقة الغائرة في أخدود غادره الضوء وبقي ظله في فنجان شاي تشربه العجوز حين تشير بيج بن للخامسة. وماذا عن الفواتير؟ الفواتير الوصمة من سيدفعها؟ هل ستبيع التاج البريطاني وتبني لهم تلا من الخيام لتقطنها أحلامهم المشردة؟ هل ستضيف ملعقة سكر لنهر أحزانهم فيرجع حلوا؟ القرصان الإنجليزي ذو البشرة الملوحة والمخلب الحديدي ظل طوال قرون يرسل العيون والجواسيس ويكتب التقارير ليؤسس علم الاستشراق، وهو لايرانا سوى جزر تزدحم بالأساطير والأشباح والأعاريب السذج والنساء الممكنات.. وحقول من المعدن والنفط.. ترعى فوقها البهم. أيها المستعمر المتغطرس هل اشمأزت نفسك من رائحة الدماء وأشلاء اللحم البشري المعجون بسيارة مفخخة ؟ ولكنه حتما اشمئزاز مؤقت، لأنك ستغادر وستعود.. مع كل تغيير في الخارطة ستعود، وفي حقيبة كل وفد ستعود.. وقد حملت أساطيرك المركزية من جديد، ومدونات حقوق إنسانك.. وحرياتك.. والقوانين التي لا تعمل هنا.. يتوقف مغناطيس ساعتها .. بجوار نهر الأحزان. ستعود حتما لتحج إلى هيكل وبقايا معبد أعمدة الحكمة السبعة.. حيث لورنس الإنجليز يطارد لورنس العرب الذي حاول أن يسترد رجولته الغائبة بتوزيع مفاتيح الممالك على قوافل العرب العاربة، معبد أعمدة الحكمة السابعة، عندما انهار المعبد على شمشون الدعي.. وفرت دليلة الخبيثة إلى بيت في الريف الإنجليزي. وفي الريف بين الضباب وزهور النرجس البري، هناك كنيسة .. تدق أجراسها فرّق لتسود، فرق لتسود.. فرق واحكمْ.. فرق واستفرد واستبد أيها المستعمر الأبيض الذي تفوح من بين أسنانك المشوهة رائحة أشلاء قديمة عمرها مئات الأعوام . علمونا في المدرسة أن الرياح التجارية تهب علينا من الشمال الشرقي أو الجنوب الشرقي، ولكنهم لم يخبرونا أن اسم الرياح استمدوه من خرائط القرصان اسماها بذلك،لأنها هي التي تدفع أشرعة سفنه نحو أرض الوليمة.. وليمة السوق والملح واللحم .. وكل شيء يغدو قابلا للبيع حتى .. آخر حلم حلمناه البارحة تحت مخدتنا.. تستحوذه رحلة ذهاب وإياب الأشرعة وهي تراقص الرياح التجارية. أيها المستعمر تريد أن ترفع يديك عن سماطنا وتطهرها بماء المؤتمرات الصحفية؟ لكن ماذا عن أنيابك؟ هل نظفت أنيابك من بقايا عروق تلال الزيتون في فلسطين؟ ماذا عن أطفال غزة.. هل هناك من يعطيهم لقاحا ضد داء الشلل وداء الكلب.. بعد آخر قذيفة عقرت مدينتهم؟ الكتب المركزية في أرفف المتحف البريطاني تتحدث عن شعوب الأرض هل لنا نحن حيز في الصفحة؟ ماذا يقول دارون في هذا؟ هل ارتقينا إلى مرتبة الإنسان المنتصب (الهومو سابين) أم مازلنا هائمين كقبيلة شتات أبدي..؟ دعني أحزر ما لون القناع الذي سترتديه المرة القادمة.. حينما تعود.. حتما ستعود.. فوق خيل من معدن أو دخان طائرة عابرة للصوت.. لكن ستعود وفي كميك خريطة جديدة.. لتفرّق وتسود. لمراسلة الكاتب: oalkhamis@alriyadh.net

مشاركة :