واشنطن - تواصل الولايات المتحدة الضغط على إيران من خلال عقوبات على كيانات تتولى توفير موارد مالية عبر تهريب النفط الإيراني لصالح ما تعتبره دول عربية وغربية أذرعا محلية وخارجية للحرس الثوري المصنف على اللائحة الأميركية للتنظيمات الإرهابية. وتشترط طهران شطب اسمه من هذه اللائحة لاستئناف المفاوضات النووية في فيينا. وفي أحدث فصل من فصول الضغوط الأميركية، فرضت واشنطن اليوم الأربعاء عقوبات على شبكة دولية لتهريب النفط وغسيل الأموال يقودها مسؤولون في فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني سهلت بيع ما قيمته مئات الملايين من الدولارات من النفط الإيراني لصالح فيلق القدس وجماعة حزب الله اللبنانية. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن شبكة تهريب النفط هذه كانت بمثابة عنصر حاسم في جمع عائدات النفط لصالح إيران، مضيفة أنها صنفت هذه الشبكة ضمن المنظمات الإرهابية. وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن الشبكة تقودها شخصيات حالية وسابقة في فيلق القدس "تدعمها مستويات رفيعة في حكومة الاتحاد الروسي" وتضم شركات صينية ودبلوماسيا أفغانيا سابقا. وقال أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي في بيان منفصل "في حين تواصل الولايات المتحدة السعي إلى عودة متبادلة إلى التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) فإننا سوف نفرض عقوبات صارمة على تجارة النفط الإيرانية غير المشروعة". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس عن تلك العقوبات "الإشارة التي نرسلها هي أننا لن نتسامح مع الأنشطة غير المشروعة لفيلق القدس ووكلاء إيران الآخرين والجماعات الإرهابية التي تتلقى دعما إيرانيا". واستهدفت العقوبات شركة 'آر.بي.بي إل.إل. سي' ومقرها روسيا والتي قالت وزارة الخزانة الأميركية إنها استُخدمت للمساعدة في تحويل ملايين الدولارات باسم فيلق القدس وشركة 'زمان أويل دي.إم.سي.سي' والتي اتهمتها واشنطن بالعمل مع الحكومة الروسية وشركة روسنفت المملوكة للدولة لشحن النفط الإيراني لشركات في أوروبا. كما تم استهداف القائم بالأعمال الأفغاني السابق في موسكو وجرى وصف العديد من الأشخاص بأنهم مرتبطون بالحرس الثوري. وتأتي هذه التطورات بينما لا يبدو أن الجهود المبذولة والوساطات تؤتي ثمارها لكسر الجمود ف مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي للعام 2015. وقال روب مالي مبعوث الولايات المتحدة الخاص بشأن إيران اليوم الأربعاء إن فرص إحياء الاتفاق النووي، ضعيفة في أحسن الأحوال وإن واشنطن مستعدة لتشديد العقوبات على طهران والرد على "أي تصعيد إيراني" مع إسرائيل وحلفاء آخرين إذا لم يتم إنقاذ الاتفاق. وأضاف في شهادة معدة ليدلي بها أمام الكونغرس، "ليس لدينا اتفاق مع إيران واحتمالات التوصل إلى اتفاق ضعيفة في أحسن الأحوال" في إشارة إلى المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في فيينا والتي توقفت في مارس/آذار. وأضاف مالي أنه إذا تعذر إحياء الاتفاق، فإن الولايات المتحدة "مستعدة لمواصلة فرض عقوباتنا وتشديدها... والرد بقوة على أي تصعيد إيراني والعمل بالتنسيق مع إسرائيل وشركائنا الإقليميين". وبموجب الاتفاق الذي وقعته إيران وست قوى كبرى في عام 2015، حدت طهران من برنامجها النووي بما يصعب عليها الحصول على قنبلة نووية، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية. ولطالما قالت طهران إن برنامجها للأغراض السلمية فقط. وانسحبت واشنطن من الاتفاق في 2018 في عهد الرئيس الجمهوري الأميركي السابق دونالد ترامب وأعادت فرض عقوبات قاسية على طهران، مما دفع الأخيرة إلى البدء في انتهاك القيود النووية بعد عام. وسعى الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلى إحياء الاتفاق لكن ليس من الواضح ما إذا كانت المحادثات غير المباشرة في فيينا قد تُستأنف. وانتقد مالي قرار ترامب قائلا إن هذا لم يسفر عن قيود "أطول أمدا وأقوى" على برنامج إيران بل تركها "أقصر أمدا وأضعف". وانتقد أعضاء ديمقراطيون وجمهوريون بمجلس الشيوخ جهود إدارة بايدن لإحياء الاتفاق، وقالوا إن عليها عمل المزيد لتشديد العقوبات على صادرات النفط الإيرانية ولا سيما إلى الصين. صعوبات اضافية وفي سياق الجهود المتعثرة، قال رافائيل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم الأربعاء إن المحادثات مع إيران، بهدف إنهاء أزمة طويلة الأمد بخصوص تفسير منشأ جزيئات يورانيوم معالجة عثُر عليها في مواقع تبدو قديمة ولم يُعلن عنها، تمر "بمنعطف شديد الصعوبة". واتفق غروسي وإيران في مارس/آذار على خطة مدتها ثلاثة أشهر لتسوية المسألة التي كانت مصدر توتر بين إيران والقوى الغربية حتى خلال مفاوضات أوسع تهدف إلى إعادة طهران وواشنطن إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي المبرم عام 2015. والمحادثات الأوسع نطاقا متوقفة الآن، لكن غروسي قال إنه من الصعب تخيل أي اتفاق لإحياء اتفاق 2015 بينما لم تتلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى الآن إجابات مُرضية بشأن هذه القضية. وقال في جلسة نقاشية في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس "أفترض أنه ينبغي لي أن أمتنع عن التوصل إلى نتيجة نهائية في هذه المرحلة لأننا لم نفرغ من العملية بعد، لكن دعوني أقول إننا في منعطف صعب للغاية في الوقت الحالي". ومن المقرر أن يقدم غروسي تقريرا إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤلف من 35 دولة حول تقدم المحادثات بخصوص القضايا المفتوحة بحلول موعد بدء الاجتماع الفصلي للمجلس في السادس من يونيو/حزيران. وقال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية "آمل أن يتم استغلال الوقت... من الآن وحتى صدور تقريري بشكل جيد حتى يتسنى على الأقل البدء في التوصل إلى رد موثوق على هذه الأمور". وفي حين أن جهود غروسي للحصول على إجابات من إيران ليست جزءا من المحادثات الأوسع لإحياء اتفاق 2015، فإن عدم إحراز تقدم قد يؤدي إلى مواجهة جديدة بين إيران والغرب في مجلس محافظي الوكالة، من شأنها تعقيد المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن والتي عُقدت آخر مرة في مارس/آذار الماضي.
مشاركة :