شهدت أجواء مناطق شمال شرقي سوريا تزاحماً جوياً بين طائرات حربية تابعة للتحالف الدولي ومقاتلات روسية حلّقت فوق مناطق التماس واستطلعت الحدود الفاصلة بين الجهات المتحاربة، فيما سيرت الشرطة العسكرية الروسية والقوات الحكومية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد برفقة مقاتلين وعربات من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)؛ دورية مشتركة جالت القرى والمناطق المتاخمة للحدود التركية شمالي محافظة الحسكة وتفقدت النقاط والمخافر التي تتمركز فيها القوات السورية، في وقت كشف مسؤولون عسكريون روس لمحتجين أكراد بريف حلب الشمالي أن القوات الروسية والحكومية لن تسمح بتقدم القوات التركية شمالي البلاد. وحلّقت مقاتلات مروحية وحربية تابعة للتحالف الدولي على علو منخفض ونفذت طلعات جوية استطلاعية يومي الخميس والجمعة، شملت كامل الشريط الممتد بين بلدتي عين عيسى شمالي محافظة الرقة شرقاً، حتى عين العرب (كوباني) شرقي محافظة حلب غرباً، في حين شهدت سماء ريف محافظة الحسكة الشمالي والشمالي الغربي تحليقاً مكثفاً للطائرات المروحية الروسية والطيران الحربي التابع للتحالف الدولي، كما حلقت طائرات مروحية روسية فوق مدينة القامشلي وبلدتي عامودا والدرباسية المتاخمتين للحدود التركية، وصولاً إلى ريف أبو راسين وحوض زركان، وتشكل هذه المناطق نقاط تماس ساخنة تفصل قوات «قسد» المدعومة أميركياً عن قوات الفصائل السورية الموالية لتركيا المتمركزة في منطقة عمليات «نبع السلام». كما انطلقت مروحيات أميركية من قاعدتها بقرية قصرك شرقي بلدة تل تمر وحلقت في أجواء سماء المناطق الشمالية لمحافظة الحسكة، ووصلت طلعاتها إلى بلدة درباسية وناحية أبو راسين في وقت حلقت 6 مروحيات روسية في أجواء ريف عين العرب شرقي حلب، بالتزامن مع غياب تام للطيران التركي المسير الذي كثفت طلعاته مؤخراً واستهدف قياديين ومواقع «قسد». في سياق متصل، سيّرت، أمس، القوات الروسية وضباط بالقوات الحكومية برفقة مسؤولين من قيادة العلاقات العامة في قوات «قسد» بتغطية مروحيات روسية بأجواء المنطقة؛ دورية مشتركة انطلقت من القاعدة الروسية بمطار القامشلي، وتفقدت المخافر الحدودية المتركزة فيها القوات السورية في كل من بلدتي عامودا والدرباسية، وأكملت طريقها وتفقدت مواقع القوات الحكومية في ناحية أبو راسين وحوض الزركان وصولاً إلى القاعدة الروسية في بلدة تل تمر، وهذه الأخيرة تعد من بين أكثر النقاط سخونة شهدت مراراً قصفاً وهجمات عسكرية متبادلة تنفذها القوات السورية الموالية لتركيا، والمدفعية وراجمة الصواريخ التركية المنتشرة غرباً، وقوات «قسد» المسيطرة على الجهة الشرقية. إلى ذلك، نظم نازحو مدينة عفرين الكردية القاطنون في مخيمات الشهباء وسكان المنطقة بريف حلب الشمالي، وقفة احتجاجية، أول من أمس (الخميس)، أمام مقر القاعدة الروسية في قرية الوحشية، وعقد وفد من قادة الاحتجاجات مع مسؤولين عسكريين روس وسلموهم عريضة مكتوبة، منددة بتصعيد التهديدات التركية بضرب المناطق الخاضعة لنفوذ قوات «قسد» وإدارتها المدينة، بما فيها مناطق إقليم الشهباء التي تضم أكثر من 120 ألفاً ينحدرون من مدينة عفرين، الذين فروا منها بعد هجوم الجيش التركي في عملية «غصن الزيتون» بشهر مارس (آذار) 2018. ونقل المشاركون الذين التقوا الروس عن أحد المسؤولين قوله «إن القوات الروسية والحكومية السورية لن تسمح للقوات التركية بالتقدم لأنها عدو سوريا، ونعدكم بتحرير عفرين والمناطق الأخرى من قبضتها وإعادة النازحين إليها»، وذكر بيان باسم الوفد أن الدعوات التركية لإنشاء حزام أمني على حدودها الجنوبية «بغية بناء مستوطنات لتتحول لقواعد تركية متقدمة داخل العمق السوري، بهدف تغيير ديمغرافي وتركيبة سكان المنطقة الأصليين وهي جريمة بحق كل السوريين»، وطالبوا روسيا بوصفها إحدى الدول الضامنة لاتفاقيات خفض التصعيد مع أنقرة بـ«القيام بمسؤولياتها وواجباتها والضغط على تركيا لإنهاء احتلال الأراضي السورية، ومنعها من شن عدوان جديد ووقف عمليات التوطين»، بحسب البيان المنشور على حسابات وصفحات نشطاء أبناء مدينة عفرين. وفي مدينة الرقة شمالي سوريا، تمكنت وحدات مكافحة الإرهاب التابعة لقوات «قسد» وبدعم من التحالف الدولي، أمس (الجمعة)، من القبض على ثلاثة عناصر يشتبه بانتمائهم إلى خلايا موالية لتنظيم «داعش»، وقال مصدر عسكري إن القوات وبتنسيق من التحالف نفذت على مدار يومي الخميس والجمعة الماضيين عمليات أمنية ناجحة، بالقرب من بلدة الجزرة بريف المحافظة الغربي وفي مركز مدينة الرقة، وتمكنت من القبض على ثلاثة عناصر يعملون في خلايا مسؤولة عن تصنيع القنابل اليدوية وتهريب الأسلحة. وجاءت العملية بعد مرور يوم على عملية مماثلة في ريف دير الزور الشرقي، وكشف ذات المصدر أن الوحدات الخاصة وبدعم وتغطية جوية من قوات التحالف نفذت عملية ناجحة ضد خلية نائمة تابعة للتنظيم قرب بلدة هجين، أسفرت عن القبض على مسؤول الاغتيالات في الخلية الإرهابية وضبطت بحوزته أسلحة ووثائق ومعدات أخرى كانت معه، وتأتي هذه العملية في إطار الجهود المشتركة بين قوات «قسد» والتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب وتوطيد الأمن والاستقرار، والحد من التهديد الذي يتعرض له السكان من قبل الخلايا المتشددة.
مشاركة :