أشبه بالانتحار..سوريون مهددون بالترحيل من الدنمارك

  • 5/28/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يواجه لاجئون سوريون يعيشون في الدنمارك تحدّياً كبيراً يتمثّل في ترحيلهم إلى بلدهم بعدما رفضت سلطات الهجرة الدنماركية تجديد بطاقات الإقامات التي كانت بحوزتهم والتي كانت تسمح ببقائهم في الدنمارك خلال السنوات الماضية. فقد انقلبت حياتهم اليوم رأساً على عقب، ولم يعد أمامهم سوى خيارين لا ثالث لهما. وحتى الآن لا توجد إحصائية دقيقة حول أعداد اللاجئين السوريين الذين رفضت كوبنهاغن تجديد وثائق الإقامة التي بحوزتهم، إلا أن أعدادهم تقدّر بالمئات، بحسب ما كشف لـ"العربية.نت" مصدر أوروبي يعنى بحقوق اللاجئين في عموم القارة الأوروبية. وشدد المصدر على أن "لدى كل دولة في الاتحاد الأوروبي قوانين وشروطا مختلفة لإقامة اللاجئين على أراضيها، ولهذا لا يمكن للاتحاد إلغاء أو تعديل قوانين تعمل عليها بعض تلك الدول مثل الدنمارك التي ترفض تجديد إقامات مئات اللاجئين السوريين". إلى ذلك، تحدّثت "العربية.نت" مع عشرات اللاجئين السوريين الذين رفضت السلطات الدنماركية تجديد إقاماتهم، ولكلٍّ منهم قصةٌ تختلف عن الآخر، لكنها جميعاً تتقاطع في نقطة واحدة تكمن في رفض العودة إلى سوريا ومناشدتهم المنظمات والهيئات الدولية المعنية باللاجئين بالتدخل لمنع ترحيلهم رغم أن العشرات منهم فقط تم نقلهم بالفعل إلى مراكز للاحتجاز تمهيداً لترحيلهم لاحقاً إلى بلدهم. وفي السياق، قال محمد غزال، وهو لاجئ ينحدر من العاصمة دمشق ويعيش في الدنمارك منذ حوالي 8 سنوات: "لقد وصلت إلى هذا البلد بطريقة غير شرعية عام 2014، وحصلت فيه على إقامة الحماية المؤقتة التي يتم تجديدها سنوياً، ومن ثم التحقت بي عائلتي في العام 2016". من دمشق وغير مطلوب للخدمة كما أضاف أن "الدنمارك رفضت تجديد إقامته عام 2021، ومنذ ذلك الحين تمّ استدعاؤه لمقابلتين، لكن حتى الآن لم يتلق رداً بشأن تجديد أو رفض إقامته ثانية، وهي قيد الدراسة منذ نحو عام ونصف"، قائلا "لذلك حياتنا غير مستقرة، إذ لا يمكنني مغادرة البلاد لأنني لا أملك جواز سفر". كذلك كشف أن "السلطات بررت عدم تجديد إقامته لكونه من دمشق وغير مطلوب للخدمة العسكرية الاحتياطية". وتابع "هكذا بتُّ معلقاً في هذا البلد مع زوجتي وأولادي الثلاثة، الذين تأثّروا برفض تجديد إقامتي، فنحن لا نعرف إن كنا سنبقى هنا أو سيتم ترحيلنا". وتمنح الدنمارك اللجوء السياسي لكل من لا يتعدى سن 43 عاماً إذا كان مطلوباً للخدمة الإلزامية كعنصر احتياط. وبما أن غزال كان يبلغ من العمر 44 عاماً عند وصوله إلى الدنمارك، تم منحه الإقامة المؤقتة باعتباره لم يكن مطلوباً لأداء الخدمة العسكرية كعنصر احتياطي. إلى ذلك، أضاف "رغم أنني أعمل ولا أحصل على مساعدات من الدولة، وزوجتي تدرس الصيدلة في الجامعة، وأولادي يتابعون تعليمهم، إلا أن عدم معرفتنا بما سيحل بنا، سبب لنا الكآبة، حتى إن ابنتي في مرحلة ما كانت ترفض تعليم اللغة الدنماركية، وكانت تقول ربما يرحلوننا، فلماذا نتعلم لغة هذا البلد؟". "مسألة مستحيلة" وعبّر اللاجئ السوري عن مخاوفه من ترحيله إلى سوريا، لافتاً إلى أنه يرفض العودة إلى بلدٍ غير آمن كموطنه الأصلي، واصفاً قبوله بالعودة بـ "مسألة مستحيلة"، وأنها تجعله يعيش بقلقٍ مع أسرته بعدما رفضت السلطات تجديد إقامته لكونها ترى في دمشق منطقة آمنة بإمكانه العودة إليها مع عائلته. وتبدو مشكلة هذا اللاجئ السوري أقل تعقيداً بالمقارنة مع لاجئة أخرى تدعى مريم عبدالكريم تبلغ من العمر 19 عاماً، فهي تلقت قراراً بترحيلها رغم أنها تنتظر مولودها الأول. ترحيل امرأة حامل وقالت عبدالكريم لـ"العربية.نت": "لا أعرف كيف يمكن للسلطات أن تفكر بترحيل امرأة حامل مثلي إلى بلدها لاسيما أن كل أفراد أسرتي يقيمون في الدنمارك وليس لدي أحد في سوريا في الوقت الحالي". كما أضافت أن "السلطات أرسلت لها قرار الترحيل مرفقاً بكتيب عن كيفية تنفيذه فيما لو كانت ستكون طوعية أو بالإرغام بعد نقلها إلى مركز للاحتجاز"، مشددة على "أنها ترفض ترك عائلتها في الدنمارك والتوجه لسوريا التي لا تبدو آمنة حتى الآن". وتابعت: "كان لدى عائلتي منزل في رأس العين، لكن اليوم لا يمكننا العودة إلى تلك البلدة لأنها تخضع لسيطرة الجيش التركي". كما كشفت أنها كانت اللاجئة الوحيدة في المدينة الدنماركية التي تقيم فيها والتي رُفِض تجديد إقامتها رغم أن لدى زوجها إقامة سارية المفعول. "ترحيل بطعم الانتحار" وبالنسبة إلى عبدالكريم وغزال ولاجئين آخرين تحدّثت إليهم "العربية.نت"، فإن ترحيلهم إلى سوريا يشبه "الانتحار"، على حدّ تعبيرهم. فيما تتخذ الدنمارك موقفاً متشدداً من تجديد إقامة مئات اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى أراضيها قبل قرابة 10 سنوات، حيث ترفض تجديد إقاماتهم وتعتبر أن بلدهم بات آمناً وبإمكانهم العودة إليه، وهو أمر لا ينطبق مع موقف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي من مسألة اللاجئين السوريين. ولم تتراجع كوبنهاغن عن سياساتها هذه رغم الانتقادات اللاذعة من قبل مؤسسات دولية تعنى بحقوق الإنسان مثل "هيومن رايتس ووتش" التي اتهمت في منتصف شهر مارس الماضي السلطات بالتمييز في المعاملة بين اللاجئين السوريين والأوكرانيين.

مشاركة :