في هذه الذكرى الخالدة خلود الوطن، تسطع صفحات مُشرقة من المجد والسعي الدؤوب لحياة فُضلى، كما تفتح هذه الذكرى العزيزة على قلوب الأردنيين، سفر البذل والعطاء، لتقرأ في صفحته الأولى ملحمة الكفاح والنضال، مُدركين جميعاً أن الاستقلال مشروع إرادة وحرية، قاده الهاشميون وحولهم شعبهم الوفي، للنهوض الشامل والسيادة المطلقة على امتداد خارطة الوطن العزيز. يحتفل أبناء الأردن في الخامس والعشرين من أيار من كل عام بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال، ذلك اليوم الذي استقل فيه الأردن وبنى دولته بإمكاناته المتواضعة واستطاع تحقيق الكثير في المجالات الاقتصادية والصناعية وغيرها. ذلك الأردن الذي تحرر من سيطرة العدو الأجنبي بفضل الهاشميين وأبناء الأردن الأحرار وبهمة الجنود البواسل استطعنا أن نخرج العدو من أرضنا وان نبقيها لنا حصنا منيعا. ومع هذا اليوم العظيم والمميز بأرقامه وتاريخية وتوقيته تمكن الأردن من الاستقلال التام وأصبح دولة قانون ومؤسسات تسودها الدمقراطية والحرية، وأصبحت دولة تتمتع باستقلالية كاملة تحت مسمى المملكة الأردنية الهاشمية. تجاوز الأردن العقبات التي كانت تقف عائقا أمامه وليصبح في الطليعة الأولى بين الدول في أكثر من مجال وأن يكون منارة علمية عبر صروحه العلمية والأكاديمية. ليس علينا أن نتحدث عن الاستقلال ككلمة وكمفردة بل علينا وواجبنا أن نعي تماما حجم الانجاز الذي حققه الاستقلال ليتمكن الأردن من الانتقال من حال إلى حال أفضل وان استقلال مملكتنا هو أحد أكبر الانجازات التي حققها الهاشميون. فلتغمر هذه الذكرى المجيدة ربوع الوطن كله بالفخر والإباء، وتملأ النفوس بالبهجة والسرور، ويعيش الشعب أمجاده وذكرياته وتضحيات رجاله في أروع صورها ومعانيها ويستعرض معها سجل تاريخه ومراحل جهاده الحافل بالتضحيات والآمال والعبر والدروس، ويرقب مسيرة الأردن وما تحقق خلالها من المكاسب والمطامح والمنجزات، وتمثل أمامه القيادة الهاشمية الصادقة الأمينة، القدوة والأسوة والقوة الدافعة للمنعة والتقدم والعقل الموجه لمسيرة الخير على كل صعيد. وكان الشعب والجيش والإنسان الأردني في أي موقع هو الغاية والوسيلة والطاقة الفاعلة المتجددة التي تشيع النهضة والنماء في ربوع هذا الحمى العربي الأصيل، وظلت رسالة الثورة العربية الكبرى رسالة الاستقلال والحرية والانعتاق من كل القيود التي تقف حائلاً دون طموح الإنسان هي الرسالة التي تهدي السالكين على الدرب الطويل ولا تنفك مبادئها تبشر العرب بالوحدة والحرية والسيادة وكرامة الأجيال. الاستقلال يجسد مبدأ الانسجام بين مؤسسات الدولة رسمية واهلية، وبقيادة جلالة الملك حققت المملكة في ظل أصعب الظروف والتحديات التي مرت بها انجازات باتت انموذجا في منطقة الشرق الأوسط، ودعمه للقضية الفلسطينية وهو الإنجاز الاكبر، مؤكدين ان تعزيز الاستقلال يكون بمواصلة بناء المؤسسات واحترام القانون والمحافظة على اصول الدولة وتهيئة مناخ الاعمال ليكون أكثر جاذبية للاستثمارات الخارجية. والاستقلال يعني تعظيم مبدأ الشراكة بين القطاعين بعملية رسم السياسات الاقتصادية، ووضع التصورات التنموية لما فيه خدمة الوطن والتنمية المستدامة، وتحقيقها يكون بالعمل المؤسسي المشترك المبني على الاعتراف بالدور التنموي الذي قام به القطاع الخاص خلال العقود الماضية بمساعدة ومشاركة القطاع العام وبتوجيهات مباشرة من جلالة الملك. مسيرة الاصلاح الاقتصادي والسياسي تتطلب تضافر الجهود للخروج برؤية تنمية سليمة فيما يتعلق بتطوير بيئة الاعمال واستغلال الظرف الاقليمي الراهن بما يخدم الاقتصاد الوطني، ويكون ذلك بتشريعات متطورة ومنافسة خاصة على صعيدي قانوني الاستثمار والضريبة وانجاز قانون الشراكة. مسيرة الأردن بشقيها السياسي والاقتصادي تكللت بالإصلاحات الشاملة التي طالت مختلف الميادين في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني الذي رأي في الاصلاح الأساس والخيار الامثل لتحقيق تقدم على جميع المستويات بحيث يتاح المجال للمواطنين للمشاركة في صنع القرار ورسم واقع ومستقبل البلاد. لا كلمات ولا شعر ولا خطابة توفي فرحتنا بحرية وطننا، ها هي شوارعنا ومياديننا تتزين بالشموع والورود للتعبير عن فرحتنا بعيد الاستقلال. اللهم احفظ هذا البلد وشعبه من كل شر، ومن كل سوء، وسنظل نفاخر الدنيا بأسرها بذكرى الاستقلال غرة أعيادنا، هنيئاً لنا بك يا وطني وهنيئاً لك بأبنائك أصحاب الهامات العالية التي ما انحنت إلّا لبارئها، وكل عام وقائدنا وشعبنا الطيب والأمة العربية بألف ألف خير. (الدستور)
مشاركة :